دعت الرئيسة التنفيذية للاتحاد العالمي للسمنة جوهانا رالستون إلى إعلان "السمنة" حالة طوارئ عالمية تستدعي حشد الجهود الدولية لمكافحتها.
وقالت رالستون لسكاي نيوز عربية: "لقد حان الوقت لكي تعترف منظمة الصحة العالمية بالسمنة كحالة طوارئ عالمية"، مؤكدة على الطبيعة الحرجة لهذا المرض الذي يهدد بتقويض التقدم الصحي العالمي.
ووفق تقرير صادر عن الاتحاد العالمي للسمنة، فإن المشاكل الصحية التي تسببها السمنة المفرطة يمكن أن تتسبب في إنفاق 1.2 تريليون دولار سنوياً اعتباراً من عام 2025 حيث تعد السمنة والتدخين العاملين الرئيسيين وراء ارتفاع أعداد المصابين بالسرطان والنوبات القلبية والسكتات الدماغية والسكري في جميع أنحاء العالم.
بطاقة معلوماتية .. ماذا يعني إعلان السمنة حالة طوارئ عالمية؟
لم يتم إعلان السمنة رسميًا كحالة طوارئ صحية عالمية من قبل منظمة الصحة العالمية (WHO) بنفس الطريقة التي تم بها إعلان تفشي الأمراض المعدية مثل COVID-19.
ومع ذلك، فإن فكرة إعلان السمنة كحالة طوارئ صحية عالمية قد تعكس التقدير المتزايد للسمنة كأزمة صحية عامة عالمية تتطلب تحركًا عاجلاً ومنسقًا على المستويات الدولية.
ويعني إعلان السمنة كحالة طوارئ صحية عالمية الاعتراف بأن السمنة ليست مجرد قضية وطنية ولكنها قضية عالمية تؤثر على ملايين الأشخاص عبر دول وثقافات ومستويات اجتماعية واقتصادية مختلفة.
وسيعني ذلك أن المجتمع الدولي يعترف بالعواقب الصحية والاجتماعية والاقتصادية الخطيرة للسمنة، بما في ذلك دورها في زيادة خطر الإصابة بالأمراض المزمنة مثل داء السكري من النوع الثاني وأمراض القلب والسكتة الدماغية وبعض أنواع السرطان.
- التوعية والعمل العالميان: سيرفع من مستوى الوعي العالمي حول خطورة وباء السمنة والحاجة إلى استراتيجيات شاملة لمكافحته، بما في ذلك تغييرات السياسات والمبادرات الصحية العامة والتدخلات المجتمعية.
- التعاون الدولي: مثل حالات الطوارئ الصحية العالمية الأخرى، سيشجع إعلان السمنة كحالة طوارئ صحية عالمية على التعاون والتعاضد الدوليين في البحث وتطوير السياسات وتنفيذ استراتيجيات فعالة للوقاية من السمنة وإدارتها.
- تخصيص الموارد: قد يؤدي إلى زيادة تخصيص الموارد لبحوث السمنة وبرامج الوقاية وخيارات العلاج، بما في ذلك التمويل من الحكومات والمنظمات الدولية والقطاع الخاص.
- تغييرات السياسات والبيئة: سيكون هناك تأكيد أقوى على إنشاء سياسات وبيئات تعزز الأكل الصحي والنشاط البدني، مثل تنظيم تسويق الأطعمة غير الصحية للأطفال، وتحسين توصيف الطعام، وتحسين التخطيط الحضري لتشجيع النقل النشط.
- تعزيز نظام الرعاية الصحية: ستحتاج أنظمة الرعاية الصحية في جميع أنحاء العالم إلى التكيف لتحسين الوقاية من السمنة وعلاجها، بما في ذلك التدريب للمهنيين الصحيين، ودمج إدارة السمنة في الرعاية الأولية، والوصول إلى خيارات العلاج بأسعار معقولة.
- معالجة العوامل الاجتماعية: مع التعرف على السمنة كقضية معقدة ذات جوانب متعددة، سيكون هناك تركيز أكبر على معالجة العوامل الاجتماعية التي تساهم في السمنة، مثل انعدام الأمن الغذائي والوضع الاقتصادي الاجتماعي والوصول إلى أماكن آمنة للنشاط البدني.
بينما لم يتم إجراء مثل هذا الإعلان، فإن التقدير المتزايد للسمنة كقضية صحية عامة حرجة من قبل السلطات الصحية العالمية، بما في ذلك منظمة الصحة العالمية، يؤكد على الحاجة إلى جهود مشتركة.
