قبل عام ونصف كان عبد الباسط ساروت يحلم باليوم الذي يدافع فيه عن ألوان منتخب سوريا الأول، لكن حلمه الآن بات مختلفا.
ابن العشرينات كان وقتها يتحسس طريقه في ناديه الكرامة الحمصي، ومع الأيام الأولى للانتفاضة الشعبية ألقى ساروت قفازاته خلف ظهره وانخرط مشاركة في المظاهرات.
لكن مشاركة ساروت لم تكن مجرد ظهور وحضور فرد وسط آلاف، حيث رفع فوق الأعناق وهتف مع المحتجين المطالبين بسقوط نظام الرئيس بشار الأسد، إذ يمتلك قدرة كبيرة في التحكم بالمظاهرات بصوته المميز.
ومع مرور الأيام تحول هتاف ساروت إلى أنشودة ثم أغان بالحرية تتردد على ألسنة المتظاهرين، وخرج عبد الباسط من الملعب وقرر عدم العودة إليه إلا إذا سقط النظام السوري.
لم تمنح الكرة عبد الباسط الشهرة التي حققتها أناشيده، حيث لقب بـ"بلبل الثورة"، وتحول إلى أيقونة يتغنى بها الشباب.
وعندما وجهت إليه تهمة الدعوة لإقامة إمارة سلفية في حمص، رد بشريط مصور بأنه "لم يطلب إلا الحرية"، واتهم الحكومة بمحاولة اغتياله ست مرات بعد قصف منزل عائلته ومقتل شقيقه وليد واثنين من أصدقائه.
ورصدت الحكومة السورية مليوني ليرة - 35 ألف دولار- للقبض عليه، حيث إنه مطلوب في سبعة فروع أمنية، لكن بيوتا كثيرة لأقاربه وأصدقائه في حمص فتحت أبوابها لاحتضان عبدالباسط الذي هدم منزله.
أكثر من صفحة على موقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك" خصصت من أجل ساروت، وتصفه إحدى الصفحات بأنه "أحد رموز الثورة في حمص"، خاصة أن أغانيه هزت المشاعر وأبكت الآلاف، وفي كل مناسبة يردد المتظاهرون أنشودته "حرام عليه".
عبد الباسط ساروت من مواليد الأول من يناير 1992، وهو من أبناء عشيرة "الحديدين" في حمص.
في صفحته الخاصة على "فيسبوك" لا يمكن لأحد إضافته حاليا، حيث وصل عدد أصدقائه إلى الحد الأقصى.
وكتب ساروت في آخر تدوينة له على صفحته: "السلام عليكم يا إخواتي. بحب طمنكن عني وعن كل أبطال حمص بعد هالغياب. بس رغم القصف ورغم القتل ورغم سوء الأحوال المعيشية من قطع كهربا ومي واتصالات وإنترنت ومازوت وغاز وبنزين وما ناقص إلا إن يقطعوا الهوا. بس بعيد عننا نركع أو نتراجع".
ساروت الذي كان حارسا مغمورا أصبح بطلا شعبيا في عيون المحتجين، بينما تعتبره السلطات قائد تمرد وخارجا على القانون.