بينما كان السوريون يحلمون بانتقال سياسي ديمقراطي شامل بعد سنوات من حكم نظام الأسد، تبدو المرحلة الانتقالية مشوبة بالقلق والمخاوف.
قرار زعيم هيئة تحرير الشام أحمد الشرع الملقب بأبو محمد الجولاني، تكليف محمد البشير رئيس حكومة الإنقاذ في إدلب، بتشكيل حكومة مؤقتة، أثار انتقادات حادة بسبب غياب المشاورات مع المعارضة، مما يثير شكوكا حول مدى الالتزام بالتعددية والتنوع.
وأشار الأكاديمي والبرلماني السوري السابق محمد حبش، إلى أن المرحلة الانتقالية تحمل فرصا للتحول السلمي بعيدا عن العنف، وأكد: "لم يكن دخول الفصائل المعارضة مصحوبا بالعنف، مما أتاح فرصا لتجاوز الأحقاد".
كما دعا حبش إلى تعزيز الوحدة الوطنية والابتعاد عن الأيديولوجيات المتطرفة، مشيرا إلى ضرورة أن تؤمن الحكومة المؤقتة بكافة مكونات الشعب السوري والعمل على استعادة العلاقات العربية بعيدا عن النفوذ الإيراني والتركي.
ووصف الكاتب والباحث السياسي عبد الحميد توفيق الوضع الحالي بأنه اختبار للنهج السياسي الجديد، مشددا على أهمية التشاركية في القيادة السورية.
وأكد على أن "التجارب السابقة تثبت أنه لا يمكن لطرف واحد، سواء كان حزبا أو فصيلا، أن يحكم البلاد".
وأشار توفيق إلى أن التحركات الدبلوماسية الأخيرة، بما في ذلك اجتماع أحمد الشرع مع عدد من السفراء، تمثل تطورا إيجابيا، لكنه يتطلب متابعة دقيقة لتحقيق استقرار مستدام.
من واشنطن، قال الباحث في مؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات حسين عبد الحسين إن "التصريحات والاختيارات الحالية تثير القلق، خاصة مع وجود مقاتلين أجانب في صفوف المعارضة السورية".
وأضاف أن واشنطن تراقب الوضع بحذر، في ظل انقسامات داخل المعارضة السورية، مما يهدد بتحقيق انتقال سياسي ديمقراطي فعال.
كما أشار إلى "استعداد إسرائيل للأسوأ"، معتبرا أن غموض العملية الانتقالية قد يجعل الحكومة الجديدة في سوريا معادية لها.
أما أستاذ القانون الدولي الدبلوماسي السوري السابق محمد الحاج بكري، فقد دعا إلى إقامة دولة قانون ديمقراطية تشمل جميع فئات الشعب السوري.
وشدد على أهمية التعلم من تجارب دول أخرى، قائلا: "يمكن لسوريا أن تستفيد من تجارب دول مثل ألمانيا التي أعادت بناء نفسها بعد الحكم النازي لتصبح قوة اقتصادية عالمية".
وأكد أن الانتقال الديمقراطي يتطلب جهدا وصبرا طويلا، مع التركيز على كرامة الإنسان كأساس لدولة القانون.