تعديل المادة الثانية للدستور أثار جدلا واسعا بين أعضاء اللجنة التأسيسية لصياغة الدستور والتي تواجه اتهامات بأن التيارات الإسلامية تمثل غالبية أعضائها حيث طالب التيار السلفي الحاصل على نحو 26 بالمئة من مقاعد البرلمان بإدخال تغييرات على نصها لتحل كلمة "أحكام" الشريعة بدلا من "مبادئ" الشريعة.

المادة بشكلها الحالي تنص على أن "الإسلام دين الدولة، واللغة العربية لغتها الرسمية، ومبادئ الشريعة الإسلامية المصدر الرئيسي للتشريع".

وقد أدخلها الرئيس السابق محمد أنور السادات في دستور 1971 كمحاولة لكسب التيارات الإسلامية لصفه لمحاربة التيار الاشتراكي واليساري الذي كان قويا في عهد سلفه جمال عبد الناصر.

ثم تم تعديلها عام 1981 ليضاف إليها "ال" التعريف لتصبح "مبادئ الشريعة الإسلامية المصدر الأساسي للتشريع" بعد أن كانت "مصدر أساسي للتشريع".

زياد بهاء الدين، النائب المستقل في مجلس الشعب يستبعد أن "يرضي الإخوان بتعديل المادة الثانية والقبول بطلبات السلفيين"، "أعتقد انهم سيلعبون دور القوة الوسطية التي تحمي الشعب من تشدد السلفيين وبالتالي لن يدفعوا في اتجاه تغيير المادة الثانية".

ويري بهاء الدين ذلك على الرغم من أن "الإخوان لا يستطيعون أن يخسروا السلفيين بسبب قوتهم التأثيرية ككتلة انتخابية وشعبية مهمة".

فضلا عن رفض القوي الليبرالية فإن إدخال تعديلات على المادة الثانية أثار مخاوف جمة لدي مسيحيي مصر الذين يمثلون نحو 10 بالمئة من سكان مصر البالغ عددهم 85 مليون نسمة.

الباحث والكاتب القبطي سامح فوزي يري أن "الأغلبية العظمي للمؤسسات الدينية سواء كانت مسيحية أو إسلامية تريد الإبقاء عليها لأنها محل توافق حيث إنها تعطي تفسيرا أرحم في التعامل مع قضايا الشريعة ولأنها أكثر مواءمة مع طبيعة المجتمع المصري".

"السلفيون تحديدا هم من يريدون تغييرها ولم يقدموا تفسيرا مقنعا لمطلبهم. هم يقولون إنه لا فارق بين كلمة أحكام التي يريدون إدخالها ومبادىء الموجودة في النص حاليا، إذا لم يكن هناك اختلاف إذا لماذا تريدون تغييرها"، يتساءل فوزي.

ويؤكد الباحث أن اجتماعا تم منذ يومين بين الأزهر والتيارات الإسلامية المشتركة في لجنة صياغة الدستور أسفر عن الاتفاق علي إبقاء المادة الثانية بصياغتها الحالية، ثم فوجئنا بالأمس بتصعيد في النبرة والتشدد في التمسك بتعديلها من جانب السلفيين".

أحد التفسيرات لهذا التشدد بحسب فوزي هو أن هذا التيار "يريد التشدد أمام جمهوره حتي إذا ما جاءت النتيجة مخالفة يظهر وكأنه حاول الدفاع عن مطلبه باستماتة".

"هناك حاليا اتجاهان، اتجاه ينحاز إلي نظام وثقافة مصرية تبلورت في الدولة المصرية الحديثة على مدار قرنين من الزمان وفيه يسود نوع من التسامح والانسجام بين أطياف المجتمع واتجاه أخر يريد إعادة صياغة مفهوم الدولة ليتفق مع أرائه وتوجهاته"، حسب فوزي.

ويري أن تعديل المادة الثانية ستكون له تداعيات تنسحب علي كل نواحي الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية والفكرية في مصر".

"ستتم حينئذ كتابة قوانين جديدة بحيث تتفق مع المادة ثم اتجاه لإعادة النظر في كل القوانين الموجودة وأوجه الحياة  وستسن قوانين خاصة بالبنوك وفوائدها واذا ما كانت تعتبر ربا يتم إلغاؤها وقوانين خاصة بالأحوال الاجتماعية وتدخل في الحريات الشخصية والفكرية ثم دعوات لتطبيق حدود الشريعة".

"هذا التصور لا يتفق مع مفهوم الدولة الحديثة وسيدخلنا في متاهة  من الجدل نحن في غني عنه".

ويذكر فوزي أن "القوي الليبرالية كانت تطالب منذ سنوات طويلة بإلغاء المادة الثانية لأنه باسمها حدث بعض التضييق علي الحقوق والحريات وكانت تري في تمسك الأزهر بها تشددا".

"أما الأن انقلبت الآية  وأصبحت التيارات الإسلامية هي التي تطالب بتغيير المادة وأصبح الأزهر في صف القوي العلمانية التي رأت أن إبقاء المادة أفضل من تغييرها إلي صيغة متشددة"، في رأيه.

وذكر فوزي أن هناك دعاوي لحل لجنة صياغة الدستور التي تري بعض القوي السياسية والاجتماعية في مصر أنها لم تراع مبدأ المساواة الدستورية لما يرونه من هيمنة التيار الإسلامي عليها.

ويدافع نادر بكار المتحدث باسم حزب النور السلفي عن مطلب تعديل المادة الثانية.

"لدينا مرونة للمناقشة ونتمسك بما قاله الأزهر من قبل وعلى لسان الشيخ نصر فريد واصل بأن تكون الشريعة الإسلامية هي أساس التشريع"

ويضيف "كل ما نريده هو تفسير كلمة مباديء التي وردت في المادة لذلك طالبنا بتضمين التفسير في النص".

ولا يوافق بكار على أن التعديل سيؤدي إلي جدل غير مسبوق ويري أنه في حالة الجدل "نحتكم إلي المرجعية الأكبر وهي الأزهر للفصل في أي خلاف".

"تماما كما نقول أننا عندما نختلف قضائيا نحتكم إلي المحكمة الدستورية العليا لأنها أعلي مرجعية قضائية  وبالتالي عند لاختلاف في الأمور الدينية نحتكم إلي أعلي مرجعية سنية وهي الأزهر"، حسب بكار.