تكرَّر قتل فلسطينيين في أثناء انتظارهم المساعدات الغذائية أو تسابقهم عليها في قطاع غزة، وسط اتهامات متبادلة بين الجيش الإسرائيلي وحركة حماس بالمسؤولية، بينما قد تزيد هذه الحوادث بعد منع وكالة غوث وتشغيل اللاجئين "الأونروا" من الوصول لشمال القطاع.
ويُوضّح محللان سياسيان لموقع "سكاي نيوز عربية"، من المتسبّب في تكرار هذه الحوادث، من وجهة نظر فلسطينية ووجهة نظر إسرائيلية، وما السبيل لمنعها.
والسبت، أعلنت وزارة الصحة التابعة لحركة حماس في قطاع غزة أنّ 21 فلسطينيا كانوا ينتظرون قافلة مساعدات بالقرب من مدينة غزة قُتلوا "بنيران إسرائيلية"، الأمر الذي نفاه الجيش الإسرائيلي.
وفي 14 مارس، اتهمت وزارة الصحة في غزة القوات الإسرائيلية بقتل 20 شخصا خلال حشد جاء لتسلّم المساعدات عند دوار الكويت بمدينة غزة، لكن الجيش قال إن "فلسطينيين مسلحين" وليس الجنود هم الذين فتحوا النار على الحشد.
أسباب الحوادث المتكررة
يرصد المحلل السياسي الإسرائيلي، يوآب شتيرن، أسباب تكرار حوادث إطلاق النار على فلسطينيين في أثناء تلقيهم أو انتظارهم المساعدات في قطاع غزة، في ظل "غياب معلومات مؤكدة" حول الطرف المتورط في وقوع تلك الحوادث:
- هذه الحوادث تقع في مناطق تشهد فوضى واكتظاظا بالسكان المندفعين لأخذ المعونات والمواد الغذائية.
- تقع تلك الحوادث مرات من خلال "الجيش الإسرائيلي، ومرات أخرى من خلال مسلحين تابعين لحركة حماس.
- القوات الإسرائيلية تفتح النار على السكان إذا اقتربوا من الجنود بشكل كبير وغير مسموح، لكن معظم حالات القتل التي حدثت بسبب استعمال مسلحين من حماس للسلاح في أثناء استيلائهم على المعونات، فعند توزيع المساعدات على السكان يأتي مسلحون من حماس للاستيلاء على المعونات، وتحدث حوادث القتل أثناء النزاع على المساعدات.
- في حالات أخرى، يقوم الجيش الإسرائيلي باستهداف مسلحين من حماس يحاولون السيطرة على المساعدات.
رسائل عنيفة
يرى المحلل السياسي الفلسطيني، سائد الغول، أسبابا مختلفة للقتل خلال تلقّي المساعدات، ويحملها للجيش الإسرائيلي، وإن كان أيضا أشار إلى أسباب تخص حماس، ومنها:
- حاجة الناس للغذاء وانتشار الجوع، يجعلهم يتدافعون على المساعدات الإنسانية والغذائية.
- الجيش الإسرائيلي يحاول إيصال رسائل عنيفة للسكان وتخويفهم، لدفعهم لترك تلك المناطق والهجرة؛ لأن إسرائيل مَن تسيطر على قطاع غزة وتحتله.
- بعض المجموعات التابعة لحماس تحاول السيطرة على بعض المساعدات بالقدر الذي يخصّها.
وقف شريان الحياة
الأحد، أعلن المفوض العام لوكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين، فيليب لازاريني، في تغريدة على حسابه الرسمي في منصّة "إكس":
- اعتبارا من اليوم، الأونروا، شريان الحياة الرئيسي للاجئي فلسطين، محرومة من تقديم المساعدة المنقذة للحياة إلى شمال غزة.
- على الرغم من المأساة التي تتكشف أمام أعيننا، أبلغت السلطات الإسرائيلية الأمم المتحدة بأنها لن توافق على أي من قوافل الأونروا الغذائية إلى الشمال بعد الآن.
المجاعة تقترب.. ما الحل؟
تقول وكالات متخصصة إن سكان غزة يعانون مستويات مرتفعة من انعدام الأمن الغذائي، ويصعب بشكل خاص إيصال المساعدات وتوزيعها على أكثر من 300 ألف شخص ما زالوا في شمال القطاع، محذرةً من أنهم سيقعون في براثن المجاعة خلال أسابيع.
ولذلك، يشدّد الغول على أهمية ضغط المجتمع الدولي والأمم المتحدة على إسرائيل لـ"توزيع المساعدات الغذائية على كل سكان القطاع"، مؤكدا أن وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين التابعة للأمم المتحدة "الأونروا"، هي الجهة الوحيدة القادرة على "مساعدة الناس بشكل منظم"، باعتبارها "العمود الفقري" للمساعدات الإنسانية داخل غزة.
لكن على جانب آخر، يشدد شتيرن على أن "إسرائيل ترفض التعامل مع الأونروا بعد مشاركة بعض الموظفين في أحداث 7 أكتوبر، وكذلك لعلاقتها بحركة حماس"، حسب تقديره.
وبالتالي فإسرائيل "لا تنوي التعامل مع الوكالة، لكنها قد تتعامل مع جهات ووكالات أخرى"، حسبما يضيف المحلل السياسي الإسرائيلي.
ويعلّق الغول بأن "جزءا كبيرا من الناس مستاء من تصرفات وسلوك حماس"، لكنه يتساءل: "إذا كانت المشكلة بين إسرائيل وحماس فما دخل المواطن البسيط الذي لا يجد الماء ولا الغذاء ولا الدواء؟!".
وأوقفت عدة دول، بينها الولايات المتحدة وبريطانيا، تمويلها للأونروا بعد اتهامات من إسرائيل بضلوع 12 من موظفي الوكالة، البالغ عددهم 13 ألف موظف في غزة، في هجوم حماس على إسرائيل في 7 أكتوبر الذي نجم عنه مقتل 1200، أغلبهم إسرائيليون.
وحسب شتيرن، فهناك أحاديث عن "توزيع المساعدات عبر عشائر وعائلات في غزة"، لكنها "غير موجودة على أرض الواقع، والموجود حاليا هم "عناصر حماس والتابعون لهم"، وفي ظل عدم وجود جهة معنية بتوزيع المساعدات، سوف نشهد في المستقبل المزيد من الفوضى وغياب النظام العام.
وتفرض إسرائيل حصارا مطبقا على قطاع غزة، منذ بداية الحرب، كما تقيّد دخول الشاحنات التي تحمل المساعدات الإنسانية، والتي تصل بشكل رئيسي من مصر عبر معبر رفح بكميات غير كافية بالنظر إلى الاحتياجات الهائلة لسكان القطاع، البالغ عددهم 2.4 مليون نسمة.
وفي ظل صعوبة إدخال المساعدات برا، لجأت دول عدة، منها الإمارات ومصر، إلى إلقائها من الجو، وتقوم الولايات المتحدة بعمل ممر بحري لتوصيل المساعدات بحرا من قبرص إلى غزة.