وسط بوادر أزمة دبلوماسية بين نواكشوط وباماكو إثر "الاعتداءات المتكررة" على الموريتانيين داخل الأراضي المالية، خرج مواطن موريتاني يتحدث عن أقسى أنواع التعذيب، تعرض لها بعد توقيفه من طرف قوات مجموعة "فاغنر" الروسية والجيش المالي، داخل الأراضي المالية.
الموريتاني كان يتحدث بين أفراد من الجالية الموريتانية بمالي، في مقطع متداول على مواقع التواصل الاجتماعي، وتبدو على يديه "آثار التعذيب"، جراء صعقه بالكهرباء، وتصفيده بالحديد، موضحا أنه أوقف عند "بئر" داخل الأراضي المالية، في المناطق الحدودية مع موريتانيا، ومشيرا إلى أنهم اعتقلوه رفقة آخرين.
وأضاف أنهم اقتادوه أولا من معتقل المجموعة إلى قفص حديدي على الرمال، به سلاسل حديدية، حيث علقوه بها، لمباشرة "التحقيق معه".
وطلبوا منه أن يزودهم بمعلومات عن هوية مسلحين نفذوا هجوما، مقابل إطلاق سراحه، إذا "كان يحمل الجنسية الموريتانية حقا".
لكنه تعرض لضرب مبرح، بعد أن أكد لهم أنه لا يملك أي معلومات عن ما يبحثون عنه، وعلقوه في أعلى القفص، ثم أدخلوا رأسه داخل جرة مليئة بالماء، قبل أن يلفوا وجهه بغطاء، جعله يختنق بعد دقيقتين.
وطرحوه أرضا بعد ذلك، وعرضوا عليه مجددا إطلاق سراحه مقابله تزويدهم بالمعلومات، لكنه أكد لهم من جديد، أنه لا يعلم ما يتحدثون عنه.
وبدأت بعد ذلك، مرحلة جديدة من العذاب، حيث سكبوا عليه الماء، وصعقوه بالكهرباء، حتى عجز عن الحركة لمدة دقائق، ليصرخ من جديد بأنه موريتاني الجنسية، ولا يمتلك أي معلومات عن السلاح ولا عن المسلحين داخل الأراضي المالية، مشيرا إلى أنهم أخبروه بعد ذلك، أنه سيتعرض في اليوم الموالي لشتى أنواع التعذيب، وإذا لم يزودهم بالمعلومات، سيكون في "عداد الموتى".
وفي النهاية، استطاع الموريتاني النجاة من موت محقق، بعد أن أحضر له أحدهم بطاقة تعريفه "الموريتانية"، ليسمحوا له بالخروج.
اعتداءات متكررة
خلال الأعوام الأخيرة، تعرض العديد من الموريتانيين للاختطاف أو القتل داخل الأراضي المالية، مما جعل نواكشوط تستدعي سفير باماكو، وتوفد وزير الدفاع إلى عسكريي مالي محملا برسالة بهذا الخصوص، الأسبوع الماضي.
وأوضحت الخارجية الموريتانية أن ذلك يأتي "انطلاقا من مبدأ المحافظة على حسن الجوار والعلاقات الوثيقة بين الشعبين الموريتاني والمالي والمصالح المشتركة بين البلدين".
الإعلامي محمد سالم الشيخ، يقول إن "الحوادث الأمنية بين الجيش المالي والمواطنين الموريتانيين زادت حدتها بعد قدوم فاغنر إلى مالي، وأصبحت حوادث القتل و التعذيب أمرا معروفا لدى المواطنين الموريتانيين في مالي خصوصا على الحدود التي ظلت تشهد معارك بين الجيش المالي وفاغنر ضد الإرهابيين".
ويضيف ولد الشيخ في تصريحه لموقع "سكاي نيوز عربية": "المتشددون عادة من نفس الحاضنة الاجتماعية ويرابطون على الحدود المالية الموريتانية والتي يبلغ طولها 2400 كلم"، مشيرا إلى أن "هذه الحوادث تقع نتيجة تداخل الحدود وعدم تمييز البعض بين حدود الدولتين وكذلك التشابه بين المجتمعات و الحاضنات العرقية على الطرفين".
وأكد أن "العلاقات بين البلدين، تمر بمرحلة حرجة تتطلب الكثير من التأني والصبر وتقديم حلول للأزمة التي بدأت تكبر وتشتد، وما يعقد الأمر هو أن عسكريي مالي مندفعون، وتنقصهم التجربة السياسية، مما يزيد الطين بلة"، مستبعدا أن "يتطور الأمر إلى نزاع مسلح نتيجة الروابط الكثيرة بين البلدين ونتيجة المساعي التي تقوم بها قيادات اجتماعية ودينية والعقلاء بين الشعبين".
وكان أفراد من الجالية الموريتانية قد تحدثوا خلال الأسبوع الماضي، عن هجوم "فاغنر" على حي يقيم به موريتانيون داخل الأراضي المالي، حيث أضرموا النيران في جميع الأعرشة، واقتادوا بعضهم إلى جهة مجهولة.
وكان الجيش المالي قد طالب الموريتانيين قبل أيام بالخروج من المناطق الحدودية، حيث ينفذ عملياته العسكرية.
وتحدثت بعد المصادر بهذا الخصوص، عن فرض إجراءات مشددة على حركة الأشخاص والبضائع عند المعابر الحدودية للبلدين.