مع تزايد ضغوط المحكمة الجنائية الدولية على السلطات السودانية لتسليم الرئيس السوداني المعزول عمر البشير ومساعديه أحمد هارون وعبد الرحيم حسين، المتهمين بجرائم ضد الإنسانية في إقليم دارفور، قال النائب العام السوداني الفاتح طيفور، إنه لا مجال لمحاكمة السودانيين أمام "آليات خارجية بديلة للوطنية".
وخلال تواجد طيفور في لاهاي مطلع الشهر الجاري لحضور محاكمة علي كوشيب المتهم بذات الجرائم، أكدت المحكمة الجنائية على لسان الناطق باسمها فادي العبد الله، أن رفض السودان التعامل مع المحكمة يعتبر خرقا واضحا لقرارات مجلس الأمن الدولي التي تم بموجبها إصدار مذكرة القبض على البشير والمطلوبين الآخرين.
لكن طيفور أكد في تصريحات صحفية في بورتسودان يوم الإثنين أن محاكمات المتهمين السودانيين ستكون داخلية، موضحا "نوجه رسالة لتطمين المواطنين وللعالم أجمع بأن المحاكمات داخلية ولا مجال ولا معنى لإنشاء آليات خارجية بديلة للوطنية".
وأشار طيفور إلى "رسوخ السلطة القضائية السودانية وقدرة النيابة العامة وفعاليتها بجانب وجود جميع القوانين مما يمكن من محاكمة كل المجرمين داخل الأراضي السودانية".
ومنذ العام 2009، تطالب المحكمة الجنائية بتسليم البشير الذي أطاحت بنظام حكمه ثورة شعبية في أبريل 2019.
وبعد اندلاع الحرب في منتصف أبريل 2023، تزايد الجدل حول مكان وجود البشير والمطلوبين الآخرين، لكن مجموعة في حزبه فاجأت الأوساط السودانية وأكدت في بيان تواصلها معه، معلنة أنه سيظهر للعلن قريبا.
وبعد فترة من اندلاع الحرب بين الجيش وقوات الدعم السريع في منتصف أبريل 2023، نقل البشير من مدينة أم درمان شمال غرب الخرطوم حيث كان يتعالج بمستشفى عسكري.
ولم تكشف السلطات السودانية حتى الآن عن المكان الذي نقل إليه البشير، لكن قائد الجيش عبد الفتاح البرهان أكد في تصريحات سابقة أنه "في مكان آمن".
وفي مارس الماضي بررت السلطات السودانية عدم تسليم البشير للمحكمة الجنائية، بصعوبات ناجمة عن الحرب الدائرة في البلاد.
إلا أن مراقبين يرون العديد من المؤشرات التي تؤكد تحرك البشير ومساعده أحمد هارون وعدد من المطلوبين الآخرين، بحرية في مناطق سيطرة الجيش.
ولم تعلّق المحكمة الجنائية على تصريحات طيفور الأخيرة، لكن فادي العبد الله المتحدث باسمها أكد في تصريحاته السابقة أن المحكمة عازمة على السعي نحو تحقيق العدالة لضحايا انتهاكات دارفور.
وفي سياق آخر، قال النائب العام في إشارة إلى القائمة التي أعلنها في وقت سابق والتي شملت رئيس الوزراء السابق عبد الله حمدوك وأكثر من 40 سياسيا وصحفيا "سنقوم بمحاكمتهم غيابيا حال عدم تجاوب الدول التي ذهبوا إليها في مسألة تسليمهم كما أنهم سيعملون تلك الدول بالمثل فيما بعد".
ويرى كثير من المختصين أن البلاغات المقدمة ضد حمدوك والسياسيين والصحفيين الآخرين الذين ضمتهم قائمة النائب العام "كيدية" وذات أبعاد سياسية ولا تستند لأي أسس قانونية، مشيرين إلى أن المجموعة المضمنة في قائمة النائب العام هي في الأساس مجموعة سياسيين وصحفيين رافضين للحرب وليست لديهم صلة بها.
وانتقد المعز حضرة عضو هيئة الاتهام في قضية انقلاب 1989 التي كان يحاكم فيها البشير وأعوانه قبل اندلاع الحرب، تصريحات النائب العام بشأن رفض المحاكمات الخارجية وحديثه عن قدرة المحاكم السودانية، وأوضح لموقع "سكاي نيوز عربية" أنه "إذا كانت المحاكم السودانية راغبة في محاكمة المجرمين وقادرة على ذلك كانت ستلقي القبض على البشير والمطلوبين الآخرين الذين يتحركون بحرية في مناطق سيطرة الجيش".