"شارك الوجبات، قلل من إهدار الطعام، وحافظ على البئية"، هذا الشعار يلخص الأهداف التي دفعت شابا مغربيا إلى إحداث تطبيق هاتفي ذكي، من أجل القضاء على ظاهرة هدر الطعام في البلاد.
ويتخلص المغاربة سنويا من ملايين الأطنان من الطعام والمواد الغذائية الصالحة للاستهلاك في القمامة، سواء تلك الصادرة من المنازل أو المطاعم والفنادق أو بعد انتهاء الحفلات والمناسبات.
ولا يمكن السيطرة على ظاهرة هدر الطعام بكميات كبيرة، بحسب المختصين في مجال البيئة، إلا من خلال تدبير الفائض بالشكل المطلوب، وإطلاق مبادرات تمكن المحتاجين من الإستفادة منه، مع ضرورة التوعية بمخاطر الظاهرة على البيئة.
شارك الوجبات
ويهدف تطبيق "هيبميل"، إلى تمكن المحتاجين من وجبات غذائية دون مقابل، مع الحفاظ في الآن ذاته على البيئة، التي تتضرر من جراء التخلص من المواد الغذائية بطرق غير معقلنة.
يقول صاحب التطبيق ومهندس المعلوميات، سعيد الزجاري، أنه وبعد نجاح الفكرة في أوروبا، قرر نقل التجربة إلى بلده الأم، بعدما لاحظ أن المغاربة يحضرون ما يفوق بكثير ما يستهلكونه من الطعام، ولا يجدون حلا للتخلص منه بعد ذلك، سوى رميه في القمامة.
وانطلاقا من تجربته الشخصية، يروي الشاب المغربي المقيم في أوروبا، لموقع "سكاي نيوز عربية" كيف كان يجد صعوبة كبيرة في التخلص من فائض الطعام، وفي ترشيد الكميات الإضافية من الأكل داخل منزله، قبل أن يقرر العمل على إنشاء هذا التطبيق.
ويستهدف هذا التطبيق المجاني، المتوفر بثلاث لغات أجنبية؛ هي الإنجليزية والفرنسية والألمانية إضافة إلى العربية، الأشخاص الذين يتوفرون على فائض من الأطعمة الجاهزة أو التي لا يعتزمون استهلاكها، مثل الأطباق الجاهزة أو الخضروات الطاجزة و الفواكه واللحوم و التوابل وغيرها.
وتقوم فكرة هذا التطبيق الالكتروني الجديد على مشاركة صور الطعام المتاح من أجل تقديمه للمحتاجين والفقراء، وتمكينهم من اختيار الأنسب إليهم، واستلامه بشكل مباشر من قبل صاحب الصورة، بعد الاطلاع على عنوانه و التواصل معه.
ويؤكد صاحب التطبيق أن المستفيد من الطعام عبر هذه المنصة، بوسعه الاطلاع مسبقا على تعاليق لمستفيدين آخرين، للتأكد من جودة ما يقدمه المتبرع المفترض.
ويشير الزجاري، إلى أن الاستفادة من خدمات هذا التطبيق لا تقتصر فقط على المحتاجين والفقراء، بل هو موجه لكل الفئات، بمن فيهم الطلبة أو أشخاص حملتهم الظروف للتواجد بعيدا عن أسرهم وذويهم، ممن يرغبون في الاستمتاع بوجبة غذائية محضرة في المنزل.
قلل من إهدار الطعام
وحسب أرقام منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة (فاو)، فإن المغاربة يتخلصون مما تبلغ قيمته 500 درهم مغربي (حوالي 50 دولار) من المواد الغدائية شهريا، فيما ترمي أكثر 84 في المائة من العائلات كميات كبيرة من مواد غذائية لا تستهلكها في القمامة، وتتضاعف هذه الأرقام بشكل ملحوظ خلال شهر رمضان.
وفي الوقت الذي تتنامى فيه ظاهرة هدر الطعام في المغرب، يرى صاحب التطبيق أنه "ثمة حاجة إلى الكثير من الوقت حتى تصل الفكرة الجديدة إلى مختلف شرائح المجتمع المغربي، وكي يتم استخدامها بشكل أوسع خاصة خلال شهر رمضان، الذي يصل فيه هدر الطعام إلى ذروته".
ويؤكد الشاب في حديث مع "سكاي نيوز عربية"، أن التطبيق تم تصممه بشكل بسيط ليكون في متناول الجميع، وبدقة عالية حتى يضمن احترام الخصوصيات وحماية البيانات الشخصية سواء للمتبرعين بالطعام أو المستفيدين على حد سواء.
ويتوفر هذا التطبيق غير الربحي، على زاوية خاصة بعشاق فن صناعة الطعام، من أجل مشاركة الوجبات المحضرة في المنزل، بهدف توسيع دائرة المعارف الاجتماعية والتعارف بين المستخدمين.
حافظ على البيئة
كشف مؤشر الأغذية المهدرة في برنامج الأمم المتحدة للبيئة للعام 2021، أن ما يفوق 3 ملايين طن من المواد الغذائية، أو بقايا الطعام، تم رميها في النفايات قبل استخدامها أو استهلاكها خلال سنة 2019، بحيث بلغت حصة الفرد المغربي من إهدار الطعام إلى 91 كيلوغراما، مما يتسبب في أضرار على البئية.
ويبين الشاب، كيف أن رمي الطعام في مكب النفايات يؤدي إلى تعفنه وينتج غاز الميثان، الذي يعد أحد الغازات المسؤولة عن الاحتباس الحراري، مضيفا أن هدر الطعام، يشكل أهم مسببات انبعاثات ثاني أكسيد الكاربون.
وكان تقرير صادر عن منظمة الأمم المتحدة للأغدية والزراعة، قد أكد أن إهدار كميات كبيرة من الغذاء، يلحق أضرار بالموارد الطبيعية، ويتسبب في استهلاك قدر هائلا من المياه، إضافة إلى مساهمته في ارتفاع نسبة غازات الاحتباس الحراري، إلى جانب تأثراته الاقتصادية الوخيمة.
ويتطلع صاحب التطبيق، إلى عقد شراكات مع هيئات مدنية من أجل التوعية بمخاطر إهدار الطعام، والتفكير بشكل جماعي في خطط يمكنها أن تساعد على الحد من هذه الظاهرة التي تشكل خطرا حقيقا على البئية.
ويستعد الشاب قريبا لإطلاق تطبيق جديد خاصة بالتبرعات الإلكترونية، يضم مجموعة من المبادرات الخيرية منها ما يهدف إلى سداد فواتير العلاجات الطبية للمحتاجين، والتكفل بشراء الأدوية لهم، أو تقديم دروس للطلبة عن بعد وبالمجان مع دفع مصاريف التسجيل وتكلفة الأدوات في موسم الدخول المدرسي، إضافة إلى توزيع مساعدات عينية على سكان المناطق الجبلية خلال فترة الشتاء والبرد.