نصيحة إلى مصر: زيادة هذه الضرائب قد تنقذ الصحة
مع بلوغ معدل السمنة 32% في عام 2020، صُنفت مصر ضمن أكثر 20 دولة على مستوى العالم وضمن أكثر 10 دول في المنطقة العربية من حيث انتشار السمنة. وتُعد السمنة مشكلة متزايدة على الرغم من الجهود المبذولة على أرض الواقع.
وقدمت رالستون نصائح محددة للحكومة المصرية، داعية إلى زيادة الضرائب على المنتجات التي تحتوي على سكر مرتفع كوسيلة للحد من استهلاك الحلويات غير الصحية.
وقالت رالستون: "تظهر بحوثنا والأدلة من دول أخرى أن فرض ضرائب على الحلويات والمنتجات ذات المكونات السكرية يمكن أن يؤدي إلى انخفاض كبير في الاستهلاك".
وأكدت على الفوائد المزدوجة لمثل هذه السياسة: تقليل معدلات السمنة وتوليد إيرادات يمكن إعادة استثمارها في برامج تعزيز الصحة والوقاية من السمنة.
وأضافت "الأمر لا يتعلق فقط بالضريبة؛ إنه يتعلق بإشارة إلى تغيير في كيفية نظرنا واستهلاكنا للطعام".
تحولات ثقافية في الخليج: نحو تقاليد أكثر صحة
واعتبرت رالستون أن تغيير ثقافة استهلاك الطعام في الخليج سيكون عاملا حاسما، داعية إلى مزيج من الممارسات الغذائية التقليدية والحديثة التي تعطي الأولوية للصحة.
"من المهم أن نعتز بتراثنا الغذائي ومطابخنا التقليدية، لكن مع إجراء تعديلات تتماشى مع نمط الحياة الصحي".
وبحسب رالستون، يشمل ذلك تعزيز استهلاك الأطعمة التقليدية الغنية بالمغذيات واستكشاف طرق مبتكرة لدمج مكونات صحية في هذه الأطباق.
تفاحة "ميشيل أوباما"
أشادت رالستون بمبادرة السيدة الأولى السابقة في الولايات المتحدة ميشيل أوباما لتضمين خيارات أكثر صحة مثل التفاح ضمن وجبات الأطعمة السريعة، كنموذج لكيفية أن التغييرات الصغيرة يمكن أن تؤدي إلى فوائد صحية كبيرة.
وقالت: "جهود ميشيل أوباما تظهر لنا أن التغيير ممكن عندما نعمل معًا مع عمالقة صناعة الأغذية لإعطاء الأولوية للصحة".
وترى رالستون في نموذج "تفاحة ميشيل أوباما" نموذجا للشراكات الممكنة على مستوى العالم بين واضعي السياسات وسلاسل المطاعم الكبيرة، بهدف الوصول الأكثر انتشارا وجعل خيارات الطعام الصحية أكثر إمكانية وجاذبية.
نهج شامل لمكافحة السمنة
وأعادت رالستون التأكيد على الحاجة إلى نهج شامل ومتعدد الجوانب لمعالجة السمنة.
"يجب أن نشرك جميع قطاعات المجتمع في هذه المعركة، من صانعي السياسات إلى الآباء، لقلب الموازين ضد السمنة"، مؤكدة على أهمية التعليم والوعي ومبادرات المجتمع في تعزيز سكان عالميين أكثر صحة.
واعتبرت أن "السمنة ليست مجرد قضية صحية؛ إنها قضية اجتماعية تؤثر علينا جميعًا"، داعية إلى اتخاذ إجراءات عاجلة وتضامن في مواجهة هذه الأزمة العالمية.
أحدث التقديرات الدولية
- كشفت تقديرات محدثة لمنظمة الصحة العالمية ومجموعة من الباحثين الدوليين أن أكثر من مليار شخص على مستوى العالم يعتبرون الآن مصابين بالسمنة، وهي حالة مرتبطة بزيادة خطر الإصابة بالعديد من المشكلات الصحية الخطيرة.
- وقالت دراسة في مجلة "ذا لانسيت" إن معدلات السمنة لدى البالغين زادت بأكثر من المثل بين عامي 1990 و2022، وبأكثر من أربعة أمثال بين الأطفال واليافعين الذين تتراوح أعمارهم بين 5 و19 عاما.
- أشارت الدراسة إلى أن معدلات السمنة كانت أكبر في بعض البلدان المنخفضة والمتوسطة الدخل بما يشمل مناطق من البحرالكاريبي والشرق الأوسط.