رغم تعرض بعد الآثار الموجودة في ليبيا إلى اعتداءات وعمليات نهب محدودة، إلا أنها في المجمل مازالت في حالة جيدة، ويقول خبراء إنها لا تواجه خطر التدمير الذي لحق بآثار مماثلة في سوريا والعراق.
وقال خبراء على هامش مؤتمر تناول حماية التراث الثقافي الليبي، إن أشهر المواقع التاريخية ظلت في منأى عن الأذى إلى حد كبير، برغم أن بعض القطع الأثرية المستخرجة بصورة غير قانونية يجري تهريبها خارج البلاد، وبرغم أن المتطرفين استهدفوا مساجد وزوايا صوفية.
وتضم ليبيا مواقع أثرية عديدة يعود بعضها إلى العصور الرومانية واليونانية في أفريقيا، ومنحوتات صخرية لعصور ما قبل التاريخ في منطقة فزان الصحراوية، لكن الفوضى السياسية والفراغ الأمني اللذين أعقبا سقوط معمر القذافي عام 2011 هددت سلامتها.
وسيطر تنظيم داعش على مدينة سرت الساحلية العام الماضي وأجزاء أخرى في البلاد، وهو ما أثار مخاوف بأن يشن هجمات تلحق أضرارا بمواقع أثرية رئيسية مثلما حدث في سوريا وفي العراق.
الآثار والفلتان الأمني
وقال ستيفانو دي كارو المدير العام للمركز الدولي لدراسة الحفاظ على المقتنيات الثقافية وترميمها، إنه على الرغم من أن داعش قد يحاول مهاجمة المواقع الأثرية "سعيا للظهور"، فإن الخطورة الأكبر هي من عمليات التنقيب غير القانونية وأعمال النهب وأعمال البناء غير الشرعية التي يقوم بها الأهالي.
وأضاف:"الفرق الكبير عن سوريا هو أنهم يهاجمون مواقع التراث الإسلامي أكثر مما يهاجمون التراث الكلاسيكي".
من ناحيته، قال أحمد عبد الكريم رئيس إدارة شؤون التراث والآثار الليبي، إن أعمال العنف التي يقوم بها متشددون كانت الخطر الأشد الذي يواجه الآثار العام الماضي، لكن بعد أن خسر داعش في الآونة الأخيرة أراض في مدينتي بنغازي ودرنة وحولهما فإن منع أعمال البناء غير القانونية حول المواقع الأثرية بات يمثل الاهتمام الأكبر.
وتابع أن أعمال النهب تمثل مشكلة هي الأخرى، حيث تهرب جماعات دولية تنتهج نهج المافيا قطع أثرية عبر ليبيا.
وعثرت قوات الأمن على تحف أثرية في الأسبوع الماضي في منزل تمت استعادته يخص قائد في تنظيم داعش في بنغازي.
وقال المسؤول الليبي إنه جرى العثور على قطع تعود إلى حقب ما قبل التاريخ وربما يكون مصدرها منطقة فزان.
وعثر أيضا على قطع رومانية وبيزنطية. وتابع أن تلك كانت مجموعة مقتنيات من أجزاء مختلفة من ليبيا جمعت لأغراض التجارة.
وقال عبد الكريم إن السلطات استعادت قطعا أثرية في مناسبتين مختلفتين من بنغازي ودرنة. وأضاف أن جميع هذه الأحداث تعطي انطباعا بأن المتشددين ضالعون في تهريب الآثار.
آثار صبراتة
ومن جهته، أكد رمضان الشيباني المسؤول في إدارة شؤون التراث والآثار في طرابلس أن الآثار الرومانية في لبدة وصبراتة -حيث طردت فصائل محلية مقاتلي داعش بعد غارة جوية أميركية في فبراير لم تلحق بها أضرار.
وكان مدير موقع مدينة سلطان الأثري الذي يبعد 30 كيلومترا شرقي سرت، صرح قبل شهرين إن الموقع سليم.
ولكن الشيباني أشار إلى وجود "مشكلة كبرى" حيث تقع هجمات على مساجد وزوايا صوفية يعتبرها المتشددون غير إسلامية.
وفي العاصمة وحدها تعرض أكثر من 20 من هذه المواقع لهجمات.