بعد يومين من إجماع عربي واضح وصريح وتأييد أممي لبدء عملية سياسية سلمية في سوريا، برعاية جامعة الدول العربية والأمم المتحدة، ووفق مبادئ قرار مجلس الأمن الدولي 2254، تبرز أصوات معارضة لا تتوافق مع هذا التوجه، معتبرة أن تغييرات المشهد السياسي تتطلب إعادة النظر في هذا القرار.
خلفية القرار 2254
القرار 2254، الصادر في ديسمبر 2015، وضع خارطة طريق للحل السياسي في سوريا، بما في ذلك وقف إطلاق النار، وإطلاق مفاوضات سورية سورية برعاية أممية لتشكيل حكم انتقالي وصياغة دستور جديد، ثم إجراء انتخابات نزيهة تحت إشراف الأمم المتحدة.
ومع ذلك، يرى البعض أن الظروف السياسية الحالية لم تعد تتوافق مع بنود القرار بالكامل.
معارضون
قائد هيئة تحرير الشام أحمد الشرع المعروف باسم أبو محمد الجولاني، كان أبرز الأصوات التي دعت إلى "تحديث القرار"، على خلفية ما اعتبرها "تغييرات طرأت على المشهد السياسي السوري".
ويتفق معه أستاذ العلاقات الدولية بجامعة دمشق عبد القادر عزوز، أوضح أن "القرار 2254 وضع معالم واضحة لحل سياسي، لكن بعض بنوده لم تعد قابلة للتطبيق، خصوصا تلك المتعلقة بمفاوضات بين الحكومة والمعارضة".
وأضاف خلال حديثه لبرنامج "رادار" على "سكاي نيوز عربية": "القرار ليس نصا مقدسا، بل إطار قابل للتحديث بما يضمن التوافق مع واقع جديد، ومع ذلك يبقى جوهر القرار المتمثل في عملية سياسية بقيادة سورية أساسيا".
وفي سياق متصل، أشار الرئيس التنفيذي لمنظمة ميزان للدراسات وحقوق الإنسان ياسر الفرحان، إلى أن "التحدي يكمن في كيفية تطبيق القرار في ظل غياب أحد أطرافه الرئيسية، وهو نظام الأسد".
وأوضح: "نحن بحاجة إلى آليات بديلة تضمن تحقيق الغاية الأساسية للقرار، بما في ذلك حكم شامل للجميع، ودستور جديد، وانتخابات حرة ونزيهة، لكن آليات التنفيذ تتطلب حوارا سوريا ودوليا واسعا".
التطورات السياسية والمخاوف
كما أكد مدير مركز الدراسات الاستراتيجية في الجامعة الأردنية حسن المومني، أن طرح مسألة تعديل القرار تثير تساؤلات حول أولويات المرحلة.
وقال لـ"رادار": "الأهم الآن هو بناء الثقة بين الأطراف السورية المختلفة، خاصة أن الواقع الحالي أفرز قوى سياسية واجتماعية جديدة".
وتابع المومني: "المسألة لا تتعلق فقط بهيئة تحرير الشام، بل تشمل فرقاء آخرين مثل القوى الكردية والاجتماعية المتعددة، ما يستدعي البحث عن حلول شاملة ومتوازنة".
في المقابل، حذر أستاذ العلاقات الدولية في جامعة دمشق عبد القادر عزوز، من خطورة الفراغ السياسي و"طيور الظلام" التي تعمل خارج إطار القانون، حسب وصفه.
وقال: "المطلوب هو الحفاظ على مبادئ القرار 2254 مع مراعاة التغيرات الواقعية، لتجنب أي فوضى أو صراع قد يعيد الأزمة السورية إلى نقطة الصفر".