حَمل اعتراف إيرلندا وإسبانيا والنرويج، الأربعاء، بدولة فلسطينية "مستقلة"، عددًا من التساؤلات بشأن تداعيات الخطوة على المسرح السياسي والدولي خاصة مع الانتقادات اللاذعة التي وجهتها الحكومة الإسرائيلية وتهديدها باتخاذ "إجراءات عقابية".
واستعرض 4 دبلوماسيين ومحللين سياسيين في حديثهم لموقع "سكاي نيوز عربية"، تبعات اعتراف الدول الأوروبية الثلاث بفلسطين كدولة مستقلة، موضحين أن هناك عددًا من المزايا على رأسها مزيد من حشد الدعم الدولي للتضامن مع القضية الفلسطينية، ودعم جهود إقامة دولتها المستقلة بما يدفع دولًا أخرى للحاق بهذا الركب.
في حين قد يكون لهذه الخطوة انعكاسات سلبية جراء اعتزام إسرائيل المضي قدما في إجراءات تستهدف تضييق الخناق على المسؤولين الفلسطينيين، وربما تمتد لوقف تحويل أموال المقاصة الفلسطينية للنرويج، وفق المحللين.
ويدخل الاعتراف حيز التنفيذ في 28 مايو الجاري.
مواقف تاريخية.. وتداعيات
من القاهرة، يعتقد عضو المجلس المصري للشئون الخارجية السفير رخا أحمد حسن أن اعتراف إيرلندا وإسبانيا والنرويج بالدولة الفلسطينية يأتي امتداداً لمواقفهم "التاريخية" تجاه القضية الفلسطينية.
ويقول حسن لموقع "سكاي نيوز عربية" إن "مدريد احتضنت أول مؤتمر للسلام عام 1991، وتدرك أن تعطيل عملية السلام تقف ورائها تل أبيب، في حين ساهمت النرويج في التوصل إلى اتفاق أوسلو بين الفلسطينيين والإسرائيليين، في حين أن كفاح إيرلندا ضد الاستعمار ساهم في تأييدها حق الشعوب بتقرير مصيرها".
وحدد الدبلوماسي المصري تداعيات اعتراف الدول الثلاث على الصعيد الدولي في عدد من النقاط، قائلًا:
- هذه الخطوة تُشجع دولًا أخرى للاعتراف بالدولة الفلسطينية بما يؤدي لزيادة عدد هذه الدول، وبالتالي المضي قدمًا في الحصول على موافقة مجلس الأمن حال اقتناع الولايات المتحدة وبريطانيا بهذا القرار.
- إسبانيا لها علاقات قوية ووثيقة بالدول اللاتينية، وسيكون لقرارها تأثير مهم على تلك الدول لدعم الدولة الفلسطينية.
- الاعتراف الأخير يؤدي لمزيد من العزلة الدولية على إسرائيل والدول الراعية لها، وحشد مزيد من الدعم في المؤسسات الأممية والدولية لصالح قيام الدولة الفلسطينية والدفاع عن مصالحها.
- في مرحلة ما بعد الحرب، قد يكون هناك تفكير في فرض عقوبات من هذه الدول على إسرائيل، حال تماديها في الانتهاكات بحق الفلسطينيين، وإن لم تستجب للجهود الدولية من أجل إقامة الدولة الفلسطينية.
حصار إسرائيل دولياً
من رام الله، وصف رئيس مركز القدس للدراسات أحمد رفيق عوض في حديثه لموقع "سكاي نيوز عربية"، اعتراف الدول الأوروبية الثلاث بأنه "مهم، وموقف تاريخي غير مسبوق".
وأشار عوض أن تبعاته من المنتظر أن تؤدي لاعترافات لاحقة في أوروبا بما يؤدي "لحصار إسرائيل ورفع الشرعية عنها ورسالة لها أن خيار السلام أفضل كثيرًا، إذ أن ضمان قيام دولة فلسطينية يعد ضمانة للاستقرار حتى الإسرائيليين أنفسهم".
كما أن هذه الاعتراف "رسالة قوية لواشنطن أن دعم تل أبيب وعدم الاعتراف بالدولة الفلسطينية موقف خاطئ"، وفق رئيس مركز القدس للدراسات.
وأشار إلى أن "الموقف الأوروبي الأخير يعد انسجامًا مع القرارات الدولية والمبادرات الأوروبية والعربية، ورسالة كذلك أن نضال الفلسطينيين لم يذهب سدى".
عقبات وتخوفات
من برلين، اعتبر منسق العلاقات الألمانية العربية في البرلمان الألماني عبدالمسيح الشامي في حديث لموقع "سكاي نيوز عربية"، أن "الاعتراف بدولة فلسطين له وجهين".
وقال الشامي إنه "من حيث المبدأ قد تكون هناك اعترافات قادمة، لكن يجب عدم التسرع بقراءة هذا الاعتراف على أنه أمر إيجابي فقط في ظل ما يجري على الأرض في غزة، إذ أن هناك عقبات وتداعيات سلبية قد تترتب على الخطوة الأخيرة".
وفي ظن الشامي فإن اعتراف النروج له دلالة مختلفة، إذ تعتبر الدولة التي تتحول إليها أموال المقاصة التي تحوّل إلى الحكومة الفلسطينية، مضيفًا: "أخشى أن تقوم إسرائيل باتخاذ إجراءات لوقف هذا العملية المهمة، وبالتالي يصبح الأمر مزيدا من الحصار على الفلسطينيين، وتهديداً للدولة الفلسطينية ذاتها".
وبموجب اتفاقات سلام مؤقتة جرى التوصل إليها في تسعينيات القرن الماضي، يجري تحويل جزء من عائدات المقاصة الفلسطينية إلى النرويج كطرف ثالث بموجب اتفاق سابق تم برعاية الولايات المتحدة لحل أزمة تحويل عائدات الضرائب الفلسطينية.
وبالفعل، أفاد بيان لوزير المالية الإسرائيلي المتطرف بتسلئيل سموتريتش بأنه تقدم بطلب إلى رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو لوقف تحويل أموال المقاصة الفلسطينية للنرويج.
وطالب سموتريتش رئيس الوزراء باتخاذ سلسلة خطوات فورية بعد إعلان النرويج وإيرلندا وإسبانيا عزمهم الاعتراف بالدولة الفلسطينية، داعياً إلى عقد اجتماع فوري لمجلس التخطيط الاستيطاني في الضفة الغربية للمصادقة على 10 آلاف وحدة سكنية في المنطقة المصنفة (E1).
ويقول الشامي إن "إسرائيل ستستغل هذا الاعتراف للتحرر من كل الالتزامات الدولية الخاصة بحقوق الفلسطينيين".
أول انتصار على الأرض
ومن باريس، ترى المحللة السياسية جيهان جادو، لموقع "سكاي نيوز عربية"، أن اعتراف 3 دول أوروبية بفلسطين "خطوة مهمة للتحرك الدولي إزاء الانتهاكات التي تحدث للفلسطينيين"، واصفة إياه بأنه "الخطوة الأهم والانتصار الأكبر منذ السابع من أكتوبر".
وأشارت إلى أن هذا التحرك قد يتبعه اعتراف أوروبي آخر من دول لا توجد بها سيطرة للجماعات اليهودية، وبالتالي يدعم الجهود الدولة لوقف مخططات تهجير الفلسطينيين أو تصفية القضية الفلسطينية.