كشفت وكالة بلومبرغ أن النجاح الذي أنجزته رئاسة مؤتمر COP28 بالتوصل إلى أول اتفاق في العالم للتحول بعيداً عن الوقود الأحفوري، جاء بعد ماراثون شاق من المفاوضات على مدار أسبوعين.
ففي كواليس القمة، بحسب الوكالة، كانت هناك دموع وأحضان، وسط احتفالات المفوضين المنهكين بإنجاز مهم في معركة العالم ضد الاحتباس الحراري.
وذكرت أنه في الوقت الذي يرزح فيه كوكب الأرض تحت وطأة العام الأكثر سخونة على الإطلاق، أصرت دول عديدة أخيراً على تعهّد العالم هذه المرة بالتحوّل بعيداً عن كل أنواع الوقود الأحفوري، أو "التخلص منها تدريجياً".
وعلى الرغم من الاتفاق في قمة غلاسكو 2021 على خفض استخدام الفحم فقط، إلا أن تحالفاً يضم الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي والدول الجزرية المعرضة للخطر، سعى إلى تطرق "كوب 28" هذه المرة إلى قضية التحول بعيداً عن النفط والغاز أيضاً.
انطلاقة واعدة
وشهد مؤتمر "كوب 28" بداية واعدة مع سلسلة من الإعلانات التي تضمنت مبادرات بمليارات الدولارات لدعم الحلول الخضراء والمجتمعات المعرضة للخطر. واتفقت الدول قبل الموعد المحدد على كيفية إدارة صندوق لتعويض الدول الفقيرة عن الأضرار المناخية، مذللة عقبة كانت لتعرقل هذه المساعي.
كما طلب رئيس المؤتمر سلطان الجابر من أكثر من 50 شركة نفط وغاز كبرى أن تتعهد بوقف انبعاثات غاز الميثان. ولكن بعد ذلك كادت المفاوضات أن تخرج عن مسارها الصحيح.
تعاون أميركي-صيني
كان جون كيري، مبعوث المناخ الأميركي، ونظيره الصيني شي تشن هوا، شخصيتين محوريتين في جمع البلدان معاً بعدما توصلا إلى توافق في الآراء خلال اجتماعهما في كاليفورنيا الشهر الماضي. وكانت العلاقة الخاصة بين الدبلوماسيين المخضرمين -التي تطورت بعد سنوات من الجلوس مقابل بعضهما البعض على طاولة المفاوضات- عاملاً رئيسياً في التقدم المناخي العالمي على مر السنين.
قد تكون هذه هي المرة الأخيرة التي يشكل فيها الاثنان مركز القوة في محادثات مؤتمر الأطراف، حيث من المتوقع تقاعد شي، وليس من الواضح ما إذا كان كيري، الذي بلغ الثمانين من عمره في وقت سابق من الأسبوع الماضي، سيبقى في منصبه. وتضمنت اجتماعاتهما العديدة في دبي احتفالات بعيد ميلاد كيري، حيث قدّم شي له سلسلة من الصور المؤطرة لهما معاً، وأعطى حفيده للمبعوث الأميركي بطاقة.
عمل متواصل
عمل المفاوضون حتى ليل الثلاثاء، وعدّلا لغة القرار في محاولة لإرضاء جميع الأطراف. وشمل ذلك الهند التي تعتمد على الفحم. وكانت الدول النامية، وخصوصاً في أفريقيا وأميركا الجنوبية، ترغب في الحصول على التزامات ممهورة بالدعم المالي مع التأكد من وضع ظروفها الاقتصادية في عين الاعتبار.
كانت الاجتماعات الدولية السابقة بمثابة اللبنات الأساسية للاتفاق. واستلهمت التعديلات ثلاث كلمات رئيسية من البيان الصادر مؤخراً عن منتدى جزر المحيط الهادئ، وهي: "التحول بعيداً عن" الوقود الأحفوري بدلاً من "التخلص التدريجي" أو "الخفض التدريجي". فيما تم استشفاف اللغة التي تجبر الدول على وضع تعهدات مناخية طموحة وواسعة النطاق لعام 2035 من بيان مشترك صدر بعد اجتماع شي وكيري في نوفمبر الماضي.
دعم إماراتي سعودي لصفقة المناخ
من جهته، قدّم عدنان أمين، الرئيس التنفيذي لـ"كوب 28" أول بادرة أمل حوالي الساعة الثامنة مساءً يوم الثلاثاء. وقال بعد خروجه من مكاتب هيئة المناخ التابعة للأمم المتحدة للحظة وجيزة، إن المندوبين يوشكون على التوصل إلى اتفاق.
وبحسب بلومبرغ، ظهرت النتيجة الأكيدة يوم الأربعاء. وعلى الرغم من أنها لم ترضِ جميع الأطراف، لكنها كانت مقبولة لدى الجميع، ويمكنهم التعايش معها في الوقت الراهن.
شهادة في حق الجابر
على الرغم من ذلك، فإن نتيجة المؤتمر تعتبر شهادة بحق الجابر، الذي وصف علاقاته في صناعة الوقود الأحفوري كأحد الأصول، وراهن على قدرته في إحداث توافق مع الدول التي تعتمد على أرباح النفط الوفيرة.
اختتمت وزيرة البيئة الكولومبية: "لا أعتقد أن أي شخص آخر كان بمقدوره القيام بذلك. فعلى الرغم من كل التناقضات، وإقامة المؤتمر في قلب العالم المنتج للنفط، فإن المطاف انتهى بنا إلى قبولنا التحول بعيداً عن الوقود الأحفوري".