قال مدير مركز دراسات واستشارات علوم الفضاء بجامعة القاهرة، الدكتور أسامة شلبية، إن تاريخا جديدا يكتب الآن على يد دولة الإمارات العربية المتحدة، وذلك بالإشارة إلى الخطوة التاريخية الخاصة بوصول مسبار الأمل إلى المريخ.
وأشار شلبية، وهو أيضاً عميد كلية علوم الملاحة وتكنولوجيا الفضاء، في تصريحات لموقع "سكاي نيوز عربية" من العاصمة المصرية، إلى أنه "بخلاف الإنجاز العلمي والمعرفي لمسبار الأمل، فثمة أهمية استراتيجية كبيرة للمسبار؛ وهي أنه يحقق أمل الشعوب العربية في التواجد بمصاف الدول المتقدمة في مجال علوم وتكنولوجيا الفضاء، بمعنى توطين المعرفة في هذا المجال".
وقال: "أهم ما أسعدني وأثلج صدري شخصياً هي أن المهمة الفضائية قام بها شباب واعد نعتقد بأنهم مستقبل الوطن والأمة العربية"، لافتاً في الوقت ذاته إلى أن "هناك فارقاً كبيراً بين تدريس علوم الفلك والفضاء وأبحاث هذه العلوم في المعامل التقنية، وبين التجربة والواقع والحقيقة".
نقلة كبيرة
وعدَّ مدير مركز دراسات واستشارات علوم الفضاء، مسبار الأمل بأنه "يمثل نقلة كبيرة في هذا المجال في عالمنا العربي، وسيكتب التاريخُ بأحرفٍ من نور هذا لدولة الإمارات الشقيقة، والتي تكون بذلك الخامسة على مستوى العالم التي تصل إلى المريخ".
واستطرد: "على جانب آخر، لا بد أن تكون لنا خطوات أخرى، فلقد قطعنا شوطاً كبيراً ومهماً، عبر قرار كان جريئا، لكن هناك ما زالت أشواط أكبر، ألا وهي الوصول إلى المريخ بمركبات فضائية"، موضحاً أن "استيطان المريخ أصبح هدفاً رئيسيا لكثير من الدول المتقدمة، والتاريخ سيكتب لنا وسيجيب على السؤال الأهم بأن فكرة الإمارات كانت فكرة جريئة، والأفكار الجريئة هي ما تغير العالم".
وبموازاة الحديث عن الأهمية "الاستراتيجية" لمسبار الأمل، تطرق شلبية بالحديث عن الأهمية العلمية والمعرفية، مشيراً إلى أنها تأتي في نطاق الاستكشاف لهذا الكوكب التوأم لكوكب الأرض، بداية من استكشاف جو المريخ ومكوناته وتسرب الغازات من الغلاف الجوي، وكل ما يعتريه من طقس ومناخ سيُدرَس بالكامل من خلال أجهزة علمية متقدمة التقنية على أعلى مستوى، فهناك مطياف للأشعة تحت الحمراء وآخر للأشعة فوق البنفسجية وهناك كاميرا عالية الدقة، وكل هذه المنظومة لهذا المسبار وهذه الحمولات الموجودة من أجهزة علمية ستفك لنا شفرة هذا الغلاف الجوي ما يتبعه إنزال على سطح المريخ.
مردود واسع
وحول انعكاسات ذلك الإنجاز على البشرية جمعاء، أوضح أن "المردود كبير جداً، وهو امتلاك أو صناعة المعرفة لدى عالمنا العربي (..) عندما نمتلك الخبرات ونمتلك هذه المعرفة سننطلق إلى التطبيقات.. والتطبيق بمعنى التكنولوجيا.. امتلاك التكنولوجيا هو أكبر خطوة سنخطوها نحن العرب جميعا نحو الفضاء".
واعتبر مدير مركز دراسات واستشارات علوم الفضاء بجامعة القاهرة، أن "من يمتلك الفضاء سيمتلك ما على الأرض، فبلا شك الحضارة القادمة ستكون هي حضارة الفضاء، ولذلك فإن مسبار الأمل يحقق لنا الخبرات التطبيقية، ويدخل بنا كعالم عربي إلى الموقع الفعلي في الواقع والممارسات، وهو ما يعرف بتوطين المعرفة ونقل التكنولوجيا من مرحلة التنظير أو النظرية أو مجرد البحث العلمي إلى مرحلة أكبر ألا وهي امتلاك هذه التكنولوجيا وتطبيقها تطبيقاً فعلياً".
وتابع شلبية: "علينا النظر بعيداً إلى ما بعد المسبار، لكن بالطبع دون أن نتجاهل أو نتغافل بالتأكيد ما هو تحت أقدمنا الآن.. البحث دائما حول الجديد والمختلف من التجارب الصعبة، فالعالم في سباق محموم نحو امتلاك ومعرفة تكنولوجيا الفضاء".
واختتم حديثه مع موقع "سكاي نيوز عربية" قائلا: نقف إجلالا وتقديرا وتعظيما لكل جهود دولة الإمارات من رأس الدولة وحتى هؤلاء الشباب الواعد الذين قامت عليهم هذه المهمة الفضائية، ونبارك لأنفسنا ونبارك لدولة الإمارات ونتطلع إلى مزيد من التعاون.
وقال: هناك عالم في سباق محموم من أجل الوصول إلى المعرفة الفضائية، وها قد وضعنا قدماً وسنظل نسعى إلى ما هو أبعد من مسبار الأمل.. كانت الرؤية وكان الحلم من الرمال إلى السحاب، والآن الحلم أصبح من الرمال إلى الفضاء، وأصبح هناك تاريخ جديد يُكتب على يد الإمارات الشقيقة، ألا وهو الوصول إلى الفضاء السحيق وما هو أبعد من ذلك.