وصف خبراء ومختصون، جهود دولة الإمارات العربية المتحدة في التعامل مع قضية تغير المناخ، بأنها فريدة في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، وسط انشغال الكثير من الدول بقضايا أخرى دون وضع الاعتبار لهذه الأزمة المحورية.
يأتي ذلك غداة الحوار الإقليمي للتغير المناخي، الذي استضافته الإمارات واختتم أعماله الأحد، بمشاركة مجموعة بارزة من
مسؤولي العمل المناخي من منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا.
وقد أعلنت الإمارات والولايات المتحدة التزامهما المشترك بمواجهة تداعيات التغير المناخي، وأكدتا أهمية وضرورة الارتقاء بالطموحات المناخية العالمية.
وقال مستشار برنامج المناخ العالمي، وأمين عام اتحاد خبراء البيئة العرب، الدكتور مجدي علام، إن دولة الإمارات العربية المتحدة سباقة في مجالات كثيرة، ومن ضمنها ملف تغير المناخ، وهناك حرص دائم على وضع هذا الملف ضمن أولويات العمل الحكومي، وحرص على المساحات الخضراء، واستخدام التكنولوجيا النظيفة، واعتبارها أسهل وأرخص الوسائل لامتصاص غازات الاحتباس الحراري.
وأضاف "علّام" في تصريحات لـ"سكاي نيوز عربية"، أنَّ الإمارات باستضافتها الحوار الإقليمي للتغير المناخي، تعطي رسائل أن الإقليم العربي ليس غارقا في مشاكله، لكنه مهتم للغاية بالمشاكل العالمية وعلى رأسها مشكلة تغير المناخ، كما أن العرب ليسوا منغلقين على أنفسهم لكنهم أكثر الدول تأثرا بتغير المناخ، ودفعوا ثمن الثورة الصناعية التي تمتعت بها أوروبا.
وأوضح أن المنطقة العربية وتليها أفريقيا هيّ التي تدفع ثمنا غالياً لتغير المناخ بارتفاع مستوى مياه البحر وارتفاع درجات الحرارة فوق الطبيعي، كما أن "الحامضية" تسود المياه البحرية العربية لأن غازات أكاسيد الكربون والكبرين والنيتروجين تختلط بالمياه وتكون ضارة، وبالتالي فهناك اهتمام من المنطقة ذاتها بقضية تغير المناخ.
وقال إنه نتيجة لهذه الجهود فنحن كخبراء بيئة نهتم للغاية بمبادرة الإمارات العربية المتحدة ونتمنى أن تؤسس مركزا عربيا دائما للتعامل مع قضايا تغير المناخ والتكنولوجيا النظيفة باعتبارها الحل الوحيد وسط التغيرات المناخية.
تعاون إماراتي-أميركي
وثمّن "علّام" الالتزام الإماراتي-الأميركي بالتعاون في مواجهة التغير المناخي.
واتفقت الولايات المتحدة ودولة الإمارات على التعاون الوثيق والعمل عن كثب مع القطاع الخاص لجذب الاستثمارات اللازمة ودعم التقنيات المبتكرة للتخفيف من تداعيات التغير المناخي والتكيف معه، وخلق فرص اقتصادية من التصدي لتحديات التغير المناخي، في إشارة إلى التقدم الذي أحرزته عدة شركات رائدة في هذا المجال.
وعلى المستوى الوطني، أكدت الولايات المتحدة والإمارات عزمهما العمل على إزالة الكربون من اقتصادهما بما يتماشى مع ظروفهما الوطنية وخططهما للتنمية الاقتصادية، بما يشمل خفض انبعاثات الكربون بحلول عام 2030.
وأكد الجانبان كذلك التزامهما بتنفيذ اتفاق باريس للمناخ وضمان إنجاح المؤتمر السادس والعشرين للدول الأطراف -كوب 26- في غلاسكو.
وشدد مستشار برنامج المناخ العالمي، أن للإمارات ريادة في العمل من أجل المناخ، ويأتي الحوار الإقليمي لتوفير أرضية للدول المشاركة لصياغة رؤية مناسبة قبل انعقاد مؤتمر الدول الأطراف أواخر العام الجاري.
