حَملت موجة التصعيد الراهنة بين إسرائيل وحزب الله، مخاوف واسعة من اشتعال الأوضاع بما يُنذر بـ"خروجها عن السيطرة"، وسط اضطراب إقليمي على وقع استمرار الحرب على غزة، وتعثر مقترح الهدنة حتى الآن.
وقال رئيس الأركان الإسرائيلي هرتسي هاليفي، الثلاثاء، إن إسرائيل تقترب من اتخاذ قرار بشأن لبنان وأن الجيش الإسرائيلي مستعد لهذا القرار، وذلك بعد تزايد التصعيد بين تل أبيب وحزب الله.
وأضاف هاليفي خلال تقييم أجراه للوضع في مخيم "غيبور" على الحدود الشمالية مع مفوض خدمات الإطفاء والإنقاذ الإسرائيلي، إيال كاسبي: "نحن مستعدون، بعد تدريبات مكثفة، لشن هجوم في الشمال.. نقترب من نقطة القرار".
واستعرض محللون عسكريون ومراقبون في حديثهم لموقع "سكاي نيوز عربية"، تبعات الضربات المتبادلة بين إسرائيل وحزب الله وتأثيرها على الصراع الراهن، وإمكانية اتساعه وصولًا إلى حرب بين الجانبين متجاوزة بذلك قواعد الاشتباك المُحددة منذ السابع من أكتوبر الماضي.
ويرى المراقبون أن الأوضاع في جنوب لبنان تنذر بحرب جديدة في ظل ضبابية الوصول إلى وقف إطلاق النار في غزة، والتصعيد الميداني والإعلامي بين إسرائيل وقادة حزب الله.
بنك أهداف
- يقول الخبير العسكري هشام جابر في تصريحات لـ"سكاي نيوز عربية" إنه إذا نشبت الحرب، سيعتمد الجيش الإسرائيلي في تخطيطه العسكري على القصف المُركز على بيروت والضاحية الجنوبية.
وأشار "جابر" إلى أن الجيش الإسرائيلي لديه بنك أهداف أساسي، يتضمن قصف البنية التحتية في لبنان وأماكن تمركز عناصر حزب الله قبل البدء بالهجوم البري.
وحال مضي إسرائيل في الهجوم البري سيكون ذلك عبر محورين، الأول: محور الساحل/ الناقورة، والثاني محور القطاع الشرقي/ حاصبيا، حيث سيحاول التقدم لتحقيق أهدافه، وفق "جابر".
وشدد على أن الجيش الإسرائيلي من الصعب للغاية أن يظل في مواقعه داخل لبنان حال اختراقه عبر تلك المحاور، إذ سيجري استهدافه من حزب الله.
عملية برية
- يرى الخبير العسكري والاستراتيجي ناجي ملاعب في حديثه لموقع "سكاي نيوز عربية، إنه إذا جرى توسيع نطاق الحرب، فمن المتوقع أن يسعى الجيش الإسرائيلي لتنفيذ عملية برية بالداخل اللبناني، خاصة أنه حاول منذ شهرين دخول الأراضي اللبنانية وبدأ تدريباته على ذلك.
وأضاف: "الولايات المتحدة أقرت مساعدات عسكرية سريعة لإسرائيل منذ أيام، منها ما يُقدر بـ 700 مليون دولار قذائف دبابات، وبالتالي هذه المساعدات ليست لغزة بل للقتال في الأماكن الوعرة وقد يكون لتجهيز الجيش الإسرائيلي لعملية برية في الجنوب اللبناني".
وأوضح أن الجيش الإسرائيلي سيحاول خلال الأيام المقبلة استهداف مراكز مباشرة لحزب الله للتخفيف من قوته وحدة عملياته، مستعينًا في ذلك بالمعلومات التي توفرها الفرقة 8002 باستخدام الذكاء الاصطناعي، بما يعني إرباك عناصر حزب الله.
وأشار لوجود تقديرات بأن تصل كُلفة الحرب حال نشوبها في لبنان إلى 30 ألفًا من الضحايا، فضلًا عن التبعات الاقتصادية والأمنية الواسعة.
