كشفت صحيفة "نيويورك تايمز" الأميركية عن مفاوضات تُجريها شركة "بايت دانس" الصينية، المالكةُ لمنصة "تيك توك"، مع وزارة العدل الأميركية، للوصول إلى اتفاق أمني يضمن استمرارية عمل المنصة داخل الولايات المتحدة.
ويرى مراقبون أن هذه المفاوضات تنطوي على الكثير من الأحداث والخلافات السياسية بين بكين وواشنطن، منذ عهد الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب وحتى اليوم.
فمنصة تيك توك الصينية التي كانت تنبُذها إدارةُ ترامب، قد تكون المنصةَ "الصديقةَ" للولايات المتحدة في عهد الرئيس الحالي جو بايدن.
فوفق صحيفة "نيويورك تايمز"، تُجري تيك توك مفاوضات إبرام اتفاق أمني مع سلطات وزارة العدل الأميركية، مع اشتراطها التخلي عن فكرة التغيير في هيكل ملكية المنصة.
وتتحدث المعلومات المتاحة حاليا عن جهات أميركية أخرى خلاف وزارة العدل الأميركية تقود هذه المفاوضات، منها وزارة الخزانة التي تلعب دورا رئيسا في الموافقة على الصفقات التي تنطوي على مخاطر الأمن القومي، إضافة إلى ممثلي لجنة الاستثمار الأجنبي في أميركا.
ووفق مراقبين، لا تخلو هذه المفاوضات من تبعات سياسية تعود إلى عام 2020، فقي ذلك الوقت، تعامل ترامب مع تيك توك كرمز للحرب الباردة بين واشنطن وبكين. وطالب بحظرها على متاجر التطبيقات الشهيرة، لتعود القضيةُ مرة أخرى إلى الواجهة عقب تقرير صحفي لشركة "Buzz Feed" الأميركية، حيث أكد إمكانية وصول موظفي شركة بايت دانس في الصين إلى بيانات الأميركيين.
وقد أفصحت "نيويورك تايمز" عن شروط ثلاثة تقترحها الحكومة الأميركية على الشركة المالكة لتطبيق تيك توك، وهي:
- تخزين البيانات في خوادمَ سحابيةٍ داخل الولايات المتحدة.
- فلترةُ المحتوى الخاص بالمنصة لضمان عدم تأثيره على الرأي العام الأميركي.
- مطالبة تيك توك بإنشاء مجلس من خبراءَ أمنيين، يقدّم تقاريرَه إلى الحكومة بصفة دورية للإشراف على عملياتها في الولايات المتحدة.
حرب باردة
قال الخبير في أمن وتكنولوجيا المعلومات رائد سمور، إن ما يحدث اليوم في هذا الإطار هي مسودة اتفاق وليس اتفاقا، وهي فضفاضة، وفيها بعض البنود غير واضحة.
واعتبر رائد سمور أن هذا النزاع الرقمي بين الصين والولايات المتحدة سببه المحاكاة، فأميركا تقوم بنفس ما تقوم به الصين عبر تيك توك عبر أدواتها الرقمية كفيسبوك وميتا وغوغل وغيرهم، من تخرين بيانات المستخدمين والتأثير على الرأي العام ومراقبة المحتوى ومراقبة الخوارزميات وتوجيه الرأي العام.
وأوضح أن الصراع بين الولايات المتحدة والصين "أمني"، بين وكالات الأمن القومي داخل بكين وواشنطن، مضيفا "فهذه التطبيقات هي عبارة عن حرب باردة بين هذين الجهتين، فالسيطرة على المعلومات والحصول على إذن استخدام البيانات التي تفرض على المستخدمين الإدلاء بها في هذه الدول، هو هاجس مقلق جدا للولايات المتحدة".
وأبرز أن هذه المعلومات تستخدم لتوجيه الرأي العام والتأثير على نمط معيشته وقراراته الانتخابية وهو ما يقلق أميركا، ليحل الخوف الأكبر من توجه الاستثمارات الخاصة بالشركات الكبرى نحو الشركات الصينية وبالتالي إحياء الاقتصاد الصيني، وبالتالي فشل العقوبات الأميركية المفروضة على الصين.