قالت نائبة وزير الخارجية الأميركي لشؤون منطقة الشرق الأدنى باربرا ليف، إن هناك مقترحا جيدا على الطاولة يتعلق بغزة ينتظر موافقة حركة "حماس"، وشددت على عمل الولايات المتحدة لإبرام هذا الاتفاق.
وفي حديث خاص لـ"سكاي نيوز عربية" قالت باربرا ليف: "يوجد مقترح جيد مطروح على الطاولة ونحن بانتظار معرفة ما إذا ستقبل حماس به. كنا نأمل حدوث ذلك حتى قبل بداية شهر رمضان المبارك إذ إن ذلك سيخفف العبء كثيرا عن شعب غزة، وبشكل أوسع عن المجتمع الفلسطيني في الضفة الغربية أيضا. نبقى متفائلين وآملين، كما أننا نسعى ليلا نهارا لإبرام هذا الاتفاق.
وفيما يتعلق بالموقف الأميركي من وقف إطلاق النار في غزة، قالت ليف: "نؤمن أنه من الحيوي الوصول إلى مرحلة إبرام اتفاق سيفتح الأبواب على مسائل شتى بالطبع، نريد تأمين إعادة الرهائن كما نريد أن يتم إطلاح سراح المواطنين الأميركيين لكي يعودوا إلى أسرهم، كما نريد أن يُطلق سراح مواطني العديد من الدول الأخرى وإعادتهم إلى أسرهم. نؤمن أن ذلك سيشكل سبيلا للوصول إلى فرص أخرى، وما من شك في أنه على الصعيد الآني سيؤمن على الأقل ستة أسابيع من التهدئة، كما أنه سيعطي فرصا لإدخال ومن كل الجهات المساعدات الإنسانية لشعب غزة الذي وصل إلى مرحلة حرجة اليوم، لكننا نعتقد أن هذا الاتفاق سيشكل مدخلا للتوصل إلى خيارات أخرى في هذا الصدد.
وعن إمكانية لجوء الولايات المتحدة لحق "الفيتو" ضد أي قرار لوقف إطلاق النار في غزة، أوضحت ليف: "نعم، لكن يجب أن نعترف بالتالي الدعوة لوقف إطلاق النار من دون أي شروط وأقّدر ما قد يدفع الناس لدعم هذه الفكرة لكنها لن تؤدي إلى وقف مستدام لإطلاق النار أو حتى لسلام مستدام وهذا ما نسعى لتحقيقه. هذه الخطوة الأولى بهذا الاتجاه، ونعتقد أنها خطوة أولى حاسمة، ومن المهم أن تغتنم حماس هذه الفرصة".
وبالنسبة للخطوط الحمراء التي تحدثت عنها الولايات المتحدة بالنسبة لإسرائيل، وفيما إذا كان اجتياح رفح منها، قالت ليف: "الرئيس جو بايدن تناول هذا الموضوع مرات عديدة خلال الأسبوع المنصرم. وشدد وزير الخارجية أنتوني بلينكن على هذه المسألة أيضا، وكان الرجلان واضحان جدا أنه في ظل الظروف الحالية ووجود 1.4 مليون فلسطيني محتشدين في ظروف تعيسة جدا، ويعيشون في أوضاع مزرية حول مدينة رفح وداخلها، فإنه أمر لا يمكن تصوره".
وتابعت قائلة: "قال الرئيس بالفعل إنه من غير المقبول المضي قدما بعملية عسكرية هناك. هؤلاء الناس بحاجة إلى رعاية، ويجب نقلهم بطريقة آمنة إلى موقع آخر، وهذا مشروع كبير إلى حد بعيد. يجب أن يوفر لهم أيضا الغذاء والمعيشة. لا يتعلق الأمر بمسألة بسيطة، ولا يمكن ببساطة الطلب من الناس التوجه شمالا، فهذه عملية معقدة جدا، ويجب أن تسبق أي فكرة بالدخول إلى رفح. لكن لماذا يريد الإسرائيليون دخول رفح؟ لأنه لا تزال توجد أربع كتائب لحماس هناك تشكل تهديدا لهم. أكرر يجب إيلاء الأولوية القصوى للمسائل الإنسانية".
