فاجأ البرلمان الصومالي المجتمع الدولي الاثنين بانتخابه بأغلبية ساحقة الأستاذ الجامعي والناشط الاجتماعي حسن شيخ محمود، ضاربا بذلك كل التوقعات التي أكدت مسبقا إعادة انتخاب الرئيس المنتهية ولايته شريف شيخ أحمد.
الرئيس الجديد، الذي يوصف بالاعتدال، لم يكن ضمن قائمة المرشحين الأوفر حظا التي وضعها المحللون السياسيون الذين توقعوا أن تكون المنافسة بين الرئيس أحمد ورئيس وزراءه عبد الولي محمد علي.
لكن محمود، انتخب في الدورة الثانية من العملية بعد انسحاب اثنان من المرشحين - منهم رئيس الوزراء - الذين وصلوا إلى هذه المرحلة تاركين إياه والرئيس السابق في المواجهة.
انتخابه يفند أيضا الإيماءات التي أشارت إلى أن النواب سيعيده انتخاب نفس الحكومة وأنهم حصلوا على أموال خليجية لتكريس النظام القديم.
الرئيس الثامن للصومال يبلغ من العمر 56 عاما وهو ينتمي، مثل سلفه، إلى قبيلة الهوية. إبن لأسرة من الطبقة العاملة، محمود تخرج من الجامعة الصومالية عام 1981 ثم استكمل دراسته في الهند حيث حصل على درجة الماجستير من جامعة بهوبال عام 1988.
هو أكاديمي ومقاول ناجح كما شغل عدة مناصب كناشط اجتماعي في منظمات غير حكومية صومالية وأجنبية تعني السلام والتنمية كما عمل مع منظمة الأمم المتحدة لرعاية الأطفال اليونيسيف.
شيد الجامعة الصومالية للإدارة في مقديشو وعمل كرئيس لها حتى عام 2010.
دخل عالم السياسة في العام التالي عندما أسس حزب السلام و التنمية وهو حزب مستقل والذي انتخبه أعضاءه رئيسا له بالإجماع.
عند اعلان انتخابه انطلقت صرخات فرح في شوارع العاصمة الصومالية وهلل المارة سعادة بهذا الاختيار.
بعد دقائق من إعلان فوزه، وضع الرئيس الجديد يده اليمنى على نسخة من القرآن الكريم ليقسم اليمين أمام النواب الذين انتخبوه.
في خطاب تنصيبه شكر محمود الشعب الصومالي ثم البرلمان الفدرالي كما وجه الشكر أيضا إلي المرشحين الأخرين.
الرئيس السابق اعترف بهزيمته قائلا "إنني سعيد لرؤية أول انتخابات حرة ونزيهة في الصومال منذ 40 عاما". ثم أضاف "أريد أن أهنيء الرئيس الجديد على الانتخابات النزيهة وأود أن أعلن أنني راض تماما عن النتائج".
"الصومال اختار التغيير"، قال من جانبه رئيس الوزراء السابق عبد الولي محمد علي - الذي وضع ثقله كله لمساندة محمود بعد انسحابه شخصيا من السباق الذي حل فيه في المرتبة الثالثة - ورأي أن النتيجة تعلن بداية عهد جديد لبلاده.
الرئيس المنتخب كان قد عرف نفسه في حديث مع جريدة الجارديان البريطانية الشهر الماضي على أنه شخص سياسي مستقل لم تطاله الشوائب التي تعيب الحكومة الفدرالية الانتقالية، المدعومة من الأمم المتحدة، و"فشلها في القيادة".
وأدان الفساد الذي استشرى في الدولة. "القادة ينظرون إلى الدولة على أنها ألة لصنع الأموال. إنهم لا يريدون التخلي عن سلطاتهم. الفساد كان عاملا فاعلا ولا يزال كذلك"، حسب محمود.
في يوليو وجد تقرير لمجموعة بالأمم المتحدة لمراقبة الصومال أن من بين كل 10 دولارات تلقتها الحكومة الانتقالية الاتحادية فيما بين عامي 2009 و2010 لم تصل منها 7 دولارات أبدا إلى خزينة الدولة، لكن أحمد رفض هذه الادعاءات.
وفي حديثه الصحفي أكد محمود على ضرورة مواجهة مجموعة الشباب المتطرفة والمنتمية لتنظيم القاعدة بوسيلة أخرى غير السلاح.
"الشباب ليست مجرد ميليشيا عادية، هي أيديولوجيا. لا يمكن أن تحارب الأيديولوجيا بالسلاح فقط، وهو ما تفعله الحكومة الحالية. مجموعة الشباب العسكرية هزمت ولكن الأيديولوجيا لا تزال باقية. نحن نحتاج إلى حرب متعددة الأوجه لمواجهتهم لأننا لو استمرينا على هذا المنوال فإن العمليات الانتحارية ستستمر"، حسب محمود.
كما أشار إلى الوضع الأمني الهش الذي يسود أجزاء من البلاد التي استطاعت القوات الأثيوبية والكينية طرد عناصر الشباب منها على الرغم من التحسن في هذا المجال.
وقال "إذا سرت في أنحاء مقديشو تلاحظ أنها مختلفة عما كانت عليه منذ 18 شهرا. لكن السؤال هو إلى أي مدى يمكن المحافظة على ذلك؟ إن الوضع لا يزال هشا".
وكان قد تقدم 24 مرشحا لسباق الرئاسة الانتخابية التي تمت الاثنين في العاصمة مقديشو لأول مرة منذ عقدين من الزمان.
الحرب الأهلية التي تلت الإطاحة بالديكتاتور سياد بري عام 1991 حالت دون إقامة مثل هذه العملية السياسية ومنعت تمتع الصومال بأي حكومة فعلية حتى انتخاب شريف شيخ أحمد عام 2009، والذي تم في جيبوتي لدواع أمنية.