كشفت صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية، عما وصفته بـ"الحقيقة الصارخة لقتال إسرائيل في غزة"، في تقرير جديد نشرته، الإثنين، موضحة أن تل أبيب فشلت في تحقيق هدفيها الأساسيين من الحرب، استعادة جميع الرهائن وتدمير حماس بالكامل.
وأوضحت الصحيفة أن العمليات العسكرية الإسرائيلية في غزة أدت إلى إضعاف حماس، حيث تدهورت معظم كتائب حماس، وقُتل الآلاف من أعضائها، لكنها مع ذلك، لم تحقق أهدافها الأساسية من الحرب سواءً تحرير الرهائن أو تدمير القدرات السياسية والعسكرية بالكامل لحركة حماس.
ونقلت "نيويورك تايمز" عن مسؤولين أمريكيين وإسرائيليين، قولهم إنه على الرغم من الخسائر الفادحة التي تكبدتها حماس، لا يزال جزء كبير من قيادتها العليا داخل شبكة واسعة من الأنفاق ومراكز العمليات تحت الأرض بغزة.
وقال مسؤولون أمريكيون حاليون وسابقون، إن هذه الأنفاق ستسمح لحماس بالبقاء وإعادة بناء قدراتها بمجرد توقف القتال.
ولم تتمكن إسرائيل من تدمير الأنفاق التي أمضت حماس سنوات في بنائها، لكن المسؤولين الإسرائيليين يقولون إنهم أزالوا معظم الأنفاق الرئيسية، والمجمعات الاستراتيجية السرية التي استخدمتها حماس لقيادة قواتها.
ونقلت "نيويورك تايمز" عن مسؤول في المخابرات العسكرية الإسرائيلية، قوله شريطة عدم الكشف عن هويته، إنه تم القضاء على حوالي 70 في المائة من المقار الاستراتيجية لحماس.
هل دمرت إسرائيل حماس بشكل كامل؟
لكن في تقييم استخباراتي سنوي صدر مارس الماضي، أعربت وكالات الاستخبارات الأمريكية عن شكوكها بشأن قدرة إسرائيل على تدمير حماس بشكل كامل.
وقال التقرير إنه "من المحتمل أن تواجه إسرائيل مقاومة مسلحة من حماس لسنوات قادمة، وسيكافح الجيش لتحييد البنية التحتية السرية لحماس، والتي تسمح لهذه العناصر بالإخفاء واستعادة القوة ومفاجأة القوات الإسرائيلية".
ومع تأكيد مسؤولين إسرائيليين أن السبيل الوحيد لتدمير 4 كتائب من مقاتلي حماس في رفح، هو عملية برية داخل المدينة، قال مسؤولون أمريكيون إن إسرائيل لم تضع خطة لإجلاء المدنيين المكتظين هناك، الأمر الذي بات نقطة شائكة للخلاف بين البلدين.
لكن قدامى العسكريين في حروب الولايات المتحدة، يقولون إن عدد عناصر حماس الذين قتلوا، أو دمرت مواقع القيادة التابعة لهم، أثبت أنه "غير حقيقي ومقياس مضلل للغاية" للنجاح في حملة عسكرية.
وشددت الصحيفة على أنه "من المؤكد أن وكالات الاستخبارات الأمريكية تقدر أن حماس فقدت قدرًا كبيرًا من القوة القتالية، وأن إعادة البناء ستستغرق وقتًا"، لكن هذا لا يعني أن حماس قد دمرت بالكامل، إذ يقول مسؤولون إسرائيليون إن الحركة والجماعات المسلحة الأخرى لا تزال لديها العديد من القوات فوق الأرض وتحتها، كما أن سحق حماس قد يستغرق سنوات.
وقال مسؤول المخابرات العسكرية الإسرائيلية إن بين 4 آلاف إلى 5 آلاف مقاتل صمدوا في شمال غزة.
وأشار مسؤولون ومحللون أمريكيون إلى أنه من المرجح أن تظل حماس قوية في غزة حتى عندما ينتهي القتال، لكن مدى سرعة إعادة بناء قدراتها ستعتمد على قرارات إسرائيل في المراحل التالية من الحرب وفي أعقابها.
كما ذكر المسؤولون أنه "على إسرائيل إعلان النصر على حماس والانتقال إلى نوع مختلف من القتال الذي يستهدف كبار قادة الحركة ولا يعامل المدنيين بوحشية"، خاصة أن تل أبيب لم تدمر حماس بالكامل، لكنها جعلت احتمال هجوم 7 أكتوبر بعيدًا عن التكرار.
قد يستمر لسنوات
ويقول بعض المسؤولين الإسرائيليين إن سحق حماس قد يستغرق سنوات.
وقال بيني غانتس، عضو مجلس الوزراء الحربي الإسرائيلي، لمجموعة من الإسرائيليين في كانون الثاني (يناير) إن الحرب قد تستمر "عامًا أو عقدًا أو جيلًا"، وفقًا لشخص شارك في الاجتماع.
نصيحة أميركية: أعلنوا النصر وغيروا طريقة القتال
ويشعر المسؤولون الأميركيون بالحرج من التلميحات بأن العمليات الإسرائيلية المكثفة يمكن أن تستمر لمدة شهرين آخرين، ناهيك عن عامين آخرين.
ويقولون إن على إسرائيل أن تعلن النصر على حماس وتنتقل إلى نوع مختلف من القتال: قتال يستهدف كبار قادة حماس لكنه لا يعامل المدنيين بوحشية؛ أحدهما يركز على منع حماس من إعادة التزود بالإمدادات وإعادة البناء، بدلاً من ضرب المقاتلين المتبقين.
ويعتبر المسؤولون الأميركيون أن الأمر المهم بنفس القدر هو وضع خطة لإعادة حكم غزة إلى الفلسطينيين.
وفي غياب سماح إسرائيل لحكومة فلسطينية فاعلة بتولي المسؤولية، سادت الفوضى وانعدام القانون مع انسحاب القوات الإسرائيلية من أجزاء من غزة.
وقال مسؤولون إسرائيليون وأميركيون حاليون وسابقون إنه على الرغم من أن إسرائيل لم تدمر حماس، ولا يمكنها، أن تدمرها، إلا أنها زادت من احتمال تكرار ما حدث في أكتوبر.
ويتفق مع ذلك الجنرال عاموس يادلين، رئيس المخابرات العسكرية الإسرائيلية السابق، قائلا: "لقد حققنا بالفعل الشيء الأكثر أهمية: تحويل حماس إلى جيش منظم قادر على شن هجوم في أكتوبر". وأضاف :"لا يمكن أن تفعل ذلك مرة أخرى."