لم تكن صافرة الحكم البوروندي ندابيها ونيمانا باسيفيك إيذانا بنهاية مباراة المنتخب المغربي ضد نظيره الكونغولي فحسب، بل أشعلت شرارة عرس جماهيري استثنائي، بدأ من ملعب محمد الخامس في الدار البيضاء، الذي احتضن المواجهة، وانتقل فيما بعد إلى كافة أرجاء المغرب.
ليلة بيضاء قضاها المغاربة في شوارع مختلف المدن، ارتفعت فيها منبهات السيارات وبُحّت فيها الحناجر من كثرة ترديد هتافات الفرح، ورفرفت الأعلام احتفاء بإنجاز الأسود والتهامهم للفهود في مباراة فاصلة، تأهل فيها المغرب إلى كأس العالم بأربعة أهداف لواحد.
عرس جماهيري
في الدار البيضاء، شكل المغاربة مواكب متواصلة بالسيارات والدراجات نارية على طول شوارع الحسن الثاني والجيش الملكي والروداني وساحة الأمم المتحدة وساحة الجامعة العربية ومن هناك إلى كورنيش عين الذئاب، امتزجت فيها الهتافات بالزغاريد.
في العاصمة الرباط أيضا، خرج آلاف المغاربة إلى الشوارع الرئيسية، من حي الرياض إلى أكدال وصولا إلى شارح محمد الخامس، مطلقين العنان لأبواق السيارات، ويتبادلون التهاني كأنهم في عرس يعرف الجميع بعضهم البعض، والفخر يملأ صدورهم بإنجاز الأسود، وحجزهم تذكرة العبور إلى مونديال قطر.
وتكرر المشهد أيضا في ساحات مدينة طنجة، شمالي البلاد، حيث غصت ساحة الأمم وشارع ملاباطا ووسط المدينة "البولفار" وطريق مرقالة الساحلية بمئات النساء والرجال لتقاسم فرحة الفوز، غير آبهين ببرودة الطقس، منتشين تحت أمطار الخير بالإنجاز الذي حققه أسود الأطلس.
مستودع اللاعبين
وانخرط الناخب الوطني وحيد خاليلوزيتش في رقصة مع لاعبي المنتخب المغربي احتفالاً بالتأهل لكأس العالم. ونشر بعضهم على حساباتهم بمواقع التواصل الاجتماعي فيديوهات توثق موجة الفرح داخل مستودع الملابس.
واحتفل خاليلوزيتش مع أشرف حكيمي، لاعب فريق باريس سان جرمان الفرنسي ومنير الحدادي جناح فريق إشبيلية الإسباني، وسليم أملاح، لاعب خط وسط فريق ستاندار دولييج البلجيكي.
وظهر حكيمي والحدادي وأملاح وتيسودالي في قمة النشوة وهم يعانقون المدرب، الذي عبر كثيراً عن فرحه، إذ ظهر ذلك واضحاً على محياه، بعدما تعرض مؤخراً لانتقادات لاذعة، وصلت إلى حد مطالبته بالرحيل من قبل الجماهير المغربية.
ونشر الحدادي على صفحته بإنستغرام، فيديو له برفقه زملائه وهم يرددون شعارا معروفا في المغرب: "مبروك علينا، هذا البداية، مازال مازال"، أي أنهم يتطلعون لمزيد من الانتصارات وما هذه إلا بداية مشوار حصد الألقاب.
من جانبه، غرد أشرف حكيمي على إنستغرام، واضعا صورة له يظهر فيها باسما، وعلق عليها: "إلى المونديال، هذا ما تستحقونه".
أما الحارس ياسين بونو، طريح الفراش بسبب إصابة في رأسه بعد اصطدامه لمرتين متتاليتين أثناء المباراة، فقد دوّن قائلا: "شكرا لكم جميعا على رسائلكم. هنيئا لكل المغاربة بالتأهل. المغرب حاضر في المونديال". وظهر اللاعب، الذي تعرض لارتجاج في الدماغ، برفقة والديه، والابتسامة تعلو محياه، في رسالة لطمأنة محبيه الذين دب الفزع إلى قلوبهم، بعد إصابته.
بدوره، قال فوزي لقجع، رئيس الاتحاد المغربي لكرة القدم في تصريحات لقناة "الرياضية" (رسمية): "المنتخب المغربي قدم مباراة مميزة واستحق الفوز".
وتابع: "أشكر الجمهور المغربي الذي حضر الملعب، لقد لعب دوراً كبيراً في الانتصار برباعية".
وأشار: "لقد تجاوزنا عدة صعوبات، بعد العراقيل التي كانت في كينشاسا، لكننا كنا نؤمن بقدرات اللاعبين".
الملك أول المهنئين
وبادر الملك محمد السادس، إلى تهنئة أعضاء المنتخب الوطني بمناسبة تأهلهم لنهائيات كأس العالم لكرة القدم 2022، مباشرة بعد صافرة النهاية.
وهكذا أجرى الملك اتصالا هاتفيا مع فوزي لقجع، ومدرب المنتخب وعميد الفريق رومان سايس، حيث أعرب عن تهانيه الحارة للاعبين والطاقم التقني والإداري لما بذلوه من قصارى الجهود والبصم على مسار متميز توج بهذا الإنجاز الكبير.
وأعرب الملك، في برقية بعث بها للفريق الوطني، بأنه من دواعي الفخر أن يتوجه، إلى كافة مكونات فريقنا الوطني المتألق، من لاعبين ومدربين، وطاقم تقني وطبي، وأطر ومسيري الجامعة الملكية المغربية لكرة القدم، "بأحر تهانئه ومباركته لهذا الإنجاز المستحق، بفضل ما أبان عنه اللاعبون طيلة أطوار هذه الإقصائيات، من أداء رفيع، وروح رياضية وتنافسية عالية، وغيرة وطنية مثلى".
وأضاف الملك أنه "بقدر ما يثمن هذا التأهل الثاني على التوالي والسادس من نوعه، الذي أسعده والشعب المغربي قاطبة، عبر عن كامل اليقين بأنه سيشكل حافزا قويا للمثابرة ومضاعفة الجهود، حتى تكون نتائج الفريق الوطني في الأطوار المقبلة، في مستوى تألق وعطاء لاعبيه الموهوبين".