وقفت راهبة مارونية أمام مجموعة من الطلاب الأطفال في مدرسة مسيحية بلبنان، وطلبت منهم الصلاة من أجل "رجال المقاومة" في جنوب لبنان، الذين قالت إنهم يدافعون عن البلاد.
"رجال المقاومة" الذين أشارت إليهم الراهبة مايا زيادة هم أعضاء في جماعة حزب الله اللبنانية، التي تشتبك مع إسرائيل عبر الحدود منذ نحو 6 أشهر، وأصبحت لاعبا إقليميا له دور حاسم، مع استمرار الحرب بين إسرائيل وحماس في غزة.
في وقت سابق من الشهر، تم تداول مقطع مصور لدعوة مايا على نطاق واسع عبر الإنترنت، ما أثار غضب البعض الذين اتهموها بـ "غسل أدمغة" الأطفال وفرض آرائها السياسية عليهم، بينما سارع آخرون الى دعمها، مشيدين بموقفها، الذي وصفوه "بالشجاع والمشرف".
لبنان موطن لمجموعات دينية متعددة، فمن الناحية السياسية، تُمنح الرئاسة لمسيحي ماروني، ورئيس البرلمان لمسلم شيعي، ومنصب رئيس الوزراء لمسلم سني.
وأطلق حزب الله، المدعوم من إيران، أولى هجماته يوم 8 أكتوبر، أي بعد يوم واحد من شن حماس هجومها على جنوب إسرائيل، الذي أسفر عن مقتل حوالي 1200 شخص واحتجاز رهائن، وإلى اندلاع هذه الحرب الأخيرة.
وأثار خطاب الراهبة اهتماما واسعا، ولدى البعض غضبا كبيرا، خاصة لأنه صدر عن شخصية دينية مسيحية.
وفي المقطع المصور تدعو مايا إلى الصلاة من اجل "أطفال وشعب وأمهات الجنوب ورجال المقاومة".
ووصفت من يتقاعس عن ذلك بأنه "خائن"، وهوما وجده كثيرون وصفا مثيرا للقلق، خاصة مع صغر سن طلابها، بينما رأى آخرون في دعوتها رسالة محبة من أجل شعب جنوب لبنان.
وقالت الراهبة للتلاميذ الأطفال: "في الجنوب، هناك طلاب في مثل سنكم يقولون إن حلمنا الوحيد هو حماية أرضنا".
وانتقد الناشط المسيحي المناهض لحزب الله، أنطونيوس طوق، الراهبة مايا عبر منصة إكس، داعيا الكنيسة المارونية إلى اتخاذ إجراء "لأن أطفالنا يتعرضون لغسيل دماغ"، في الوقت الذي قال فيه جبران باسيل، رئيس حزب التيار الوطني الحر، الحليف المسيحي الرئيسي لحزب الله، إنه عندما دعت مايا الى الصلاة من أجل مقاتلي حزب الله، فقد "كانت تطبق تعاليم يسوع".
وقال سامي نادر، مدير معهد العلوم السياسية في جامعة القديس يوسف ببيروت: "هناك انقسامات حادة حول سلاح حزب الله"، مضيفا أنه رغم وجود دعم واسع للقضية الفلسطينية، إلا أن هناك "خلافات حول درجة هذا الدعم وكيفية تقديمه".
وترى راندا سليم، الزميلة في معهد الشرق الأوسط في واشنطن العاصمة، أنه من وجهة نظر منتقدي حزب الله في لبنان، فإن القتال هو تذكير بأن أسلحة الحركة تشكل "تهديدا، ليس فقط للسلام بالداخل، بل لأنها تمنح حزب الله احتكارا لقرارات الحرب والسلام خارج هيكل الدولة، وهي قرارات وجودية للشعب اللبناني، الذي لا يشارك ممثلوه في عملية صنع القرار هذه".
ووصف شارل جبور، رئيس جهاز التواصل والإعلام في حزب القوات اللبنانية، خلال نقاش ساخن في برنامج حواري بالتلفزيون المحلي، ما يفعله حزب الله في لبنان بانه "تدمير"، وتابع قائلا: "أنا واثق من أن قطاعات كبيرة من الشيعة (في لبنان) لا يريدون تدمير منازلهم أو قتل أطفالهم ونسائهم ورجالهم".
وتشير لينا الخطيب، الزميلة المشاركة في مركز تشاتام هاوس للأبحاث، ومقره لندن، إلى ان حتى حلفاء حزب الله من المسيحيين غير مرتاحين لقراره أحادي الجانب بتبادل اطلاق النار مع إسرائيل، لكن هذا لم يترجم إلى انفصال بين حزب الله وحليفه المسيحي الرئيسي.
وقال باسيل، زعيم التيار الوطني الحر، إن قوة الردع التي يتمتع بها حزب الله تمنع إسرائيل من شن حرب شاملة على لبنان.
إلا أن باسيل، الذي فرضت واشنطن بحقه عقوبات، يعارض موقف حزب الله المتمثل في أنه لن يتوقف عن مهاجمة المواقع الإسرائيلية إلا عند التوصل إلى وقف لإطلاق النار في غزة.