لا يزال من غير الواضح ما حدث على وجه الدقة قبل 252 مليون عام، حيث شهد كوكب الأرض ارتفاعا في درجات الحرارة، إلا أن الأمر المؤكد أن نتائجه كانت كارثية، إذ نجم عنه انقراض 90 في المائة من الكائنات.
وعلى مر السنوات الماضية، فضل العلماء حصر التهديد الوجودي لكوكبنا بتأثير الكويكبات التي تقترب منا، إلا أن الصخور الفضائية أعادت تموضعها بفعل الكربون الموجود في الغلاف الجوي.
واعتقد العلماء في تسعينيات القرن الماضي أن اصطدام كويكبات بالأرض تسبب بخمسة انقراضات جماعية، بما فيها الديناصورات قبل 65 مليون سنة.
واليوم أدرك العلماء أن الكوارث الأربع الأخرى قد نشأت بفعل قذف كميات هائلة من الكربون في الغلاف الجوي والمحيطات.
ومن بين أسوأ تلك الأحداث ما أطلق عليه اسم "نهاية البرمي"، وهو عصر جيولوجي بدأ مع ثوران براكين أشعلت رواسب غنية بالكربون، وأغرقت الغلاف الجوي بغاز ثاني أكسيد الكربون في غضون بضعة آلاف من السنين، ونجم عن ذلك هلاك 90 في المائة من الكائنات الحية.
وهكذا ثبت المبدأ القائل بأن زيادة ثاني أكسيد الكربون لا يجعل الكون أكثر حرارة فقط، وإنما يحدث تغييرات بشكل متسارع في المحيطات وكيمياء الجو، مما ينجم عنه إعادة ترتيب العالم الحي.
وبالمحصلة، يتسبب ذلك أيضا في تغييرات كيميائية تطال المحيط الحيوي، إذ حدث انهيار في كميات الأسماك والعوالق مع نهاية العصر البرمي، كما ساهم انفجار البكتيريا في انبعاث مركبات كبريتية والميثان، حسب ما أورد موقع "بلومبيرغ".
ونقل "بلومبيرغ" عن سيث بيرجيس، الجيولوجي في هيئة المساحة الجيولوجية الأميركية، والمتخصص في دراسة نهاية العصر البرمي، قوله إن هناك "لغزا محيرا"، فبالرغم من الاتفاق على أن النشاط البركاني هو ما أدى إلى تكون كتل يطلق عليها "الفخاخ السيبيرية"، إلا ان هذه الثورات لم تكن قادرة على إطلاق ما يكفي من غازات دفيئة لإحداث ارتفاع في درجات الحرارة تراوح بين 10-15 درجة مئوية.
واقترح بيرجيس أن المواد المنصهرة شكلت رواسب غنية بالكربون، التي انطلقت بكثافة في الغلاف الجوي، بينما تراجعت نسبة الأكسجين بشكل كبير في المحيطات، مما سبب موت كائنات كثيرة.
ووصف عالم الحفريات بيتر وارد في كتابه "تحت السماء الخضراء"، ما حدث بعد نهاية العصر البرمي، حيث انتشرت العناصر العضوية المتعفنة وتكاثرت البكتيريا بشكل صاروخي تحت الشمس الحارقة.
من جانبه، أشار دانييل روثمان، أستاذ الجيوفيزياء بمعهد ماساتشوستس للتكنولوجيا، إلى أن الكون غير قادر على التكيف مع الارتفاع السريع للكربون، مرجحا ألا تتسبب الانبعاثات الحالية للبشر من الكربون بفناء الكون، إلا إذا ارتفع حجم ما يطلق منها في المحيطات إلى 310 غيغاطن.
وتقدر الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ التابعة للأمم المتحدة، أن النشاط البشري سيضيف 300 و500 غيغاطن من ثاني أكسيد الكربون إلى المحيطات بحلول نهاية القرن الحادي والعشرين.