وردا عل سؤال عن تفسيرها لعدم قدرة الولايات المتحدة على وقف العمليات الإسرائيلية رغم الدعم المستمر الذي تمنحه لها منذ السابع من أكتوبر، بينت ليف: "سأقدم بعض الأفكار بشأن هذه المسألة، ذهبت مع وزير الخارجية بليكن إلى إسرائيل بعد بداية الاعتداءات ووجدنا أن كل من في الحكومة والمجتمع ككل في حالة من الصدمة الكبيرة والفاجعة. صدمة تتخطى القدرة على الاستيعاب ما لم يمرّ الإنسان بها أو سنحت له فرصة التكلم مع الناجين، كما فعلنا. هذه الفاجعة، وحالة الصدمة والخوف والقلق لا تزال تطارد المجتمع الإسرائيلي كما أن ذلك يصيغ طريقة تفكير والأولويات التي توليها الحكومة الإسرائيلية لكيفية ملاحقة حماس. إسرائيل دولة سيادية تملك مسؤولية الاعتناء بأمن شعبها كما أنها تملك مسؤوليات أخرى".
وشددت على أنه "عانينا لنذكّر المسؤولين الإسرائيليين بالمسؤولية تجاه السكان المدنيين، بالحذر بشكل أفضل لمنع أي تعارض بين عملياتها. كانت المناقشات طويلة وفي بعض الأحيان صعبة جدا. في الوقت عينه، كان علينا تذكير شركائنا الإسرائيليين بمسؤوليتهم تجاه تقديم المساعدات الإنسانية إلى السكان. الأمر يتعلق بالحوار وبالنفوذ وبالدعم الذي نقدمه، لكننا نستفيد من الرسائل الصعبة، ومع مرور الزمن، أصبحت هذه الرسائل سارية المفعول، لكنها لا تزال كناية عن مجموعة مناقشات يجب أن نجريها يوميا".
وحول النقاط الخلافية بين واشنطن وتل أبيب وخصوصا مسألة إقامة دولة فلسطينية، أشارت ليف إلى "نحن واضحون جدا بشأن هذه المسألة وهذا منذ اليوم الأول من تولي هذه الإدارة السلطة. موقف إدارة بايدن كما بيّن الرئيس ووزير الخارجية ومستشار الأمن القومي واضح جدا بشأن هذه المسألة ألا وهو توفير الأمن للإسرائيليين ولتوفير تدابير أمنية متساوية وفرصة للفلسطينيين لعيش حياة طبيعية. نحن نؤمن بدون أي شك أن الحل الوحيد هو في قيام الدولة الفلسطينية المفُاوض عليها والقائمة جنبا إلى جنب مع إسرائيل بطريقة تسمح للشعبين بالمضي قدما بحياتهم".
هجمات الحوثيين في البحر الأحمر
علقت ليف على تحالف "حارس الازدهار" ودورها في ردع الحوثيين عن شنّ هجمات على السفن في البحر الأحمر، وقالت: "نظرا لطبيعة التهديد الذي تمثله اعتداءات الحوثيين ليس فقط للسفن لكن أيضا للبحارين والملاحين الذين يعملون على هذه السفن، فهذه ليس عملية تقوم على فرصة واحدة، وهي ليست مسألة بإمكاننا حسمها بين ليلة وضحاها".
وأكدت على أن الولايات المتحدة تملك "تحالفا واسعا ومتزايدا من شركاء يشاطرونا الرأي ومصرون على الدفاع عن الشحن والحفاظ على فتح الممرات وحرية الملاحة، وحماية شعوب دول البحر الأحمر".
