قال أكاديميون وأطباء نفسيون إن الكوارث تخلق ردات فعل عنيفة على الصعيدين النفسي والجسدي لدى الإنسان، وهو ما ينتج عقب معايشة أي أزمة كبيرة كالأعاصير والبراكين أو الزلازل، مؤكدين أن الشخص يمر بفترتين إحداهما حادة تحتاج إلى شعور سريع بالأمان، وأخرى تستلزم متابعة نفسية قد تستغرق شهورا وأحيانا أعواما.
وشهدت تركيا وسوريا زلزالا مدمرا أسفر 18 ألف قتيل، في حين يواصل عمال الإنقاذ البحث عن ناجين عالقين تحت الأنقاض في ظلّ طقس شديد البرودة.
الزالزال الذي دمر ما يقارب من 10 آلاف منزل وأودى بحياة الآلاف، يحتاج المصابون والناجون منه إلى دعم وتأهيل لتجاوز آثار الصدمة في ظل مشاهد مرعبة لبيوت تتهدم فوق رؤوسهم، وفقدان الأحباب من أبناء وأزواج وأقارب وأصدقاء.
وحول كيفية التأهيل النفسي للناجين، يقول استشاري الطب النفسي جمال فرويز، في تصريحات خاصة لموقع "سكاي نيوز عربية":
- هناك حالة تسمى اضطراب ما بعد الصدمة تحدث لمن يتعرض لزلزال، حادث سيارة، انفجار، انهيار مبنى، حريق هائل.
- من ينجو من مثل هذه الحوادث يدخل في حالة اكتئاب تفاعلي، بعضها تزول بمرور الوقت.
- أما من لديهم جينات وراثية للمرض النفسي، فإنه بعد فترة ومع مجرد رؤية حدث مشابه أو التعرض له تحدث حالة تسمى "اجترار الذكريات السيئة" بصورة مشابهة لحالته وقت الحادث الأول وأحيانا في صورة أكبر.
- وأوضح أن الأعراض تكون صداع، جفاف حلق، لعثمة، زيادة ضربات الحلق، اختناق في منطقة الرقبة، تهيج القولون، اضطرابات شديدة بالنوم، أحلام مزعجة، عرق شديد، وقد تصل أحيانا إلى التبول اللاإرادي لمجرد التحدث عن الموضوع
وكيف نواجه صدمة ما بعد الكارثة؟
- الفترة الأولى (الحادة)، يكون مطلوبا خلالها توفير بشكل سريع للناجين كل عوامل الأمان من مأكل ومشرب وملبس ومكان للإعاشة وإشعارهم بالأمان ومدهم بالعاطفة.
- هناك عامل كبير على الزيارات المتكررة من أشخاص مختلفة والسؤال عن أحوالهم ما يعطي شعورا بالاطمئنان وأن أزمته يشاركه فيها الجميع.
- الفترة الثانية (المتابعة الحياتية والنفسية)، وتكون على الأقل لمدة 6 شهور وأحيانا تزيد وفق الحالة، نتابع حالته من حيث الشهية واضطرابات النوم ثم سلوكياته، هل هناك أي تصرفات معيبة؟، هل هناك تغير طرأ على هذا الشخص؟
- اعتبر فرويز أن الصدمة تكون أكثر تأثيرا لدى الشخص النائم الذي يستيقظ يجد نفسه تحت الأنقاض أو تهدم منزله أو فقد ذويه.
- يتم تأهيله نفسيا ولوجستيا، عبر الدعم وتوفير الاحتياجات والعاطفة وعوامل الأمان.
من جانبها، قالت الأكاديمية المصرية، سامية خضر أستاذ علم الاجتماع لـ"سكاي نيوز عربية":
- المواقف المروعة التي عاشها الشخص الناجي من الزلزال ستمثل كابوسا يلازمه وأزمة يعيش بها سيتجدد تأثيرها مع سماع أو مشاهدة أو حتى رؤية مشهد تمثيلي بالتلفاز.
- ستكون هناك تغيرات كبيرة في الأفكار والحالة المزاجية حيث يجنح الشخص للتشاؤم وأحيانا العزلة التامة حيث تسيطر عليه المشاعر السلبية تجاه نفسه وأيضا العالم.
مرحلة التعافي
- التعافي من الصدمة بعد أي كارثة يحتاج إلى وقت طويل يتخلله دعم نفسي واجتماعي كبير من أجل تخطي المرحلة الأولى التي تكون أكثر صعوبة ومن ثم تقليل من خطورة تأثيراتها المستقبلية.
- الأطفال هم الأكثر عرضة للتداعيات النفسية الأكبر حيث ستزداد مرور العمر الحساسية المفرطة وصعوبة التركيز والنوم مع الاتجاه أكثر إلى السلوك العدواني ومحاولة جذب انتباه الآخرين.