في ظل تطورات ميدانية متسارعة، تتصاعد حدة المواجهات في شمال سوريا مع توسع العمليات العسكرية للجيش السوري ضد الفصائل المسلحة المدعومة من تركيا. وفي الوقت نفسه، تتشابك المواقف الدولية بين دعوات للتهدئة وإجراءات على الأرض تعيد تشكيل خريطة السيطرة في المنطقة.
ناقشت سكاي نيوز عربية مع الكاتب الصحفي غسان يوسف من دمشق، تفاصيل المشهد المتوتر وأبعاد التصعيد العسكري الأخير، وما يعكسه من تناقضات إقليمية ودولية.
الجيش السوري يستعيد السيطرة
تحدث غسان يوسف عن التقدم الميداني للجيش السوري في محافظتي حماة وإدلب، مشيرًا إلى غارات مكثفة ضد ما وصفها بالمجموعات الإرهابية المدعومة من تركيا.
وأوضح أن دمشق اتخذت قرارًا حاسمًا باستعادة كافة المناطق الخارجة عن سيطرتها.
وأكد يوسف أن تركيا، وفقًا لتحليل دمشق، تمثل العقبة الرئيسية أمام جهود إعادة الاستقرار، حيث تدعم أنقرة فصائل مسلحة مثل جبهة النصرة، ما يثير مخاوف بشأن توسع الأطماع التركية في الأراضي السورية.
الأطماع التركية.. قراءة في مشروع "الميثاق الملي"
ركز النقاش على مشروع "الميثاق الملي"، الذي يرى فيه يوسف محاولة تركية لإعادة رسم الحدود استنادًا إلى طموحات تاريخية.
وأشار إلى أن تركيا تسعى للسيطرة على مناطق تمتد من البحر المتوسط إلى الحدود الإيرانية، بهدف فرض واقع جغرافي جديد.
وأوضح أن الفصائل المسلحة، بما فيها جبهة النصرة، تمثل أدوات لتحقيق هذه الطموحات، مشيرًا إلى حادثة رفع العلم التركي على قلعة حلب كدليل على الأهداف الاستراتيجية لأنقرة.
التدخل الإيراني والدولي.. حسابات معقدة
ناقش غسان يوسف أبعاد الزيارة الأخيرة لوزير الخارجية الإيراني إلى أنقرة ودمشق، معتبرًا أنها تعكس محاولات طهران للحفاظ على التوازن مع تركيا، في وقت يتصاعد فيه التوتر.
من جهة أخرى، أصدرت الولايات المتحدة وحلفاؤها الأوروبيون بيانًا يدعو إلى التهدئة وحماية المدنيين. ورغم ذلك، أكد يوسف أن واشنطن تنأى بنفسها عن التصعيد الأخير لكنها تبقى على تواصل مستمر مع تركيا، التي تشعر بالقلق من الدعم الأميركي للفصائل الكردية.
توقعات المرحلة المقبلة.. تصعيد أم تهدئة؟
تطرق يوسف إلى السيناريوهات المحتملة، مشيرًا إلى أن استمرار تركيا في دعم الفصائل المسلحة سيؤدي إلى تصعيد إضافي.
وأوضح أن الجيش السوري سيواصل عملياته لاستعادة السيطرة، مما سيزيد من الضغط على أنقرة.
وأضاف أن أي رهان تركي على الجماعات المسلحة قد يرتد عليها، لا سيما مع وجود دعم عربي وإقليمي لدمشق في مواجهة هذه التحركات.
رسائل التحذير ومصير المنطقة
اختتم النقاش بتسليط الضوء على المواقف الإقليمية والدولية، مؤكدة أن المشهد السوري يظل محكومًا بتداخل المصالح والأولويات.
بينما شدد يوسف على أن الأطماع التركية تمثل خطرًا على وحدة الأراضي السورية، مطالبًا بتحرك عربي ودولي أكثر قوة للتصدي لهذه السياسات.
مع استمرار التصعيد، تظل خريطة الصراع في شمال سوريا قيد التغيير، وسط تباين المواقف الدولية والإقليمية. ويبقى السؤال: هل يشهد المشهد السوري تهدئة قريبة أم تصعيدًا أكبر؟.