تمكن باحثون ومهندسون مغاربة من تطوير جهاز فحص سريع عن الإصابة بعدوى فيروس كورونا، يعتبر الأول من نوعه في المغرب، ويكشف النتيجة في مدة لا تتجاوز 20 ثانية.
وقد حصل فريق الباحثين من المؤسسة المغربية للعلوم والابتكار والبحث العلمي المتقدم (MAScIR)، التابعة لجامعة محمد السادس متعددة التخصصات، على مصادقة من المختبرات المغربية والأجنبية المعتمدة، التي أكدت فعالية ونجاعة الجهاز الجديد.
ويكفي من يرغب في التأكد من إصابته بفيروس كورونا القيام بالمسحة الأنفية البلعومية، والانتظار لمدة 20 ثانية فقط قبل ظهور النتيجة على الهاتف الذكي المرتبط بجهاز الفحص السريع.
ويتوقع فريق البحث الذي أشرف على تصميم هذا الجهاز، أن يساهم بعد تعميم استعماله في المؤسسات العامة والخاصة والمرافق العامة، في العودة التدريجية للحياة الطبيعية وللنشاط الاقتصادي والسياحي.
صنع في المغرب
ومنذ الأيام الأولى لانتشار فيروس كورنا في المغرب على غرار باقي بلدان العالم، انطلق فريق مكون من 5 باحثين ومهندسين مغاربة في العمل على تطوير مشروع جهاز يسهل عملية الكشف عن الفيروس ويدعم الأمن الصحي في البلاد.
وقد تكللت جهود فريق العمل بالنجاح، بعد أن تمكنوا من تطوير جهاز محمول صغير الحجم، يعتمد تكنولوجيا الكشف بالأشعة تحت الحمراء وعلى نماذج الذكاء الاصطناعي المدمجة، دون الحاجة إلى اللجوء لمواد كاشفة.
ويقول وديع السعيدي المسؤول عن الهندسة الصناعية في مختبر الإلكترونيات الدقيقة التابع لمؤسسة (MAScIR) إن الجهاز يقوم بتحليل طيف الأشعة تحت الحمراء من العينات البيولوجية البلعومية، اعتمادا على تقنية تم دمجها ضمن برامج للذكاء الاصطناعي قصد التعرف على العينات السلبية من فيروس كورونا.
ويضيف السعيدي في تصريح لموقع "سكاي نيوز عربية"، أن من بين خصائص هذا الجهاز، إمكانية ربطه بالهاتف الذكي عبر تطبيق خاص، مما يسمح بقراءة نتيجة التحليل مباشرة عبر الهاتف المحمول.
ويؤكد المتحدث، أن الخبرة التي راكمتها كل من مؤسسة (MAScIR) في ميدان التكنولوجيات الحديثة ومركز الرقمنة والأجهزة الإلكترونية الدقيقة الذكية التابع لها، ساهمت في تطوير هذا الجهاز المغربي الصنع 100 بالمئة وإخراجه إلى الوجود.
ثلاث مراحل
وتدرج تصنيع هذا الجهاز عبر 3 مراحل أساسية، استهلت بإنشاء قاعدة عينات من فيروس كورونا، تلاها تطوير نماذج للذكاء الاصطناعي قادرة على التعرف على الفيروس، ثم مرحلة التحقق من مصداقية وفعالية الجهاز.
ويؤكد وديع السعيدي أن فريق الباحثين والمهندسين قد عمل منذ بداية أزمة كورونا، على تطوير الجهاز عبر مراحل، تم تدشينها بتجميع عينات من مستشفيات عديدة بالمملكة، وبناء قاعدة لعينات إيجابية وأخرى سلبية، استخدمت في عدد من التجارب بهدف تطوير الجهاز.
ويتابع المتحدث، أنه في سبتمبر الماضي تم تسجيل براءة اختراع على الصعيد الوطني والدولي، تلتها المصادقة على هذا الجهاز الجديد في نهاية السنة الفارطة من طرف مختبر البحث والتحليل الطبي للقوات المسلحة الملكية والدرك الملكي، بعد استيفاءه جميع المعايير واستكماله كل الاختبارات اللازمة.
ويشير مسؤول الهندسة الصناعية، إلى حصول الجهاز بداية السنة الجارية على تصريح باستعماله من طرف مديرية الأدوية والصيدلة التابعة لوزارة الصحة، قبل أن يتم إخراجه إلى السوق الوطنية.
العودة للحياة الطبيعية
ويشدد المهتمون بالمجال الطبي على الخصائص المهمة لهذا الجهاز والتي تخول فرز عينات "كوفيد 19" السلبية في زمن قياسي، من شأنه أن يساهم في عودة الحياة إلى طبيعته، واستئناف الأنشطة الاقتصادية، كما أن اعتماد هذه التكنولوجيا المبتكرة في المطارات والفنادق وباقي المرافق والمؤسسات، من شأنه إنعاش قطاع السياحة.
وتقول فاطمة الزهراء مرفوق مسؤولة التواصل بالمؤسسة المغربية للعلوم والابتكار والبحث العلمي المتقدم: "من الأكيد أن استخدام الجهاز في الشركات والوحدات الصناعية التي تشغل عدد كبير من العاملين، سيحد من تفشي الوباء، ومن تسجيل بؤر وبائية قد تتسبب في تفاقم الوضع الصحي في البلاد".
وتضيف مرفوق في تصريح لـ"سكاي نيوز عربية" "في الموانئ والمطارات سيمنع الجهاز تسلل الفيروس، ويسهم بالعودة إلى الحياة الطبيعية، بالنظر لما يميزه عن باقي الأجهزة الأخرى، وقدرته على كشف الفيروس في وقت وجيز بالإضافة إلى صغر حجمه وسهولة استعماله".
كما تشدد المتحدث على الدور الهام الذي يكتسيه استخدام الجهاز في الأنشطة التي تعرف مشاركة عدد كبير من الأشخاص، كالتظاهرات الفنية والثقافية والفعاليات الكبرى، التي عاشت أزمة حقيقة من جراء تداعيات الوباء.
وتشير مرفوق إلى أن السوق الداخلية تحظى حاليا بالأولية، فيما يبقى تسويق الجهاز وتصديره مستقبلا خارج المغرب وردا، لاسيما نحو السوق الأوروبية.
وحتى مساء الخميس، بلغت إصابات كورونا في المغرب 516 ألف و91 شخصا، بعد تسجيل 333 إصابة جديدة، فيما سجلت 3 وفيات جديدة ليبلغ إجمالي الوفيات إلى 9109 وفيات، منذ ظهور الفيروس في البلاد في 2 مارس من العام الماضي.
وبلغ عدد المستفيدين من الجرعة الأولى من عملية التلقيح 7 ملايين و267 ألف و431 شخصا، فيما بلغ عدد المستفيدين من الجرعة الثانية من التطعيم 4 ملايين و748 ألف و289 مستفيدا.