بدأ ضحايا حكم الاستبداد في تونس، الخميس، في سرد الانتهاكات الجسيمة والتعذيب الذي تعرضوا له لأول مرة في جلسات علنية تاريخية في واحدة من أهم خطوات العدالة الانتقالية بعد ست سنوات من ثورة أنهت حكم زين العابدين بن علي.
وبثت محطات التلفزيون المحلية والأجنبية مباشرة جلسات الاستماع العلنية لضحايا الانتهاكات الليلة بدءا من الساعة 19.30 بتوقيت غرينتش في خطوة وصفت بأنها تاريخية للبلد الذي يسعى لتعزيز مكاسب ديمقراطيته الناشئة بعد انتخابات حرة في 2011 و 2014 ودستور جديد.
وقالت سهام بن سدرين رئيسة هيئة الحقيقة والكرامة التي تشرف على مسار العدالة الانتقالية إن "الجلسات تشكل حدثا تاريخيا مهما لكل التونسيين وستدرس للأحفاد والأجيال اللاحقة و ستعزز صورة تونس في العالم كنموذج للتسامح."
وفي الجزء الأول من جلسات الاعتراف ليل الخميس قدم بعض الضحايا اعترافات مؤثرة كما تضمنت ايضا شهادات لعائلات شبان قتلوا برصاص الشرطة اثناء انتفاضة 2011.
وفي إحدى الشهادات القوية قال سامي براهم وهو باحث واكاديمي كان قد اعتقل في بداية فترة حكم بن علي انه تعرض للاعتقال بعد فرار استمر سبعة أشهر كان يقضي بعضا منها في المقابر فقط لانه كان يعارض بن علي.
وقال براهم " تعرضت للتعذيب الجنسي في مبنى وزارة الداخلية..تعرضت لكل أنواع التعذيب المعنوي وتلك كانت مهينة..كانوا يطفؤون أعقاب السجائر في جسدي".
وأضاف بينما كان يذرف الدموع"أوجه نداء للجلادين فقط ليعترفو ويتحدثوا ومستعد أن أغفر لهم.. تحقق كل شي تمنيته يوم نادى المنادي بن علي هرب."
ومن بين الشهادات ايضا شهادة لزوجة وأم لشخص قتل في مخفر للشرطة تحت التعذيب خلال فترة حكم بن علي أيضا.
وقالت فاطمة زوجة كمال المطماطي إن زوجها قتل بمخفر شرطة في قابس في 7 أكتوبر 1991 تحت التعذيب بشبهة الانتماء للحركات المتطرفة.
وتروي فاطمة أنها لم تعرف أن زوجها قتل فقط بعد ثورة 2011 بعد سنوات طويلة لم تكن تعرف خلالها أي معلومة عن زوجها سوى أنه اختطف من مقر عمله.
ومرحلة الاستماع العلني تأتي بعد أن استمعت الهيئة الحكومية -التي أنشئت في ديسمبر 2013- إلى حوالي 11 ألف ملف في سرية تامة وراء أبواب مغلقة طيلة ثلاث سنوات.
وتابع مئات الشخصيات المحلية والدولية جلسات الاستماع العلنية التي تعقد في ضاحية سيدي بوسعيد وتحديدا في فضاء نادي عليسة الذي كان مملوكا لليلى بن علي زوجة الرئيس السابق زين العابدين بن علي.
وستعقد أيضا جلسات علنية أخرى في 17 ديسمبرالمقبل و14 يناير وهما تاريخان يرمزان لاندلاع شرارة انتفاضة تونس وهروب الرئيس السابق بن علي في 2011.
وفي 17 ديسمبر كانون الأول المقبل تعقد جلسات مصالحة علنية يقدم خلالها مرتكبو الانتهاكات أو التجاوزات الاقتصادية أو في مجال حقوق الإنسان اعتذارات عن الانتهاكات التي ارتكبوها.