التحذيرات الإسرائيلية المتكررة التي كانت تستبق حوادث العنف التي شهدتها سيناء طوال العقد الماضي، كانت هي القاسم المشترك الأعظم وسط تلك الأحداث.
فقد اعتادت أجهزة الأمن الإسرائيلية أن تستبق وقوع كل حادث من الحوادث الإرهابية، إطلاق التحذيرات والطلب من مواطنيها، الذين يفضلون قضاء الإجازات بالمنتجعات السياحية بسيناء، بتحذيرات عاجلة بضرورة الإسراع بالعودة فورا حفاظا على سلامتهم!
ومع كل تحذير كانت تتحقق نبوءة أجهزة الأمن الإسرائيلية، بدءا من تفجيرات طابا عام 2004، وحتى حادث الهجوم المسلح الذى استهدف نقطة أمنية تابعة للجيش المصري في بداية شهر أغسطس 2012، في بدايات حكم الرئيس الأسبق محمد مرسي وسقط خلاله 16 من العسكريين المصريين.
الأمر المتكرر الآخر في غالبية الحوادث التي شهدتها سيناء خلال العقد الماضي، هو الحديث عن ضلوع عناصر فلسطينية في كافة العمليات التي تم تنفيذها، بحسب أجهزة الأمن المصرية، التي قالت إنها تأكدت من أن الأسلحة والمتفجرات التي تم استخدامها في تنفيذ الهجمات تم تهريبها من قطاع غزة، إضافة إلى أنها توصلت إلى أن العديد من المصريين المتورطين في تنفيذ الحوادث تلقوا تدريبات في قطاع غزة.
وكان لافتا عدم إفصاح أجهزة الأمن المصرية عن الفصيل السياسي الذى تنتمي إليه تلك العناصر الفلسطينية المتهمة بالتورط في تلك الحوادث، وإن كانت تقارير إعلامية مصرية وجهت اتهامات لحركة حماس، خصوصا خلال فترة حكم جماعة الإخوان المسلمين.
حركة حماس كانت ولا تزال تنفي ضلوعها في أية عمليات تم تنفيذها ضد مصر، وطالبت بتقديم الأدلة الموثقة التي تثبت إدانتها.
بداية الهجمات
اسُتهلت الحوادث الإرهابية في سيناء في يوم السابع من أكتوبر عام 2004 بسلسلة من التفجيرات المتزامنة، شملت تنفيذ هجوم بسيارة ملغومة استهدف فندق "هيلتون طابا" الذي يقع علي بعد مئتي متر فقط من بوابة العبور بين إسرائيل ومصر أوقع أكثر من 30 قتيلا وعشرات المصابين من الإسرائيليين والمصريين وجنسيات أخرى، في ذات التوقيت وبذات الطريقة تم استهداف منتجعين سياحيين، بمدينة نويبع على بعد ستين كيلو متر في اتجاه الجنوب بسيارتين مفخختين، ما أدى إلى مقتل إسرائيليين اثنين ومصري.
عقب التفجيرات أعلنت ثلاث جماعات غير معروفة، على شبكة الإنترنت، مسؤوليتها، كما أعلنت جماعة تطلق على نفسها كتائب "شهداء عبد الله عزام" مسؤوليتها عن الهجوم.
بينما وجه كثير من الخبراء الأمنيين المصريين الاتهام إلى جهاز الموساد الإسرائيلي استنادا إلى ما قالوا إنها نظرية " ابحث عن المستفيد".. في ذات الوقت اتهمت إسرائيل تنظيم القاعدة بالتنفيذ!
على الجانب الأخر، نفت وزارة الداخلية المصرية وجود علاقة لمنفذي التفجيرات بتنظيم القاعدة وبأي جماعة تكفيرية أو جهادية، وقال بيان أصدرته الداخلية إن القائم على تخطيط وتنفيذ التفجيرات هو شخص فلسطيني الجنسية مقيم بمدينة العريش يدعي إياد سعيد صالح بالتعاون مع عدد من الأشخاص من بدو سيناء، كرد فعل لأعمال القمع والقتل التي تقوم بتنفيذها قوات الاحتلال الإسرائيلية بالأراضي العربية المحتلة.
وأشار البيان إلي أن الحادث لم يكن عملاً انتحاريا وتبين أن مصرع كلا من قائد المجموعة المهاجمة الفلسطيني، أياد سعيد صالح وأحد معاونيه ويدعي سليمان أحمد صالح فليفل وهو من بدو سيناء، جاء بسب خطأ في ضبط مؤقت التفجير أثناء محاولتهما الهروب بعدما تركا السيارة المفخخة في محيط الفندق.
واختتم البيان بالإشارة إلى أن أجهزة الأمن تمكنت من ضبط عدد من المشاركين في تخطيط وتنفيذ التفجيرات، وتوالى البحث عن عدد آخر منهم. وشنت أجهزة الأمن المصرية حملة مداهمات واسعة شملت العديد من المدن والقرى في نطاق سيناء، بحثا عن المتهمين الهاربين، أسفرت عن اعتقال ما يزيد على ألفي شخص، بحسب جمعيات حقوقية قالت إنها تلقت بلاغات من أسر المعتقلين، ووصف حقوقيون ـ آنذاك ـ تلك الاعتقالات بالعشوائية، وحملوا أجهزة الأمن المصرية مسؤولية زيادة حدة الاحتقان بين الحكومة المركزية وغالبية أهالي سيناء الذين كانوا يعانون من نقص الخدمات الأساسية والمشروعات التنموية ويشعرون بالتجاهل منذ عودة سيناء إلى السيادة المصرية.
وبينما كانت أجهزة الأمن المصرية توالي ملاحقاتها وراء المطلوبين على خلفية اتهامات بالتورط في تنفيذ تفجيرات طابا، وقعت سلسلة التفجيرات المتزامنة الثانية في سيناء في قلب مدينة شرم الشيخ بجنوب سيناء.
وقعت سلسة التفجيرات مساء ليلة الثالث والعشرين من يوليو عام 2005 ، وأسفرت عن وقوع ما يقرب من مئة قتيل وحوالي مئتي مصاب في أكبر حصيلة من الضحايا تشهدها مصر جراء حوادث الإرهاب، وتشابه أسلوب تنفيذ الانفجارات مع الأسلوب الذى تم إتباعه في تنفيذ تفجيرات طابا.
عقب الحادث أعلن ما يعرف بـ " تنظيم القاعدة في بلاد الشام وأرض الكنانة- كتائب الشهيد عبد الله عزام" أعلن مسئوليته عن التفجيرات وهو وواحد من مجموعة من التنظيمات التي سبق وأعلنت المسؤولية عن تنفيذ تفجيرات طابا.
وبذات السيناريو شهدت مدينة دهب بجنوب سيناء 25 إبريل 2006 سلسلة من التفجيرات المتزامنة، أسفرت عن مصرع وإصابة العشرات من السياح الأجانب والمصريين، ليتأكد وجود تنظيم تكفيري على أرض سيناء، يرتبط بتنظيم القاعدة فكريا، لأول مرة منذ سنوات طويلة منذ بداية الصراع بين الحكومات المصرية المتعاقبة وبين التنظيمات الدينية المتشددة، التنظيم أطلق على نفسه "التوحيد والجهاد "، هذه الحقيقة تكشفت بعد فترة طويلة من تأكيد أجهزة الأمن المصرية على عدم وجود ارتباط بين منفذي حوادث تفجيرات سيناء وبين تنظيم القاعدة.