تلعب العادات دوراً مهما في حياتنا، حيث نقوم يوميا بسلوكيات تلقائية بنظام مشابه للطيار الآلي العقلي، وبدون تفكير،حتى لا يضطر الدماغ إلى استخدام التفكير الواعي لأداء النشاط المتكرر، مما يسمح له بالتركيز على أشياء مختلفة.
ويقول الدكتور راسل بولدراك، عالم الأعصاب بجامعة تكساس: "الآلية العامة التي نبني بها العادات الإيجابية أو السلبية هي نفسها، سواء كانت عادة للإفراط في تناول الطعام أو عادة للعمل دون التفكير حقا في التفاصيل، ويعتمد كلا النوعين على آليات الدماغ ذاتها".
ويضيف بولدراك: "هناك فرق واحد مهم بين نمط العادات، وهو تلك العادات القائمة على المتعة، إذ يمكن للسلوكيات الممتعة أن تحفز الدماغ على إفراز مادة الدوبامين، ومع تكرار ما نقوم به، فإن العادة تصبح أكثر قوة، ويصبح من الصعب كسرها، لأن الدوبامين يخلق الرغبة في القيام بها مرة أخرى".
هل الدوبامين المتهم الوحيد في ممارستنا العادات السلبية؟
يجيب الدكتور روي بوميستر، عالم النفس في جامعة فلوريدا بأن معظم عاداتنا السيئة ناتجة عن التوتر والملل، إذ يمكن أن يكون كل شيء استجابة بسيطة للتوتر والملل، بدء من قضم الأظافر إلى التدخين بشراهة أو إضاعة الوقت في تصفح الإنترنت.
وبحسب الدكتور بوميستر قد يبرز على السطح عامل التوتر أو الملل لكنّ الأسباب في الواقع هي نتاج مشكلات عميقة، الأمر الذي يستدعي إجراء تغييرات جذرية مبنية على الصدق مع أنفسنا أولا، قبل محاولة كسر العادات السيئة.
من ناحية أخرى، يقول الدكتور جود بروير عالم أعصاب متخصص في القلق وتغيير العادات: "نظرا لأن العادات السيئة توفر لنا نوعا من الفوائد في حياتنا، فمن النادر أن تنجح النصائح المبسطة مثل "توقف عن فعل ذلك، أنت تضر نفسك".
بدلا من ذلك، نحتاج إلى استبدال عادة سيئة بعادة جديدة، توفر فائدة مماثلة، يمكن الوصول إليها من خلال اتباع الاستراتيجيات التالية:
احصل على الدافع
من المهم تحديد وتدوين أسباب الرغبة في التغيير؟ وماهي سلبيات استمرار السلوك؟ ثم ما هي إيجابيات التغيير؟ ويفضل الاحتفاظ بهذه القائمة لإلقاء نظرة عليها من أجل التحفيز.
تحليل العادة
متى وأين ولماذا؟ وكيف تتم ممارسة العادة السيئة؟ وماهي الظروف التي تساعد على ممارستها؟ لابد من فهم السلوك قبل تغييره، وقد يساعد استخدام مفكرة لمراقبة العادة لمدة أسبوع أو شهر وتدوين كل الملاحظات.
بناء خطة والبدء بخطوات صغيرة
بمجرد تحديد المشكلة، يبدأ التركيز على الحل، لكن البدء على نطاق صغير وتحقيق إنجازات أكبر فأكبر على طول الطريق يعد نهجا أكثر أمانا.
اقطع أكبر عدد من المحفزات
من السهل على الأشخاص التخلص من العادات السيئة عن طريق تجنب الأشياء التي تسببها، لذا يعتبر تغيير البيئة المحفزة للعادة القديمة أفضل لتغيير النتيجة.
اختر بديلا عن عادتك السيئة
أظهرت الأبحاث أن استبدال السلوكيات غير المرغوب فيها بأنشطة أخرى، طريقة فعالة للتخلص من عادة سيئة. على سبيل المثال اضغط بقبضتيك بدلًا من قضم أظافرك، أو اذهب للجري لمسافة قصيرة بدلا من تدخين سيجارة.
عزز عادتك الجديدة
تعد مكافأة النفس بشيء لطيف بعد إجراء تغييرات صغيرة احتفاء بالمال أو الوقت أو الطاقة التي تم توفيرها، حافزا قويا للاستمرار في الانسحاب من العادة السيئة دون الشعور بالغضب أو التعب.
تضافر جهودك مع شخص ما
سيكون من الأسهل التخلص من عادة سيئة عندما يحصل الشخص على مساعدة من شبكة دعم، كاختيار تحدي مع صديق للتخلص من عادة مشتركة أو مشاركة الخطة مع الآخرين للمساعدة على الالتزام بها.
المثابرة والتعامل مع الفشل
عند محاولة تغيير السلوك يستغرق العقل بعض الوقت لتكوين صلاتٍ جديدة وليبدأ نمطاً جديداً من السلوك، لذلك لا ينصح بالضغط على النفس، لأن التغيير لا يحدث على الفور. لكنّ الالتزام بالتخلي عن العادة السلبية على المدى الطويل، مع توقع بعض الأخطاء، هو مفتاح النجاح.