بعد رد حماس على اتفاق وقف إطلاق النار في غزة كشفت أوساط إسرائيلية أن رد الحركة يسمح للمرة الأولى بتحقيق تقدم والمضي قدما نحو مفاوضات بشأن النقاط العالقة مع إمكانية التوصل إلى اتفاق.
تطور بدى جليا في موقف رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو الذي أعلن خلال اتصال هاتفي مع الرئيس الأميركي جو بايدن الموافقة على إرسال وفد مفاوض من أجل اطلاق صراح المحتجزين في غزة، وأكد نتنياهو أن إسرائيل لم تنهي الحرب إلا بعد تحقيق جميع أهدافها.
في المقابل رحب بايدن بقرار نتنياهو السماح لمفوضية بالتعامل مع الوسطاء الأمريكيين والقطريين والمصريين في محاولة لإتمام صفقة التبادل. فهل تشهد الفترة المقبلة انفراج بين طرفي الأزمة وتحقيق تقدم في ملف المفاوضات؟ وهل تنجح الجهود الدولية في وقف إطلاق النار وإتمام صفقة التبادل بين إسرائيل وحماس؟.
بكثير من الأريحية المختلطة بالحذر استقبلت إسرائيل الرد الأخير لحركة حماس على اقتراح يتضمن اتفاقا على الإفراج عن الرهائن ووقف إطلاق النار في قطع غزة، تعتقد مصادر إسرائيلية أن حكومة نتنياهو تواجه خيارات حاسمة بعد رد حماس على مقترحات التهدئة في غزة بشروط غير مشددة.
ووصف مسؤولون في الجيش الإسرائيلي رد حركة حماس الأخير بأنه أفضل اقتراح تم تقديمه معتبرين أنه بناء وإيجابي ويتيح التقدم نحو مفاوضات مفصلة بخصوص النقاط العالقة وربما التوصل إلى اتفاق.
القناة الثانية عشرة الإسرائيلية نقلت أن وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت قال في اجتماع مع عائلات أسرى إسرائيليين إن الاتفاق بشأن تبادل الأسرى بات أقرب من أي وقت مضى. وكشف مسؤول أمني إسرائيلي أن حركة حماس تصر على وجود بند يمنع تل أبيب من العودة للقتال بعد تنفيذ المرحلة الأولى من صفقة تبادل المحتجزين والأسرى بين الطرفين.
وأوضح المسؤول أن هذا البند لم توافق عليه إسرائيل مضيفا أن هناك ثغرات أخرى في بنود الصفقة لم يتم إغلاقها بعد، مشيرا إلى أن الجيش سيواصل الضغط العسكري على غزة.
صحيفة "نيويورك تايمز" أبرزت تصريحات مسؤولين أمنيين إسرائيليين حاليين وسابقين قالوا فيها إن كبار القادة العسكريين الإسرائيليين يريدون وقف إطلاق النار حتى لو أبقى ذلك حماس في السلطة في الوقت الحالي.
وأضافت الصحيفة أن هؤلاء القادة يعتقدون أن وقف إطلاق النار أفضل وسيلة لإطلاق سراح الرهائن ويرون أن قوتهم المنهكة التي تعاني من نقص الذخائر بحاجة لإعادة تجميع صفوفها في حالة اندلاع حرب أوسع مع حزب الله اللبناني. وقد فشلت المقترحات السابقة في تقريب وجهة النظر بين الطرفين المتحاورين بسبب إصرار حماس على وقف تام للحرب وانسحاب كامل للجيش الإسرائيلي من قطاع غزة فيما تصر إسرائيل على القبول بهدن مؤقتة لحين القضاء على الحركة.
في هذا السياق، أفاد ألون أفيتار، المستشار السابق في وزارة الدفاع الإسرائيلية، خلال حديثه مع غرفة الأخبار على سكاي نيوز عربية، بوجود تقارب وتطورات إيجابية بين إسرائيل وحماس. وأوضح أن هذا المناخ المتفائل يسهم في تعزيز آمال الجمهور.
- تشير الوقائع الحالية إلى تحسن نسبي مقارنة بالماضي، مما يعكس تحقيق بعض التقدم الملموس.
- لا يوجد تفاوت كبير بين المواقف الإسرائيلية والفلسطينية؛ بل من المهم جداً التعامل مع الحقائق بواقعية تامة.
- تجري إسرائيل مفاوضاتها مع منظمة تصنف على أنها إرهابية وليست دولة رسمية ملتزمة بالقوانين الدولية، وتعمل بسياسات ونهج مختلف عن الدول المعترف بها دولياً.
