حالة من السعادة سيطرت على جمهور نادي الزمالك خلال الساعات الأخيرة وحتى الآن، بعد حصد النادي الأبيض لقب الدوري المصري الذي ابتعد عن خزائنه منذ ست سنوات.
فوز الزمالك على فريق الإنتاج الحربي بثنائية نظيفة كان كافيًا لإعلان الزمالك بطلًا لواحدة من أمتع نسخ المسابقة المصرية عبر تاريخها، حيث حُسمت قبل جولة واحدة فقط من النهاية.
رحلة أبناء "ميت عقبة" نحو تحقيق اللقب تزيد من قيمته، حيث كانت رحلة استثنائية لم تخل من الصعاب في أي جزءٍ منها، خاصةً أن المنافس هو "بطل إفريقيا"، النادي الأهلي.
وخلال السطور التالية، نرصد أبرز الأزمات التي تعرض لها النادي الأبيض خلال رحلته نحو تحقيق اللقب رقم 13 في تاريخه.
نهائي القرن
نعود بالزمن إلى الوراء، تحديدًا شهر نوفمبر من عام 2020، الذي كان كافيًا لتبديد أحلام هذا الجيل من لاعبي نادي الزمالك.
البداية كانت مع قرار عزل مجلس إدارة النادي الأبيض برئاسة مرتضى منصور، قبل أسابيع من "نهائي القرن الإفريقي" الذي جمع بين الأهلي والزمالك.
غاب الاستقرار عن "القلعة البيضاء"، وسط محاولات اللاعبين والجهاز الفني للفريق بقيادة البرتغالي جايمي باتشيكو لعزل أنفسهم عما يحدث خارج المستطيل الأخضر.
في أجواء جماهيرية مشتعلة، تأهب قطبا الكرة المصرية، الأهلي والزمالك، لخوض المباراة النهائية لبطولة "أبطال إفريقيا" عام 2020، التي أقيمت على ملعب استاد القاهرة.
لا صوت يعلو فوق صوت معلقي تلك المباراة في شوارع جميع المحافظات المصرية، حتى أن بعض المصريين قالوا مازحين، إنه إذا سرق أحدهم واحدًا من أهرامات الجيزة الثلاثة، أثناء هذا اللقاء، لن يشعر أحد، للتأكيد على أهميته.
جمهور الفريقين كان يعرف جيدًا أن الفوز لا يعني تحقيق اللقب الإفريقي فقط، بل هي فرصة لانتصار جيل على آخر، كان الجميع يعلم أن الفوز في "نهائي القرن" سيكون مفتاحًا لتحقيق عديد من الألقاب بعد ذلك.
فاز الأهلي بهدف "القاضية ممكن" عن طريق محمد مجدي قفشة، وبدأ جمهور الزمالك، عبر منصات التواصل الاجتماعي، في مواساة اللاعبين، ومطالبتهم بوضع أعينهم على بقية البطولات.
ورحل مجلس "مرتضى منصور" بشكل رسمي، وبدأت وزارة الشباب والرياضة في تجهيز لجنة مؤقتة لقيادة نادي الزمالك برئاسة المستشار أحمد البكري.
غياب الاستقرار
بعد خسارة النهائي الإفريقي، تلقى النادي الأبيض هزيمة صادمة بنتيجة 3 – 1 على يد "طلائع الجيش"، في نصف نهائي "كأس مصر"، وبدأ "سيناريو الانهيار" الذي كان يخشاه جمهور "القلعة البيضاء"، خاصةً أن الفريق الفائز بكأس مصر كان الغريم التقليدي لفريق "ميت عقبة"، النادي الأهلي.
وأعلن "مجلس بكري"، عبر بيان رسمي، عن حجم ديون "القلعة البيضاء" للجهات الحكومية، التي بلغت قيمتها حوالي مليار ونصف مليار جنيه مصري.
بعد أيام فقط من قرار تعيينه كرئيس للجنة المؤقتة لإدارة نادى الزمالك، أصيب المستشار أحمد البكرى بفيروس كورونا، الذي أدى إلى وفاته في ديسمبر من عام 2020، ليكون المستشار عماد عبد العزيز رئيسًا لنادي الزمالك.
استمرت الأزمات المالية داخل أسوار القلعة البيضاء، وسط انتشار أنباء عن "هجرة جماعية" لنجوم الفريق وعلى رأسهم الثلاثي: فرجاني ساسي، أحمد سيد زيزو، ومصطفى محمد.
ورغم كل تلك المشكلات، قدم الزمالك عروضًا جيدة في بداية مسابقة الدوري المصري، حيث حقق الفوز خلال 7 مباريات من أصل 9 (تعادلين).
ومع انطلاق موسم الانتقالات الشتوية، بدأت أحداث "يناير المرعب"، كما وصفته الصحف المحلية، داخل نادي الزمالك.
البداية كانت مع رفض متوسط الميدان التونسي، فرجاني ساسي، تجديد عقده مع الفريق، وكان هذا يعني أن اللاعب سيكون "حرا" في نهاية الموسم، ولن يحقق الزمالك أي مكاسب مادية من صفقة رحيله، وهذا ما حدث بالفعل.
الأزمة الثانية كانت تتعلق بالمهاجم الشاب، مصطفى محمد، الذي وعده "مجلس مرتضى منصور" بالاحتراف بعد البطولة الإفريقية.
ولم ينجح الزمالك في حسم الملفين، حيث لم يجدد فرجاني ساسي عقده مع الفريق، ورحل مصطفى محمد عن الفريق قبل أقل من 48 ساعة من انتهاء "الميركاتو الشتوي"، ليقوم الزمالك بتعويضه بمهاجمين وهما: مروان حمدي والتونسي سيف الدين الجزيري، لكن الجزيري لم يحق له المشاركة مع الفريق إفريقيًا، بسبب مشاركته مع "المقاولين العرب" في الكونفدرالية بنفس الموسم.