تكتيكات حزب الله
- قال الخبير العسكري والاستراتيجي والمختص بالأمن القومي، محمود محيي الدين، في حديثه لموقع "سكاي نيوز عربية"، إن تطوير العمليات العسكرية على الجبهة بين إسرائيل وحزب الله "قد يفجر المنطقة بأكملها، وقد تكون بداية لفكرة الحرب الإقليمية الموسعة التي حذرت منها كافة الأطراف تزامنًا مع حرب غزة".
من جانب حزب الله، أوضح "محيي الدين" أن هناك نشاطًا غير عادي لعناصر حزب الله خلال هذا الأسبوع من خلال استخدام أسلحة جديدة ودقيقة، واستهداف معسكرات لها تأثير على الأداء العملياتي للجيش الإسرائيلي، وخاصة قاعدة مارون العسكرية، بالإضافة إلى تمدد ضربات الحزب لتصل إلى مناطق على بعد 35 كم في عمق الشمال الإسرائيلي.
وحدد الخبير العسكري، التكتيكات التي سيعمل عليها حزب الله حال اندلاع الحرب:
- أولًا: استهداف المعسكرات الإسرائيلية ذات التأثير في مهام العمليات المستقبلية.
- ثانياً: ضرب التجمعات السكانية والقرى الإسرائيلية والمستوطنات المتاخمة للمنطقة الحدودية لإحداث تأثير سلبي ومعنوي داخل إسرائيل.
ويتوقع أن يعتمد حزب الله ترسانته الضخمة من الصواريخ التي يُقدر عددها بما يصل إلى 150 ألف صاروخ وقذيفة متباينة النوع والمدى، جنبًا إلى جنب مع القذائف الدقيقة والطائرات المُسيّرة والصواريخ المضادة للدبابات وللطائرات وللسفن.
واتفق مع ذلك الخبير العسكري هشام جابر، الذي شدد على أن حزب الله لن يبقى صامتًا، إذ سيقوم بالرد على إسرائيل مستخدماً الصواريخ الدقيقة على حيفا وتل أبيب، وعلى مدارج هبوط الطائرات، وعلى البنية التحتية في المناطق التي تصلها صواريخه.
قوات من حزب الله تعبر إلى الجانب الإسرائيلي؟
- توقع محيي الدين أن يقوم حزب الله بدفع قوات الرضوان لعبور الحدود إلى الجليل الأعلى والغربي، ويمكن أن يستعمل الصواريخ "أرض/بحر"، مضيفًا: "الحزب لم يكشف حتى الآن عن 15 بالمئة من الأسلحة التي يملكها".
اختبار "القبة الحديدية"
- يرى الخبير العسكري والاستراتيجي ناجي ملاعب أن المعادلة الراهنة على الجبهة اللبنانية تتمثل في كون إسرائيل لن تقبل ببقاء هذا التهديد من الشمال لكنها غير مستعدة له حالياً في حين تجهز لإنهائه، بينما حزب الله لم يستعمل من قوته سوى القليل، لكنه لا يرغب في تطوير العمليات أو دخول حرب، لكنه مستعد لها.
وأشار إلى أنه إذا جرى تطوير الهجوم، فمن المتوقع أن يستغل حزب الله إمكاناته العسكرية حيث يستطيع رشقات صاروخية مكثفة تتضمن 2500 صاروخ باليوم الواحد، باتجاه الأراضي الإسرائيلية.
وأكد أن لدى الحزب "بنك أهداف" على كامل الأراضي الإسرائيلية، معتبرًا أن تل أبيب ستكون أمام تحدٍ حقيقي في إمكانية صمود "القبة الحديدية" أمام هذا العدد الكبير من الصواريخ.
وقد يلجأ حزب الله في تلك المرحلة إلى استخدام صواريخ أقل دقة وصواريخ بعيدة المدى دقيقة.
ومن حين لآخر، سيركز حزب الله جهوده، ويطلق وابلاً من الصواريخ باتجاه منطقة مستهدفة على غرار القواعد الإسرائيلية، أو المناطق المتكدسة بالسكان، في حين سيكون أمامه هدف رئيسي لتدمير أنظمة الدفاع الجوي التابعة للجيش الإسرائيلي، عبر استخدام الذخائر الموجهة بدقة والأسلحة منخفضة التأثير، مثل الطائرات بدون طيار وصواريخ المواجهة، وفق التقديرات العسكرية.