شابت علاقة أنقرة وتنظيم داعش المتطرف الكثير من الغموض، خاصة بعد سيطرة التنظيم على مساحات واسعة من أراضي سوريا والعراق الملاصقة لتركيا، ووجه الغرب اتهامات لأنقرة بصرف النظر عن المسلحين الذي يعبرون حدودها للالتحاق بصفوف داعش.
ورفضت الحكومة التركية الانضمام للتحالف الدولي الذي بدأ عملياته ضد داعش بقيادة الولايات المتحدة في سبتمبر 2014، وتذرعت بعدم المشاركة بوجود رهائنها في قنصلية الموصل في قبضة التنظيم المتطرف.
ورغم الإفراج عن رهائنها، رفضت تركيا المشاركة في التحالف لضرب داعش سواء في سوريا أو العراق. وكانت تصريحات المسؤولين الأتراك تشكك دوما في حقيقة تنظيم داعش ومن يقف وراءه.
وتبادلت أنقرة الاتهامات مع الغرب بشأن المسؤولية عن انضمام مئات الشباب القادم من الغرب لداعش في سوريا، فالغرب يتهم حكومة تركيا وأردوغان بغض الطرف عن عبورهم بسهولة إلى سوريا، وأنقرة تتهم الغرب بعدم التعاون الأمني معها.
وأهمل الأمن التركي ملاحقة أفراد التنظيم المتطرف في البلاد، على قاعد أن داعش لم يلحق أضرارا بتركيا، ولم يخطر ببال المسؤولين أن المقاتلين الأتراك في داعش قد يعودوا ليشكلوا خطرا على بلدهم، رغم التحذيرات التي أطلقتها المعارضة التركية.
إلا أن تركيا استيقظت على الحقيقة مع تفجير سروج الانتحاري في أغسطس الماضي، الذي أودى بحياة أكثر من 30 شابا كرديا جنوب شرقي البلاد. رغم ذلك اعتبر تيار في السلطة أن التفجير استهدف الأكراد انتقاما لكوباني ولم يستهدف تركيا، وأهمل الأمن التحقيق في الهجوم.
وتغير موقف تركيا من داعش فجأة، إذ انضمت للتحالف الدولي وفتحت له قواعدها العسكرية بحجة إطلاق داعشي النار على حرس الحدود وقتل جندي تركي، لكن أنقرة استغلت الأمر لتمرر هجماتها على حزب العمال الكردستاني، ولم ينل داعش من ضرباتها ضمن التحالف شيئا يذكر.
وعاود تنظيم داعش الكرة من جديد مستهدفا قلب تركيا وعاصمتها بتفجير انتحاري مزدوج قتل أكثر من 100 شخص، فبدا أنه لابد من التحرك، لكنه جاء متأخرا.
وأدرك الأمن التركي ثمن تأخره في مواجهة داعش عندما قتل رجلين منه في مداهمة خلية لداعش في ديار بكر الأسبوع الماضي، وكشف عن وجود 8 انتحاريين من داعش يتجولون اليوم في تركيا بحثا عن هدف جديد.