بعد أيام من المراوغة، جاءت الضربة الإسرائيلية على إيران محدودة ومصممة بعناية على ما يبدو للحد من مخاطر اندلاع حرب كبرى، حتى لو كانت الحقيقة المؤكدة هي الوقوع في المحظور بالدخول في مواجهات مباشرة، وهو ما فعلته طهران قبل أيام.
وقالت 3 مصادر مطلعة إن حكومة الحرب الإسرائيلية التي يتزعمها رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو وافقت في البداية على خطط توجيه ضربة داخل الأراضي الإيرانية ليل الإثنين الماضي برد قوي على الصواريخ والطائرات المسيرة التي أطلقتها طهران يوم السبت، لكنها تراجعت في اللحظات الأخيرة.
وأضافت المصادر أن الأعضاء الثلاثة الذين لهم حق التصويت في حكومة الحرب كانوا قد استبعدوا بالفعل في ذلك الوقت اللجوء إلى أشد الردود قوة، بتوجيه ضربة إلى مواقع استراتيجية من بينها منشآت إيران النووية، والتي من المؤكد أن تدميرها سيؤدي إلى توسيع نطاق الصراع في المنطقة.
وذكرت المصادر أنه تقرر إرجاء خطط الرد منذ ذلك الحين مرتين في ظل الانقسامات داخل الحكومة والتحذيرات القوية من الشركاء ومنهم الولايات المتحدة ودول الخليج بعدم التصعيد، إلى جانب الحاجة إلى أن يكون الرأي العام العالمي بجانب إسرائيل.
وقال مسؤولون حكوميون إن اجتماعين لحكومة الحرب الإسرائيلية تأجلا أيضا مرتين.
ماذا حدث قبل الهجوم؟
- قبل الهجوم، نقل متحدث باسم مديرية الدبلوماسية العامة الوطنية التابعة للحكومة عن نتنياهو قوله إن إسرائيل ستدافع عن نفسها بأي طريقة تراها مناسبة.
- تحدثت وكالة "رويترز" إلى أكثر من 10 مصادر في إسرائيل وإيران ومنطقة الخليج والولايات المتحدة، الذين أشاروا إلى بذل جهود على مدار 6 أيام في الخليج وواشنطن وبين بعض مخططي الحرب الإسرائيليين لوضع حدود للرد على أول ضربة إيرانية مباشرة على خصمها اللدود بعد عقود من الحرب الخفية.
- قال وزير الخارجية الأردني أيمن الصفدي: "حذرنا من الخطر الجسيم المتمثل في مزيد من التصعيد"، مسلطا الأضواء على حقيقة أن اتساع نطاق الصراع في المنطقة ستكون له تداعيات كارثية وسوف يهدد بتحويل أنظار العالم بعيدا عن الحرب الإسرائيلية المستمرة في غزة.
- أضاف الصفدي أن بلاده التي تشترك في حدود مع إسرائيل "أوضحت للجميع أنها لن تكون ساحة للقتال بين إسرائيل وإيران. هذا الموقف الحازم نُقل للجميع بشكل لا لبس فيه".
ويبدو أن الضربة التي وقعت، الجمعة، استهدفت قاعدة للقوات الجوية الإيرانية بالقرب من مدينة أصفهان في عمق البلاد على مقربة من المنشآت النووية لإرسال رسالة بمدى قدرة إسرائيل على الوصول، لكن بدون استخدام طائرات أو صواريخ باليستية أو قصف أي مواقع استراتيجية أو التسبب في أضرار كبيرة.
وقالت إيران إن أنظمتها الدفاعية أسقطت 3 طائرات مسيرة فوق قاعدة بالقرب من أصفهان صباح الجمعة، فيما لم تذكر إسرائيل شيئا عن الواقعة.
وذكر وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن أن الولايات المتحدة لم تشارك في أي عمليات هجومية.
وقال مسؤول إيراني لرويترز إن هناك دلائل على أن الطائرات المسيرة أُطلقت من داخل إيران وأن من أطلقها "متسللون" وهو ما قد ينفي الحاجة إلى الرد.
وذكر مصدر مطلع على تقييمات المخابرات الغربية للواقعة أن الأدلة الأولية تشير إلى أن إسرائيل أطلقت طائرات مسيرة من داخل الأراضي الإيرانية.
إشارات إسرائيل
- قال إيتمار رابينوفيتش، السفير الإسرائيلي السابق لدى واشنطن: "لقد حاولت إسرائيل الموازنة بين ضرورة الرد والرغبة في عدم الدخول في دائرة (مفرغة) من الفعل ورد الفعل الذي من شأنه أن يتصاعد إلى ما لا نهاية".
- وصف رابينوفيتش الوضع بأنه يشبه رقصة يعطي فيها كل طرف للآخر إشارات على نواياه وخطواته التالية.
ردود الفعل
- قال مسؤول إيراني كبير إن خيارات إيران للرد تشمل إغلاق مضيق هرمز الذي يمر عبره نحو خمس تجارة النفط العالمية، فضلا عن حث وكلاء طهران على استهداف مصالح إسرائيلية أو أميركية، ونشر صواريخ لم تستخدم من قبل.
- رغم رضا المعتدلين في الداخل الإسرائيلي والجيران والشركاء الدوليين، فإن الضربة المصممة بعناية لاقت بعد حدوثها استياء من المتشددين في حكومة نتنياهو.
- كتب وزير الأمن الوطني إيتمار بن غفير، الذي يعد حزبه القومي المتطرف من الركائز الأساسية لائتلاف نتنياهو، كلمة واحدة على موقع التواصل الاجتماعي إكس "ضعيف".