وبعد ذلك، صدر قرار من "التأمينات" بالحجز على أرصدة النادي الأبيض في البنوك، لكن وزارة الشباب والرياضة تدخلت سريعًا لمساعدة الزمالك على تجاوز تلك الأزمة.
سيطرت مشاعر الإحباط واليأس بالكامل على جمهور نادي الزمالك، الذي شعر أن الفريق سيبتعد عن منصات التتويج لفترة طويلة، وأنه بات على حافة الهاوية.
الخروج المبكر
بعدما كان الزمالك وصيف نسخة عام 2020 من "أبطال إفريقيا"، كانت جماهير القلعة البيضاء تأمل أن يكون النادي الأبيض هو بطل نسخة العام التالي، لكن ما حدث كان مخيبًا للآمال، حيث غادر الزمالك البطولة الإفريقية مبكرًا من "دور المجموعات"، إذ احتل المركز الثالث في مجموعته التي تضم فرق: الترجي التونسي، مولودية الجزائر، وتونجيث السنغالي.
وخلال تلك الفترة، رحل البرتغالي جايمي باتشيكو عن نادي الزمالك، وعاد المدرب الفرنسي باتريس كارتيرون إلى رئاسة الجهاز الفني للقلعة البيضاء.
بعد الخروج من البطولة الإفريقية، تأهب الزمالك لمواجهة نظيره الأهلي في مواجهتين بالدوري الممتاز، كان الفوز خلالهما كافيًا لاقتراب لقب الدوري من نادي "ميت عقبة" مبكرًا، لكن اللقاء الأول انتهى بفوز الأهلي (رغم الغيابات) بهدفين مقابل هدف، وشهدت المباراة الثانية تعادل الفريقين إيجابيًا بهدفٍ لمثله.
بعد تلك النتائج المخيبة، تقدمت لجنة "عماد عبد العزيز" باستقالتها إلى "الشباب والرياضة"، ليحل محلها لجنة الكابتن "حسين لبيب"، التي أعادت الأمل من جديد إلى قلوب جمهور الزمالك.
عودة الأمل
فعلت لجنة "حسين لبيب" المنطقي.. المنطقي فقط، والذي كان كافيًا لعودة الاستقرار تدريجيًا إلى نادي الزمالك، وتعاهد جميع أبناء "القلعة البيضاء" على تعويض جماهيرهم عن "الإخفاقات المتتالية" بحصد الثنائية المحلية الدوري والكأس.
في نفس التوقيت، كان الأهلي يستمر في فرض سيطرته على القارة السمراء بتحقيق لقب "أبطال إفريقيا" للمرة الثانية على التوالي، ومن قبله "السوبر الإفريقي" وبرونزية "مونديال الأندية".
قبل شهر من الآن، بدأ صراع "الكراسي الموسيقية" على لقب دوري بين الأهلي والزمالك، وانطلقت "حرب التصريحات" من جانب النادي الأحمر على لسان مدير الكرة بالفريق، الكابتن سيد عبد الحفيظ.
لكن للمرة الأولى تقريبًا خلال العقد الأخير، فضل مسؤولو الزمالك التزام الصمت، وأن يكون الرد داخل المستطيل الأخضر فقط، وهذا ما يؤكده المتحدث الإعلامي لنادي الزمالك، عمرو الدردير.
يضيف الدردير لموقع "سكاي نيوز عربية": "إدارة القلعة البيضاء فضلت الصمت حتى حصد اللقب، لم يكن هناك داعي لخوض (حرب نفسية)، من شأنها خلق حالة من القلق داخل نادي الزمالك، خاصةً أن اللجوء إلى (حرب التصريحات) ليس جديدًا على مسؤولي النادي الأهلي، وهي حرب مشروعة داخل عالم كرة القدم في كل مكان، لكننا وضعنا مصلحة النادي فوق أي شيء".
دخل الأهلي في دوامة "نزيف النقاط" خلال الخطوات الأخيرة من الدوري، بينما لم يتوقف "قطار الزمالك" عن تحقيق الانتصارات، ليكون فارق النقاط بين الفريقين ست نقاط كاملة، بعدما كانا متساويين في عدد النقاط، وكان الأهلي يملك أفضلية (المواجهات المباشرة).
ومن جانبه، يقول الناقد الرياضي، محمد علاء لموقع "سكاي نيوز عربية": "خاض الأهلي (حرب تصريحات) خاسرة، تسببت في تذبذب أداء الفريق الأحمر بالدوري، وتلك المرة الأولى تقريبًا في السنوات الأخيرة، التي لا ينجرف مسؤولو الزمالك إلى (حرب نفسية) دون داعي، والنتيجة هي تحقيق اللقب".
في نفس الوقت، بدأ الزمالك تجديد تعاقده مع عدد من اللاعبين حتى لا يتكرر "سيناريو ساسي" الذي انتقل إلى الدحيل القطري في صفقة انتقال حر، بالإضافة إلى محاولة الفريق الأبيض دعم صفوفه بعدد من اللاعبين المميزين.
حصد الزمالك لقب الدوري وكتب نهاية سعيدة لموسم استثنائي، وعين أبناء القلعة البيضاء الآن على "كأس مصر"، حيث يواجه الزمالك نظيره نادي أسوان في نصف نهائي البطولة المصرية، وربما يكون لدى "أبناء ميت عقبة" فرصة كبيرة لحصد "الثنائية المحلية".