ترتبط صحة الإنسان ورفاهيته ارتباطاً وثيقاً بأحوال الطقس والمناخ، فكلما كان الطقس معتدلاً كلما كانت حياة البشر أكثر استقرارا من الناحية الصحية والعملية، في حين يؤثر الطقس "المتطرف" سلباً على حياة البشر، خصوصاً في الآونة الأخيرة حيث تشهد عدة دول في العالم موجة حرّ شديدة.
الحالة النفسية
ويجهل الكثيرون أن حرارة الطقس المرتفعة، تؤثر سلباً على الحالة النفسية للبشر، وهي تدفع البعض منهم للشعور بالعصبية والغضب تجاه أي مشكلة يتعرضون لها.
ويقول طبيب الصحة العامة الدكتور جوزف أيوب في حديث لموقع "سكاي نيوز عربية"، إنه مما لا شك فيه إن حرارة الطقس المرتفعة تخلق "إحساساً غير مريح" لدى الإنسان، خصوصاً أن جسم الإنسان الذي يمتص الحرارة من البيئة المحيطة به، يفقد القدرة على تنظيم أموره عند تعرضه للحرارة المرتفعة لفترات طويلة.
استثارة الأعصاب
ويضيف أيوب إنه من الناحية العلمية فإن أجسام البشر غير مهيأة للتعامل مع الجو الحار الذي يتجاوز الـ 35 درجة مئوية، ما يتسبب بتدهور قدرة الإنسان على العمل والتفكير بكفاءة، ويؤدي الى استثارة أعصابه وفقدانه إمكانية تحقيق الإنتاجية المعهودة إلى جانب الشعور بالإحباط.
ويلفت طبيب الصحة العامة الى أن الشعور بالغضب يحفز جسم الإنسان على إفراز هرمون الأدرينالين، الذي هو بدوره يؤدي إلى زيادة حدة الغضب والتوتر، فضلاً عن أنه يتسبب في زيادة خفقان القلب، وارتفاع ضغط الدم ما يساهم في زيادة عدوانية الفرد.
التغير المناخي
وبحسب أيوب فإن عدة دراسات علمية ربطت بين ارتفاع درجات حرارة الطقس وزيادة معدلات الانتحار، نظراً لتسبب "درجات الحرارة" بتدهور الصحة العقلية، محذراً من أن "التغيّر المناخي" والارتفاع المتوقع لدرجة حرارة الأرض في السنوات المقبلة سيكون له تأثير جوهري سلبي على حياة البشر.
الاضطرابات العاطفية الموسمية
من جهته يقول الدكتور محمد أيمن عرقسوسي استشاري العلاج النفسي في حديث لموقع "سكاي نيوز عربية"، إن من الشائع أن يشعر البعض بالتوتر أو الإحباط مع ارتفاع حرارة الطقس خلال فصل الصيف، وهو ما يُطلق عليه وصف "الاضطرابات العاطفية الموسمية" التي تجعل الانسان بوضع مزاجي سيء، مشيراً الى أن الطقس الحار يحرق الأعصاب أيضاً.
وبحسب عرقسوسي فإن الحرّ الشديد وما يترافق معه من رطوبة يحرم الكثيرين من النوم بهناء ويساهم في رفع معدلات الأرق بشكل نسبي، وبما أن النوم يُعد وظيفة أساسية لرفاهية جسم الإنسان، فإن الحرمان منه يعني فقدان القدرة على التفكير والتركيز والإدراك ما يسبب سوء الحالة المزاجية.
طرق التعامل
ويرى عرقسوسي أن الاطلاع على المعلومات المتعلقة بالطقس يمكن ان يساعد الأشخاص المعرضين للحرارة على فهم سُبل التعامل مع ما ينتظرهم، وذلك عبر تفادي الذهاب الى الأماكن المفتوحة والمشي تحت الشمس، وعدم ارتداء ملابس ضاغطة واللجوء الى ترطيب الجسم، عبر تناول كمية كافية من المياه الباردة، وممارسة الرياضة في الصباح الباكر أو المساء بدلاً من منتصف اليوم.
حق التكييف
ووفقاً لـ عرقسوسي فإن الحلّ الأمثل يكون بالتواجد في الأماكن المُكيفة، ما يلقي الضوء على ضرورة ان يصبح تكييف الهواء حقاً أساسياً من حقوق الإنسان في العالم في ظل مناخٍ آخذ في الاحترار، ما ينعكس بطريقة إيجابية على الصحة النفسية للإنسان.