ولفتت إلى أنه "خلال الاعتداءات الأخيرة قتل الحوثيون ثلاثة بحارة وأصابوا الكثيرين بجروح خطيرة. لا يملك هؤلاء الرجال أي علاقة بأي نزاع، لا علاقة لهم بتاتا بهذه المسألة، كانوا يحاولون تأمين لقمة العيش في ظروف صعبة جدا. من خلال الاعتداء على السفن خلال الأيام الماضية، أصبح الحوثيون مسؤولين عن تسرب نفطي ضخم على امتداد قرابة 29 كيلومترا في البحر الأحمر، بالإضافة إلى إغراق آلاف الكيلوغرامات من الأسمدة فضلا عن المواد الكيميائية الكاوية في النظم الإيكولوجية البحرية الهشة في البحر الأحمر، هذا أمر مدمر لصيادي السمك الذي يلقون بشباكهم هناك".
كذلك أوضحت أن من الآثار المترتبة على هجمات الحوثيين "ما يتعلق بالأمن الغذائي للشعب اليمني مع ابتعاد السفن التي كان ستحضر الحبوب الثمينة والذرة لليمنيين الذين يفتقرون إلى الأمن الغذائي الأمر يؤثر أيضا على شعوب دول القرن الإفريقي".
واختتمت حديثها عن الحوثيين بالقول "فكرة أن الحوثيين يقومون بأمر جيد للفلسطينيين مجرد كلام فارغ. يدّعون أنهم يتصرفون نيابة عن الفلسطينيين لكن، كيف أن تدمير النظم الإيكولوجية في البحر الأحمر أو تعطيل شحنات المواد الغذائية المتجهة نحو إثيوبيا أو اليمن أو الصومال كيف تخدم هذه التداعيات أي أحد؟. في نهاية المطاف، بإمكاننا لوم إيران ونحن بالفعل نلومها على هذه الأحداث، لكننا نسند المسؤولية للحوثيين أيضا الذين يدّعون أنهم يحكمون اليمن باسم الشعب لكنهم لا يفعلون ذلك فعلا ويمثلون تهديدا فعليا للدول المجاورة".
وطالبت ليف إيران "بالتراجع عن الموقف التصعيدي الذي تنتهجه منذ سنوات في المنطقة فهي تقدم على أنشطة مزعزعة للاستقرار وتدعمها كما تزود الأسلحة المتطورة إلى فاعلين غير حكوميين الذين يملكون أسلحة متطورة أكثر من الحكومة نفسها في العراق وفي لبنان".
الملف اللبناني
وصفت ليف ما يجري في الساحة اللبنانية من تصعيد من حزب الله بأنه يحمل مخاطر عظيمة، وقالت: "هذه الساحة تشهد تقلبات كبيرة ومخاطر عظيمة ورأينا كيف أن حسن نصر الله وحزب الله خاطر كثيرا وهذا أمر قد ينقل الساحة إلى مكان خطير جدا وقد يضع بلبنان بحد ذاته بموقع خطير جدا. نبذل جهودنا الدبلوماسية عبر مكتب آموس هوكستين للمناقشة مع الأطراف كيف يمكن التوصل إلى اتفاق".
وأردفت: "نعتقد أن الأمر سيحصل حين ستبدأ الهدنة الإنسانية ولربما قد تحصل أبكر من ذلك، لكننا نعمل بشكل فعال على هذه الجبهة. في غضون ذلك، تُمارس لعبة خطيرة وقوانين اللعبة قد تُفهم خاطئا من قبل حزب الله أو حدود المخاطر من الممكن أن يسيء فهمها حزب الله. من الواضح أن الحكومة الإسرائيلية والجيش الإسرائيلي لن يخاطر بشن اعتداء واسع النطاق في الشمال من دون معرفة ماذا سيحصل وما إذا قد يُحرج. هذه لعبة محفوفة بالمخاطر لعبها حزب الله في مختلف الأوقات".