يشكل انتخاب العماد جوزيف عون رئيسا للجمهورية لحظة مفصلية في تاريخ لبنان. ومن قائد عسكري صارم إلى رجل دولة متطلع للإصلاح، يقف عون أمام مسؤولية جسيمة تتطلب رؤية واضحة وشجاعة سياسية لقيادة البلاد نحو مستقبل أفضل.
في مطلع 2021 قال قائد الجيش اللبناني آنذاك ورئيس الجمهورية المنتخب اليوم " سينهض وطننا من جديد" .
عون قال هذه العبارات وغيرها أمام العسكريين وأكد أنهم "قاموا بواجبهم على أكمل وجه خلال العام المنصرم الذي كان صعبًا على مختلف الصعد، وعلى جميع اللبنانيين، ولم يكونوا هم بمنأى عن صعوباته التي واجهوها ملتزمين بواجبهم".
وأضاف"عهدتكم أبطالًا في كل الأوقات وجعلتموني فخورا بكم، وسأبقى".
استحقاقات كبيرة تطلّبت اليوم من الرئيس جوزاف عون جهودًا أكبر، وتحدّيات من المرتقب أن يواجهها بصلابة وعنفوان فهو الذي لم يسمح للفتنة بالتغلغل بين اللبنانيين من خلال مؤسسة الجيش اللبناني.
وحسب المتتبعين فعلى الرغم من المخاض الذي يعيشه لبنان، كل الآمال معلّقة على هذا الرجل اليوم .
وفي ظل الأزمات المتشابكة التي يعيشها لبنان، يبرز اسم العماد جوزاف عون كأحد أبرز الشخصيات التي أثارت اهتمام اللبنانيين والمجتمع الدولي على حد سواء.
ومن المؤسسة العسكرية إلى سدّة الرئاسة، يشكل عون رمزاً للأمل في إعادة بناء الدولة واستعادة سيادتها.
النشأة والمسيرة العسكرية..من هو جوزاف عون ؟
وُلد جوزاف عون في منطقة سن الفيل شرق بيروت عام 1964 وهو من بلدة العيشية في جنوب لبنان.
نشأ في بيئة متواضعة تميّزت بالقيم الوطنية. التحق بالكلية الحربية اللبنانية، حيث تخرج ضابطاً في الجيش اللبناني، ومن ثم بدأ مسيرة عسكرية طويلة شهدت ترقيات متتالية نتيجة لكفاءته وانضباطه.
تولى عون عدة مناصب قيادية في الجيش اللبناني، حيث أظهر مهارة متميزة في إدارة العمليات العسكرية المعقدة، خصوصاً تلك المتعلقة بمكافحة الإرهاب وحفظ الأمن. عُين قائداً للجيش في مارس 2017، إذ ركّز على تعزيز دور المؤسسة العسكرية كحامية للسيادة الوطنية ووحدة البلاد.
الإنجازات البارزة كقائد للجيش
خلال قيادته للجيش، واجه العماد جوزاف عون تحديات كبرى، أبرزها:
• مكافحة الإرهاب:
قاد الجيش اللبناني معارك حاسمة ضد الجماعات الإرهابية، لا سيما في جرود رأس بعلبك والقاع عام 2017، حيث نجح في تطهير المنطقة من تنظيم “داعش”.
• حماية الاستقرار الداخلي:
أثبت عون قدرة الجيش على لعب دور محوري في الحفاظ على الأمن خلال فترات التوتر السياسي والاجتماعي التي شهدها لبنان.
• تعزيز الشفافية في المؤسسة العسكرية:
عمل على تحسين سمعة الجيش من خلال مكافحة الفساد وتعزيز الكفاءة الإدارية داخله.
• التعاون الدولي:
حرص على تطوير علاقات الجيش اللبناني مع الدول المانحة، مما ساهم في تأمين دعم لوجستي وعسكري ساعد في تعزيز قدرات الجيش.
الرؤية السياسية والإصلاحية
مع انتخاب الرئيس جوزاف عون رئيساً للجمهورية اللبنانية، يُنظر إلى جوزاف عون كشخصية إصلاحية تتمتع بخبرة عميقة في إدارة الأزمات ويُتوقع أن يركز على النقاط التالية:
• استعادة سيادة الدولة: تطبيق القرارات الدولية، لا سيما القرار 1701، وجمع السلاح غير الشرعي.
• إصلاح المؤسسات: محاربة الفساد وإعادة هيكلة القطاعين الإداري والاقتصادي.
• تعزيز العلاقات الدولية: توظيف علاقاته الدولية لإعادة الثقة بلبنان واستقطاب الدعم الاقتصادي.
تحديات
رغم الكفاءة التي أظهرها عون خلال مسيرته، فإن الطريق أمامه ليس سهلاً. أبرز التحديات التي سيواجهها:
- الأزمة الاقتصادية: تدهور الليرة اللبنانية وأزمة الودائع المصرفية.
- التوازن السياسي: إدارة التناقضات الداخلية بين الأطراف السياسية المتصارعة.
- إعادة بناء الدولة: تحقيق إصلاحات جذرية في ظل نفوذ الدويلة التي تشكّل عقبة أمام السيادة الوطنية.
دعم داخلي ودولي
ويعبر المحللون أن جوزيف عون يحظى بدعم دولي وعربي، كونه شخصية حيادية ملتزمة ببناء الدولة. هذا الدعم يُعد عاملاً حاسماً في تعزيز قدرته على تنفيذ الإصلاحات واستعادة ثقة اللبنانيين