- تقر إسرائيل بالدور الذي تؤديه الوساطة من قبل مصر وقطر والولايات المتحدة الأمريكية.
- تظهر المؤشرات العامة تقدماً إيجابياً في المفاوضات بين الجانبين، إلا أن هناك عنصر عدم اليقين حيث قد تحدث تغييرات في مواقف كلا الطرفين أثناء مجريات العملية. فمن غير الواضح حالياً ما إذا كان كل من نتنياهو وسينوار سيحافظان على مواقفهما الحالية أو سيتخذان مسارات أخرى خلال سير الأحداث.
- لا وجود لتفاوت جوهري أو مواقف متعارضة تماماً بين رئيس الوزراء نتنياهو وقيادة الجيش الإسرائيلي.
- الجيش الإسرائيلي على أتم استعداد لخوض حرب استنزاف عند الضرورة، وكذلك مستعد لخوض حرب طويلة الأمد إذا دعت الحاجة لذلك.
- هناك توازن عسكري متكامل يشمل الجوانب السياسية والعسكرية والاجتماعية والاقتصادية في جميع الحسابات.
- السعي إلى تحقيق إنجاز جوهري يتمثل في عودة جميع المختطفين إلى منازلهم.
• لا يتسع المجال لأي تردد بشأن هذا الموضوع، إذ توجد أمل وإرادة قوية لتحقيق الأهداف في قطاع غزة بمعناها الشامل، بالإضافة إلى عدم وجود جناح عسكري.
من جانبه، يؤكد الكاتب والباحث السياسي جهاد حرب لسكاي نيوز عربية أن الأجواء الحالية تبعث على التفاؤل. وأوضح حرب أن قرار رئيس الوزراء الإسرائيلي بالبدء في اجتياح بري قد خلق جواً محفزا للتفكير بإمكانية توصل الجانبين إلى اتفاق حاسم. وأضاف أن هناك احتياجات ملحة على كلا الطرفين الفلسطيني والإسرائيلي التي يجب تلبيتها بسرعة.
- وجود عاملان رئيسيان دفعا رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو لإرسال وفد إسرائيلي رفيع المستوى. أولاً، قدّم تنازلات جوهرية للفصيل اليميني المتطرف في إسرائيل الأسبوع الماضي من خلال إضفاء الشرعية على خمس مستوطنات جديدة وتوسيع المستوطنات الحالية والاستيلاء على الأراضي الفلسطينية.
- كما تم الإعلان عن مناقصة لبناء 5300 وحدة سكنية ومصادرة 12 كيلومترًا مربعًا من الأراضي الفلسطينية في المنطقة (ج).
- ثانياً، مواجه نتنياهو ضغوطاً متزايدة في الأشهر الأخيرة تتراوح بين تصريحات عسكرية ومعارضة واسعة النطاق تسعى للتوصل إلى اتفاقات؛ فضلاً عن تسريبات معقدة من أعضاء داخل الوفد الإسرائيلي خصوصاً أفراد الموساد وتصريحات متناقضة صادرة عن مكتب نتنياهو وأعضاء حكومة سابقين مثل آيزنكوت الذي باتت تصريحاته مؤخراً أكثر عدائية تجاه نتنياهو.
- ومن الجدير بالذكر أن سفر هذا الوفد إلى قطر أو مصر يعتمد بشكل كبير على الصلاحيات التي منحها لهم نتنياهو شخصياً.
- في السادس من مايو الماضي، قدمت حركة حماس ردها على المقترحات الإسرائيلية. وفي اللحظة التي وافقت فيها حماس وقدمت مبادرتها بصورة إيجابية، وفقاً لتصريحات الرئيس الأمريكي، قام رئيس الوزراء الإسرائيلي نتنياهو بشن عملية اجتياح لمدينة رفح.
- عملت الحكومة الإسرائيلية تحديداً، برئاسة نتنياهو على تعطيل هذه الجهود. لإطالة أمد الصراع بهدف تحقيق المزيد من التدمير للشعب الفلسطيني وممارسة أعمال إبادة جماعية ضده.
- فيما يتعلق بالضفة الغربية، فإن آليات العمل هناك تختلف بشكل جوهري عما يحدث في قطاع غزة. منذ شهر مارس 2022، حيث تشهد الضفة الغربية موجة من المواجهات المستمرة، التي تتراوح شدتها بين التصاعد والهدوء على مدار العامين الماضيين.
- الوضع في الضفة الغربية لم يهدأ بعد، نظرا أن طبيعة العمل وأشكال النضال فيها تختلف تماماً عن غيرها. كما تتميز الهيمنة العسكرية الإسرائيلية في هذه المنطقة بطبيعتها الفريدة والمميزة.
