بعد رحلة استمرت أكثر من 70 ساعة تمكنت أسرة محمد عبد الله، الفارة من مدينة سنجة الفاصلة بين ولايتي سنار والنيل الازرق بجنوب شرق السودان من الوصول إلى إحدى القرى المتاخمة لمدينة القضارف في شرق البلاد رغم أن المسافة بين المدينتين لا تستغرق أكثر من 3 ساعات في اسوأ الأحوال.
ويواجه الفارين من القتال المحتدم في مناطق النيل الأزرق وسنار مصاعب كبيرة في ظل انحسار المخارج الآمنة، وإغلاق الجسور الرابطة بين المدن والمناطق المختلفة ووعورة الطرق.
وتكمن المعضلة الأكبر بالنسبة لسكان المناطق المتأثرة في النيل الأزرق وسنار في سرعة انتشار القتال وشموله مناطق جديدة خلال الساعات الماضية.
ويقول عبد الله لموقع سكاي نيوز عربية "عندما تحركنا من منزلنا في سنجة كنا نظن أن وجهتنا ستكون مدينة الدندر التي تبعد نحو ساعة، لكن قبل وصولنا إليها سمعنا باشتباكات تدور هناك مما جعلنا نفكر في طرق بديلة تبعدنا عن المنطقة ككل".
ويضيف "كانت رحلة شاقة أصابت الأطفال بالكثير من الرهق قطعنا بعض مسافاتها مشيا على الأقدام وبعضها على ظهر دواب، قبل أن نتمكن في نهاية المطاق من العثور على شاحنة وافق سائقها على اصطحابنا على ظهرها في ظل طرق وعرة وظروف مناخية صعبة بسبب كثرة الخيران وهطول الأمطار في بعض المناطق".
ووفقا لمنظمات أممية ومحلية، فقد دفع القتال المستمر بين الجيش وقوات الدعم السريع منذ أكثر من 10 أيام حول منطقتي سنجة وسنار، أكثر من 150 ألف من السكان للفرار بحثنا عن مناطق آمنة في ظل أوضاع إنسانية بالغة السوء فاقمها أكثر سقوط الأمطار في بعض المناطق.
وبعد سيطرة الدعم السريع على منطقة جبل موية الاستراتيجية الرابطة بين عدد من الولايات الحيوية في وسط وغرب السودان، في الرابع والعشرين من يونيو، امتدت الاشتباكات إلى مدينة سنجة التي سيطر عليها الدعم السريع أيضا بشكل كامل يوم السبت.
ومنذ أكثر من 4 أشهر سعى الطرفان إلى تحقيق نصر في المنطقة الحيوية والتي تضم مشاريع زراعية وانتاجية شاسعة المساحة، والتي يقول مراقبون إن السيطرة عليها تضيق الخناق على عدد من المدن وعلى الفرق العسكرية الرئيسية في سنار وولاية النيل الأزرق المتاخمة، كما تعني التحكم في المثلث الذي يضم مدن الدويم وكوستي والمناقل.
وفي ظل اتساع رقعة القتال تنحسر المخارج الآمنة للمدنيين بسبب الوضع الجغرافي المعقد للمنطقة التي يعتمد أكثر من 80 في المئة من سكانها على الزراعة والرعي. ونشر ناشطون على وسائط التواصل الاجتماعي صورا تظهر المئات من المدنيين وهم يحاولون الهروب من المناطق الملتهبة في المنطقة وسط تكدس كبير للسيارات عند مداخل الجسور المغلقة التي تربط مدن وقرى المنطقة التي يفصل بينها اضافة الى مجرى النيل الأزرق شرقا وغربا عدد من المجاري المائية الممتدة شمالا وجنوبا.
وأبدت لجان شبابية محلية مخاوفها من تفاقم الأوضاع الإنسانية. ورصدت لجان مقاومة الدمازين عاصمة إقليم النيل الأزرق زيادة كبيرة في موجة النزوح القادمة من المناطق المتأثرة بالقتال.
وقالت في بيان إن هناك حاجة عاجلة لجميع أشكال التدخلات والعون الإنساني، لمساعدة الأسر النازحة والمواطنين داخل إقليم النيل الأزرق. لكن في الجانب الآخر ورغم اتجاه معظم الفارين من سنجة وسنار جنوبا نحو الدمازين والمناطق المجاورة لها، تتزايد التكهنات باحتمال انتقال القتال إلى تلك المناطق أيضا في ظل أوضاع أمنية متوترة وانقطاع مستمر في شبكات الاتصالات والانترنت وشح كبير في الخدمات الصحية والايوائية.