في تطور لافت للأحداث على الساحة السورية، تصدرت الأنباء عن انسحابات متكررة للجيش السوري من مواقع استراتيجية مثل حماة وحلب عناوين الأخبار.
وفي ظل غياب لافت لدور الحلفاء الأساسيين، روسيا وإيران، يُطرح السؤال عن أسباب هذه التحركات وما إذا كانت تشير إلى تغييرات أعمق في ميزان القوى على الأرض.
"غرفة الأخبار" على سكاي نيوز عربية، استضاف نخبة من الخبراء لتحليل المشهد السوري المتغير، حيث شارك في النقاش كل من مهند عزاوي، مدير مركز صقر للدراسات الاستراتيجية، وفراس النائب، رئيس مركز استراتيجية للدراسات، وحسام طالب، الكاتب والباحث السياسي من دمشق، وجاهد طوز، المستشار السابق في رئاسة الوزراء التركية من لندن.
أين الجيش السوري؟
بدأ النقاش بطرح سؤال مركزي: "أين الجيش السوري في ظل هذه التحولات المتسارعة؟" في إشارة إلى انسحاب القوات السورية من خطوط المواجهة مع التنظيمات المسلحة، واستيلاء هذه التنظيمات على مواقع استراتيجية في حماة وإدلب.
الرؤية من دمشق
علق حسام طالب بأن التحركات جاءت نتيجة "تدخل مباشر" من حلف الناتو وإسرائيل عبر دعم تركي مكثف للجماعات المسلحة. وأوضح أن الجيش السوري يعيد تموضعه في مناطق أكثر أمانًا لتجنب معارك مكلفة داخل المدن، معتمدًا على دعم جوي روسي مستمر.
روسيا.. تقليص الدور أم إعادة تموضع؟
ناقش مهند عزاوي غياب الحضور الروسي القوي عن المشهد السوري، مشيرًا إلى أن النجاحات الميدانية الروسية في أوكرانيا دفعتها لإعادة ترتيب أولوياتها.
وأشار إلى احتمال وجود "صفقة خفية" قد تجعل روسيا تُفضِّل التركيز على نفوذها في البحر الأسود بدلًا من المتوسط.
تركيا والتنظيمات المسلحة.. قراءة من لندن
من لندن، اعتبر جاهد طوز أن تركيا تدعم هذه التنظيمات في إطار خططها لحماية أمنها القومي. وأكد أن أنقرة لن تسمح بقيام أي كيان على حدودها يهدد استقرارها، في حين دعا إلى ضرورة الجلوس على طاولة مفاوضات لإنهاء الصراع السوري.
إيران.. حضور باهت وتداعيات في المنطقة
وعن غياب الدور الإيراني في ظل هذه التطورات، أوضح فراس النائب أن إيران تواجه تحديات داخلية وخارجية تجعلها أقل قدرة على التدخل، خصوصًا بعد الضربات التي تلقاها حلفاؤها في لبنان.
بيان وزير الدفاع السوري
في الأثناء، نقل البرنامج بيانًا لوزير الدفاع السوري علي محمود عباس، أكد فيه جاهزية الجيش العربي السوري لاستعادة جميع المناطق التي سيطرت عليها التنظيمات المسلحة مؤخرًا. وتضمن البيان وعودًا بإعادة الأمن والأمان لسوريا مهما كانت التحديات.
معركة حماة.. هل يستعيد الجيش زمام الأمور؟
ناقش مهند عزاوي القدرات العسكرية للجيش السوري في استعادة المواقع التي انسحب منها، وأشار إلى أن الانسحاب العسكري يضعف كفاءة القوات، مما يجعل استعادة حماة وحلب أمرًا معقدًا ويتطلب وقتًا أطول وجهودًا أكبر.
تركيا.. خطط طويلة الأمد؟
تطرق جاهد طوز إلى الأهداف التركية، موضحًا أن أنقرة تعمل وفق خطط طويلة الأمد، ودعا النظام السوري إلى التفاعل مع المبادرات السياسية المطروحة بدلًا من التصعيد العسكري.
مستقبل الأزمة السورية.. تصعيد أم حلول؟
عن مستقبل سوريا وسط هذا التصعيد. أكد فراس النائب أن استمرار التصعيد لن يؤدي إلا إلى مزيد من الفوضى، داعيًا إلى تفاوض شامل يضم جميع الأطراف لإنقاذ البلاد من سيناريو الانهيار الكامل.
أجمع الخبراء أن الأزمة السورية دخلت مرحلة جديدة من التعقيد، حيث تداخلت المصالح الدولية مع التحولات الميدانية. ومع تزايد الغموض حول مواقف اللاعبين الرئيسيين، يبقى الحل السياسي هو المخرج الوحيد لإنهاء هذا الصراع الذي طال أمده.