وقال إن اتفاقية تغير المناخ التي تم توقعيها في باريس هي أول اتفاقية حقيقية في مجال المناخ، وتتضمن تفاصيل تنفيذية بكميات محددة يتم خفضها من غازات الاحتباس الحراري، وتكنولوجيات محددة للاستخدام مثل بدائل الطاقة الأحفورية بما فيها الطاقة الشمسية وطاقة الرياح.
تضامن ضروري لمشكلة عالمية
بدوره، قال المستشار السابق لوزير البيئة المصري، المهندس حسام محرم، لـ"سكاي نيوز عربية"، إن قضية تغير المناخ من القضايا العالمية المهمة، وتحاول دول العالم أن تتضامن فيما بينها للتصدي لهذه الظاهرة التي تهدد البشرية.
وأوضح أن هناك جهودًا تمت في العقود الأخيرة بخصوص هذه القضية لكنها غير مُرضية، ولا تتواكب مع التحديات التي تطرحها قضية تغير المناخ.
وأشاد "محرم" الحوار الإقليمي للتغير المناخي الذي استضافته دولة الإمارات، مضيفًا أنه ينم عن إدراك متزايد على لخطوة ظاهرة التغيرات المناخية والتداعيات الناجمة عنها على البشر في العقود المقبلة.
وأشار إلى أن الحوار الإقليمي دليل على إدراك متزايد كذلك للقصور العالمي في التعامل مع تلك الظاهرة، وبطء الوتيرة التي تتم بها إجراءات التكيف معها، وساهم في الوصول إلى رؤية مشتركة بين الدول المشاركة قبل عقد الفعاليات القادمة الخاصة بقضية التغيرات المناخية، سواءً الاجتماع الذي دعا له الرئيس الأميركي جو بايدن في الولايات المتحدة خلال الشهر الراهن، أو مؤتمر الأطراف ببريطانيا، وهو ما قد يساهم في إنجاح هذه الفعاليات والوصول إلى تقدم وملوس عند انعقادها.
وأكد أن الحكومة الإماراتية تدرك خطورة الظاهرة وضرورة التصدي لها وضرورة اقتناص الفرص الاقتصادية الكامنة على محور التعامل مع ظاهرة التغيرات المناخية، وتحقيق متطلبات التنمية المستدامة والاقتصاد الأخضر، خاصة أنها أول دولة بالمنطقة تصادق على اتفاق باريس للتغيرات المناخية.
وأوضح محرم أن الحوار الإقليمي ركز على مجموعة من المحاور الرئيسية من بينها تعزيز الاستثمارات في مجال الطاقة النظيفة وتحقيق الأمن الغذائي والمائي ومكافحة التصحر.
وشدد على ضرورة التعاون والتبادل الفعال للخبرات والتجارب بين دول الإقليم العربي والدول العالمية كنوع من التعاون الفني، مما يرفع قدرات الدول بالمنطقة على تحقيق طفرة في كفاءة الجهود الخاصة بالتصدي للمشكلة، مع ضرورة تدفق الاستثمارات بين الدول للتصدي لهذه الظاهرة.
وشهد الحوار مشاركة العديد من الشخصيات رفيعة المستوى من جميع أنحاء المنطقة إلى جانب عدد من الشركاء والمنظمات العالمية، بما في ذلك ألوك شارما، الرئيس المعين لمؤتمر الدول الأطراف، كوب 26، والمبعوث الأميركي لشؤون التغير المناخي جون كيري، وعدد من الوزراء والشخصيات الهامة من الإمارات العربية المتحدة وعُمان والكويت والبحرين وقطر ومصر والأردن والمغرب والعراق والسودان، والوكالة الدولية للطاقة المتجددة "آيرينا".
وأصدر المشاركون في الحوار بيانا مشتركا أمس أكدوا من خلاله التزامهم بضمان إنجاح اتفاق باريس، وبناء المزيد من الزخم تحضيرا للقمة التي دعا إليها الرئيس الأميركي جو بايدن لقادة المناخ، التي ستنعقد في واشنطن في وقت لاحق من شهر أبريل الجاري، وكذلك مؤتمر الدول الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية لتغير المناخ (كوب 26).