مع سقوط النظام السوري، شهدت المنطقة تحولات كبيرة في موازين القوى الإقليمية والدولية. هذا السقوط أعاد رسم خارطة النفوذ في سوريا، حيث تكبدت قوى كبرى مثل إيران وروسيا خسائر استراتيجية، بينما استفادت أطراف أخرى كإسرائيل وتركيا.
أوضح الخبير العسكري والاستراتيجي، اللواء صالح المعايطة، أن سقوط النظام السوري ألحق ضرراً كبيراً بالنفوذ الإيراني. فقد كانت إيران تعتمد على ممر بري استراتيجي يبدأ من أراضيها مروراً بالعراق وسوريا وصولاً إلى لبنان. هذا الممر، الذي وصفه المعايطة بأنه "الرئة التي يتنفس منها حزب الله"، تضرر بشكل كبير بفقدان إيران لسيطرتها على مناطق رئيسية.
وأشار المعايطة إلى أن "إيران عملت على إحلال ديمغرافي واسع على طول هذا الممر، عبر رفع التواجد الطائفي الشيعي وتجنيس سكان محليين لدعم نفوذها".
لكن هذه الجهود تعرضت لضربات قوية نتيجة سقوط النظام وضربات إسرائيلية متكررة استهدفت مواقع استراتيجية.
وأضاف: "اليوم تعيد إيران حساباتها وتبحث عن بدائل، لكنها خسرت 80% من محور الممانعة في المنطقة".
من جهتها، استغلت إسرائيل الفراغ الذي خلفه سقوط النظام لتوسيع نفوذها في المناطق الحدودية. ووفقاً للواء المعايطة، فقد نفذت إسرائيل أكثر من 250 غارة جوية استهدفت مواقع إيرانية وسورية منذ بداية الأحداث، ما ساعد في تقويض النفوذ الإيراني.
كما سيطرت إسرائيل على مناطق استراتيجية مثل جبل الشيخ، مما عزز قدرتها على مراقبة سوريا ولبنان.
تركيا.. مستفيدة من توسع المعارضة
أما تركيا، فقد عززت وجودها في الشمال السوري، حيث تدعم تنظيمات مسلحة موالية لها.
وأكد اللواء المعايطة أن تركيا نجحت في تأمين مناطق نفوذ واسعة تجاوزت 8000 كيلومتر مربع، مستفيدة من انهيار النظام وتوسع سيطرة المعارضة.
وأضاف: "أنقرة تعمل على استغلال هذا الوضع مع تجنب تهديدات محتملة من القوات الكردية في الشمال".
روسيا.. خسائر رغم الاحتفاظ بالوجود في الساحل
على الرغم من أنها كانت المستفيد الأكبر من نظام الأسد، إلا أن النفوذ الروسي تعرض أيضاً لتراجع مع سيطرة المعارضة على مناطق جديدة.
وذكر المعايطة أن "موسكو تحتفظ بقاعدتها في طرطوس واللاذقية، لكنها تواجه تحديات متزايدة مع استمرار الضربات على مواقعها".
وشهد سقوط النظام السوري تقويضاً لنفوذ إيران وروسيا في المنطقة، بينما استفادت أطراف أخرى مثل إسرائيل وتركيا بشكل ملحوظ.
مع هذا التحول، تظل المنطقة عرضة لتغيرات مستمرة في موازين القوى، مع استمرار البحث عن استراتيجيات جديدة لتحقيق التوازن.