تمكن مرصد الختم الفلكي التابع لمركز الفلك الدولي، فجر اليوم الأحد، من رصد وتصوير ظاهرة فلكية نادرة شوهدت من مناطق في دولة الإمارات تتمثل باختفاء نجم لمدة 8 ثواني، وذلك بسبب بمرور كويكب اسمه "ثولي" (279 Thule) أمام أحد نجوم برج الثور يسمى (HIP 20917).
ولا يمكن رصد هذه الظاهرة إلا من مناطق معينة تقع داخل شريط ضيق لا يتجاوز عرضه 130 كيلومتر كان يعبر النصف الجنوبي من دولة الإمارات وبعض الدول المجاورة، ومنها أجزاء من سلطنة عمان وقطر والبحرين وشمال السعودية وجنوب الأردن وجنوب فلسطين. وقد تصادف مرور هذا الشريط الضيق فوق مرصد الختم الفلكي في منطقة الختم في إمارة أبوظبي، وذلك بحسب مركز الفلك الدولي.
وقال المهندس محمد شوكت عودة، مدير مركز الفلك الدولي، إن قطر الكويكب "ثولي" بلغ 126 كيلومتر فقط، وكان يقع وقت الاحتجاب على مسافة 474 مليون كيلومتر من الأرض، في حين يبعد عنا النجم 37 سنة ضوئية. وبينت الحسابات الفلكية المسبقة بالنسبة لموقع المرصد أن الكويكب سيعبر أمام النجم ويبدأ الاحتجاب يوم السبت 24 ديسمبر في الساعة 03 فجرا و28 دقيقة بتوقيت الإمارات، ويستمر الاحتجاب لمدة 8 ثواني فقط، وخلال هذه الفترة يختفي النجم عن الأنظار بسبب مرور الكويكب الخافت أمامه.
واستعدادا للاحتجاب، تم توجيه التلسكوب الرئيسي لمرصد الختم الفلكي والبالغ قطره 14 إنش نحو النجم في الساعة الثالثة فجرا، وفور توجيه التلسكوب نحوه شوهد من خلال الأجهزة بوضوح، وبقي النجم ظاهرا إلى أن اختفى في الساعة 03 فجرا و27 دقيقة و59.953 ثانية، واستمر الاحتجاب لمدة 8 ثواني إلى أن عاد النجم بالظهور في الساعة 03 فجرا و28 دقيقة و08.460 ثانية.
وأضاف مدير مركز الفلك الدولي أن هذا الرصد من الأرصاد الفلكية الصعبة لعدة أسباب، منها الخفوت النسبي للمعان النجم والكويكب، فالنجم يلمع من القدر 7.7 والكويكب يلمع من القدر 14.6، وهذه القيم تحتاج إلى كاميرا حساسة لتتمكن من تصوير النجم خلال مدة تعريض مقدارها 0.03 ثانية فقط. كما أن الاحتجاب حدث والنجم يقع على ارتفاع منخفض في السماء يبلغ 25 درجة فقط، مما يجعله أخفت ظاهريا ويزيد من اضطرابات الغلاف الجوي عليه. ولفت إلى أن الاحتجاب حدث بعد مرور كتلة من السحب غطت المنطقة لعدة ساعات قبل الاحتجاب، وبقيت السماء صافية لفترة وجيزة وقت الاحتجاب ليدخل بعد أقل من ساعة من الاحتجاب غطاء سحابي كبير.
تجدر الإشارة إلى أن احتجاب النجوم من قبل الكويكبات عادة ما تكون فورية لأن النجوم مصادر نقطية لا قطر يذكر لها كما يشاهد من الأرض، إلا أنه وفي حالات قليلة لا يحدث الاحتجاب بشكل فوري ويختفي النجم تدريجيا، وهذا ما حدث في هذا الاحتجاب حيث احتاج النجم إلى حوالي ثانية واحدة تقريبا ليختفي بشكل كامل، مما يشير إلى أن لهذا النجم قطرا ظاهريا ملموسا.
وتعتبر الاحتجابات الفلكية من الظواهر الفلكية التي تقدم معلومات قيمة للعلماء، فمن خلالها تمت العديد من الاكتشافات ومنها اكتشاف حلقات كوكب أورانوس ونبتون، وتحديد الأقطار الظاهرية لبعض النجوم، وتحديد شكل حواف القمر وتحديد شكل وأحجام بعض الكويكبات، وتحديد وتنقيح مدارات كواكب وكويكبات المجموعة الشمسية، ومن أهم الاكتشافات التي تمت من خلال رصد الاحتجابات هو اكتشاف أقمار لبعض الكويكبات. لذا يولي مركز الفلك الدولي أهمية كبرى لمثل هذه الظواهر، ويقوم بتزويد نتيجة أرصاده للجهات العالمية المعنية بهذه الأرصاد، ومنها منظمة توقيت الاحتجابات الفلكية في الولايات المتحدة.