- بالنسبة للجيش الإسرائيلي، فإن النزاع الحالي مع المؤسسة السياسية يرجع إلى غياب خطة واضحة لدى الأخيرة لمرحلة ما بعد العمليات. وقد بيّن الجيش، عبر المتحدث باسمه، أن القضاء التام على حركة حماس غير ممكن.
- يمكن للسلطة الفلسطينية العودة في اطار اندماج وطني لإنهاء الانقسام الفلسطيني و ترسيخ الدولة الفلسطينية.
- لا رغبة لنتنياهو في تنحي حماس من السلطة وذلك لخدمة مصالحه و الاستمرار في منهجه الأيديولوجي القاضي بمنع حل الدولتين من خلال تعميق الانقسام في الداخل الفلسطيني
و يقول الكاتب الصحفي، إيلي يوسف أن المشروع الذي تم تبنيه من قبل مجلس الأمن الدولي هو مشروع أمريكي، وبالتالي لا يوجد شيء جديد سوى الموقف الصادر عن حركة حماس. فقد تراجعت الحركة عن مطالبها وشروطها، وهو ما يشكل أساسا جديدا للحديث.
- ويبدو أن التنسيق المكثف بين الإدارة الأميركية والحكومة الإسرائيلية يحقق تدريجيا الأهداف التي وضعتها إسرائيل بالتوافق مع الإدارة الأمريكية.
- الكلام عن حصول خلافات ما بين الطرفين بحاجة إلى الكثير من إعادة النظر. نظرا لعدم تواجد أي خلافات حقيقية.
- توجد خلافات حول التنفيذ. ومع ذلك، عند التدقيق في طبيعة المبادرة أو المشروع الذي قدمه الرئيس بايدن وتبناه الأمم المتحدة، يتبين أنه لا يتحدث صراحةً عن وقف لإطلاق النار بل يعتمد نهجاً تدريجياً ويدعو إلى هدنة. وهذا يعني أن إسرائيل قد تستمر في تحقيق أهدافها القتالية دون عوائق قانونية تحت هذا الإطار.
- يشير الوضع الراهن إلى تراجع حركة حماس، والذي جاء نتيجة الضغوط العسكرية المكثفة التي مارستها القوات الإسرائيلية على كامل قطاع غزة.
- إجراءات حجز أو وقف بعض شحنات الأسلحة الاميركية، كانت تهدف إلى تجنب إثارة ضجة كبيرة والتمويه عما يحصل على أرض الواقع من تحقيق للأهداف الإسرائيلية التي أُعلنت منذ بداية هذا الصراع.
- موازين القوى في هذه المرحلة تميل بشكل متزايد لصالح إسرائيل. بالرغم من الحديث عن استنزاف الجيش الإسرائيلي، تبقى الفجوة كبيرة بين الخسائر الإسرائيلية والخسائر الفلسطينية سواء على الصعيد العسكري أو المدني.
- فيما يتعلق بالمناقشات حول ديناميكيات ما بعد حرب غزة، فمن منظور سياسي فان حرب غزة انتهت بشكل فعال والحديث عن بقاء حماس كياناً سياسياً أو حركة أيديولوجية أمر طبيعي.
- في ضوء غياب السلطة الفلسطينية، تحتاج فلسطين إلى إعادة هيكلة الكيانات السياسية الخاصة بها.
- يجب التنبه إلى أن ميزان القوة يقع في يد إسرائيل، وليس بيد معارضيها أو منافسيها أو أي من أعدائها الآخرين. بناءً على ذلك، يجب التوقف عن تزييف الحقائق والاعتراف بالوضع القائم لتحقيق تقدم ملموس.
- يمكن تحقيق حلول فعالة إذا كانت النية صادقة في إجراء التصحيحات اللازمة بعد الجولات الأولى من المفاوضات. وإذا كان قرار حماس جديًا وصادقًا، فإن التوصل إلى هدنة عسكرية تدريجية ممكن، مما يساهم في خدمة جميع الأطراف المعنية بشكل خاص الإدارة الأميركية.
- تسعى إدارة بايدن، التي تطمح إلى إعادة انتخابها، لمعالجة أزمة قطاع غزة، والتي أصبحت محط اهتمام اليسار الديمقراطي والتقدميين وجيل الشباب. ومن هذا المنطلق، فإن السعي لتحقيق وقف إطلاق النار يمكن أن يكون مفيدًا لمصالح الإدارة في المستقبل.