بات ملايين السودانيين الذين فقدوا وظائفهم ومتاجرهم بسبب الحرب الدائرة في البلاد، يواجهون صعوبات كبيرة في الحصول على احتياجاتهم اليومية.
فمنذ فراره من العاصمة السودانية الخرطوم إلى مدينة كسلا في شرق البلاد قبل نحو ثمانية أشهر، ظل عمر الذي دمر القتال متجره في منطقة السوق الشعبي بجنوب الخرطوم يمارس أعمالا هامشية شاقة تكفي بالكاد لتوفير وجبة واحدة في اليوم لأسرته المكونة من 7 أشخاص.
ومع تطاول أمد الحرب، تتعمق الأزمة الإنسانية في السودان بشكل كببر في ظل ارتفاع نسبة الذين توقفوا عن ممارسة أنشطتهم اليومية إلى أكثر من 60 في المئة من سكان البلاد المقدّر تعدادهم بنحو 42 مليون نسمة.
وبلغت أعداد النازحين أكثر من 10 ملايين وفقد 5 ملايين من العاملين في القطاعين الخاص والعام وظائفهم فيما ظل نحو 19 مليون طالب خارج الدراسة منذ اندلاع القتال بين الجيش وقوات الدعم السريع في منتصف أبريل الماضي.
وقال عمر لموقع "سكاي نيوز عربية": "هذه الحرب جردتنا من كل شيء وحولت حياتنا إلى جحيم. لم نعد قادرين على توفير الحد الأدنى من الغذاء لأسرنا لأنه ببساطة لا توجد أي فرص عمل في الأقاليم التي نزحنا إليها وأصبحنا عبئا على سكانها الذين كانوا يعانون أصلا من أوضاع اقتصادية سيئة حتى قبل اندلاع الحرب".
وبسبب تدهور الأوضاع الأمنية في معظم أنحاء السودان، تتحمل 4 ولايات من بين ولايات البلاد الـ18 العبء الأكبر من تداعيات الحرب التي تقول منظمة الهجرة الدولية إنها خلفت أسوا كارثة نزوح على مستوى العالم حيث يشكل النازحون السودانيون نحو 12 في المئة من إجمالي النازحين في العالم.
وأرجع المحلل الاقتصادي وائل فهمي تفاقم تأثيرات وتداعيات الحرب إلى تركز جل نشاط الاقتصاد السوداني في العاصمة الخرطوم التي عطل القتال أكثر من 95 في المئة من مصانعها وقطاعاتها الإنتاجية والمالية والخدمية.
وأوضح فهمي لموقع "سكاي نيوز عربية": "تتركز معظم الانشطة الاقتصادية في الخرطوم وترتبط بكافة القطاعات بالولايات".
وإلى جانب توقف خدمات الحكومات الاتحادية وحكومة ولاية الخرطوم بالكامل، تأثرت كافة القطاعات التجارية والصناعية والمؤسسات الصغيرة والمتوسط وكافة سلاسل الإمداد التي كانت تستوعب أكثر من 60 في المئة من الشريحة السكانية العاملة.
وفي ظل تآكل مدخرات الأفراد وفقدان الجنيه لأكثر من 90 في المئة من قيمته حيث يتم تداول الدولار الواحد حاليا بأكثر من 1100 جنيه مقارنة مع 600 جنيها قبل الحرب، تتزايد المعاناة أكثر بالنسبة للنازحين في المدن الأقل خطورة أو لأولئك الذين تمكنوا من عبور الحدود إلى بلدان أخرى.
وحول هذه النقطة يقول فهمي "يبرز الأثر السلبي للنزوح بشكل كبير في الضغط على الخدمات في الولايات وكذلك على مدخرات الأسر والمغتربين".