مع استعدادت الجيش الإسرائيلي لمهاجمة رفح، الواقعة في أقصى جنوب قطاع غزة، والتي ربما تكون المعقل الأخير لحماس، تواجه إسرائيل معضلة ما الذي يجب فعله مع ما يقرب من مليون ونصف المليون فلسطيني نازح، الذين حاصرتهم قواتها العسكرية على طول الحدود المصرية.
وتواجه إسرائيل تحذيرات متزايدة من حلفائها ومنتقديها من أن هجومها البري الموعود في رفح، وهو الملاذ الأخير الذي شهد تزايد عدد سكانها 5 أضعاف في غضون أشهر، سيؤدي إلى حمام دم بين المدنيين.
وقالت الأمم المتحدة إن خطوط أنابيب المساعدات الإنسانية المجهدة بالفعل، والتي تمر عبر الحدود، ستنهار، في حين تمثل المواجهة اختبارا لأهم تحالفات إسرائيل.
وقد هدد المسؤولون المصريون بتعليق معاهدة السلام، التي وقعت بين البلدين منذ 40 عاماً، إذا أدى الهجوم على رفح إلى إجبار اللاجئين على عبور الحدود، في حين تشير "مقاطع فيديو" حصلت عليها صحيفة واشنطن بوست الأميركية إلى أن المصريين يستعدون لمثل هذا السيناريو.
من جانبه، يقول الرئيس الأميركي جو بايدن إن الولايات المتحدة لن تدعم هجوماً واسع النطاق على رفح ما لم تتمكن إسرائيل من تنفيذ "خطة ذات مصداقية" لإجلاء المدنيين الموجودين على خط النار.
وأضاف بايدن: "لقد نزح العديد من الأشخاص هناك. نزحوا عدة مرات وهم الآن مكدسون في رفح مكشوفين ومعرضين للخطر. إنهم بحاجة إلى الحماية".
الموقف الإسرائيلي
وبحسب الصحيفة الأميركية، تصاعد الذعر في رفح بسبب الهجوم الإسرائيلي الوشيك بعد الغارات الليلية، فيما تكافح إسرائيل للتوفيق بين المناشدات الدولية لحماية الأبرياء ومطالب المتشددين في الداخل بتوجيه ضربة حاسمة لمسلحي حماس المتمركزين في آخر مركز سكاني في غزة.
وتعهد رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو مرة أخرى، الأربعاء، بمهاجمة رفح، قائلا إن حماس قامت بنسج ألويتها المتبقية وأسلحتها وطرق التهريب في جميع أنحاء المدينة.
ويحيى السنوار، العقل المدبر لهجمات 7 أكتوبر، التي أسفرت عن مقتل نحو 1200 شخص وأدت إلى أسر أكثر من 250 رهينة، هو الهدف الرئيسي لإسرائيل، حيث تعتقد إسرائيل أنه ربما انسحب إلى رفح.
وقد أمر نتنياهو قادته بوضع خطط لنقل المدنيين بعيدًا عن الأذى، لكن المشاركين في المناقشات أقروا بأن الخيارات العملية لا تزال بعيدة المنال.
وقال مسؤول إسرائيلي،، إن التخطيط لعملية الإخلاء جار لكن لم تتم الموافقة على خطة نهائية.
ولم يكن الاقتراح الإسرائيلي بإنشاء سلسلة من المخيمات الممتدة على طول ساحل غزة على البحر المتوسط والتي يمكنها استيعاب أكثر من 350 ألف خيمة، كافياً لتهدئة المنتقدين عندما تم تقديمه مؤخراً في القاهرة.
خطة الإخلاء
وقال متحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية إن الولايات المتحدة لم تر بعد خطة إخلاء ذات مصداقية من إسرائيل.
وأوضح مصدر، مطلع على المناقشات، أن الجيش الإسرائيلي يدرك الحاجة إلى تقليل معاناة المدنيين، لكن كبار القادة السياسيين يصرون على أن مواجهة حماس في رفح أمر حيوي لتحقيق هدف الحرب الإسرائيلي المتمثل في "تدمير" الجماعة المسلحة.
وقال: "إنهم يحاولون جاهدين إيجاد حل وسط. عليهم الذهاب إلى رفح لأنه يتعين عليهم مطاردة السنوار. لكنهم لا يستطيعون قتل آلاف المدنيين وهم يعلمون أن عليهم تقديم المساعدات الإنسانية. لا توجد حلول جيدة."
وتنص خطة الإخلاء التي طرحتها إسرائيل في القاهرة على إنشاء 15 مخيما على شاطئ البحر، يحتوي كل منها على 25 ألف خيمة، وفقا للشخص المطلع على المناقشات، وتمتد شمال مواسي.
وقد روجت إسرائيل للمنطقة الساحلية الغربية باعتبارها "منطقة أكثر أمانا" منذ نوفمبر، رغم أنها واصلت استهداف المنطقة، حيث قُتل ما لا يقل عن 7 أشخاص في غارة جوية على مخيم مؤقت هناك الشهر الماضي، وفقًا لمدير أحد المستشفيات.
وقال محللون عسكريون إن إسرائيل تعتزم طلب المساعدة من مصر في توفير الرعاية الصحية وغيرها من المساعدات في المخيمات، وإن موقعها يفتح إمكانية تقديم المساعدات من البحر.
لكن وكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين لم يكن لها وجود في مواسي على الإطلاق.
وقالت تمارا الرفاعي، المتحدثة باسم الأونروا، إن احتمال لجوء مئات الآلاف من الأشخاص إلى هناك "سيتطلب من الأمم المتحدة والعاملين في المجال الإنساني إنشاء مخيمات جديدة بعيدا عن أي مباني قائمة".
اقتراح إسرائيلي
وقال مصدر مطلع على المناقشات الإسرائيلية داخل مجلس الوزراء المصغر، بحسب "واشنطن بوست"، إن هناك اقتراحًا إسرائيليًا آخر قيد النظر يسعى إلى إبعاد المدنيين عن رفح من خلال توجيه المساعدات عبر معبر إيريز الإسرائيلي المغلق الآن، بالقرب من مدينة غزة، والسماح للعائلات بالعودة إلى الشمال.
وأوضح: "لقد تعرضت المنطقة للدمار بسبب أشهر من الهجمات الجوية والقتال البري، ولكن من المقدر أن أكثر من 100 ألف من سكان غزة ما زالوا هناك، والعديد من سكان الجنوب حريصون على العودة إلى ما تبقى من مجتمعاتهم".
وأضاف: "لكن الفكرة واجهت معارضة سياسية فورية داخل مجلس الوزراء الأمني"، وفقا للمصدر.
ووصف الاعتراض داخل حكومة الحرب الإسرائيلية قائلا: "لماذا يجب السماح لسكان غزة بالعودة إلى ديارهم في حين أن الإسرائيليين لا يزالون غير قادرين على العودة إلى ديارهم. ولا يزال أكثر من 300 ألف إسرائيلي نازحين من البلدات الواقعة على طول حدود غزة ولبنان".