أمام إعلان وزير الدفاع الأميركي، الإثنين، استمرار دعم بلاده لتل أبيب في حرب غزة، وتأكيد نظيره الإسرائيلي، يوآف غالانت، مواصلة الحرب "كما هي"، تقفز تساؤلات عن جدوى إصرار جماعة الحوثي في اليمن المضي قدما في مهاجمة سفن البحر الأحمر بغرض وقف الحرب.
وردا على هذه الهجمات، أعلن لويد أوستن، خلال زيارته للبحرين، مساء الإثنين، في بيان، إطلاق عملية "حارس الأزهار"، وهي قوة متعدّدة الجنسيات لحماية التجارة في البحر الأحمر بدوريات مشتركة.
من ناحيتهم، أعلن الحوثيون، الإثنين، في بيان، استهداف سفينتين "لهما ارتباط بالكيان الصهيوني"، حسب تعبيره، بطائرتين بحريتين، الأولى سفينة "سوان أتلانتيك" محملة بالنفط، والأخرى "إم إس سي كلارا" تحمل حاويات.
وتبعا ذلك، تواصل شركات الشحن العالمية إعلانها تجنّب المرور في البحر الأحمر، تحاشيا لتعرضها للخطر الذي يزيد قيمة التأمين.
من أحدث هذه الشركات "بي بي" البريطانية التي علقت، الإثنين، عبور جميع سفنها في البحر الأحمر، وبعد الظهر، اتخذت نفس القرار شركة "فرونتلاين".
وفي أيام سابقة، أعلنت تجنب باب المندب، الذي تمر عبره 40 بالمئة من التجارة الدولية، الشركة الدنماركية "ميرسك"، والألمانية "هاباغ-ليود"، والفرنسية "سي إم إيه سي جي إم"، والإيطالية السويسرية "إم أس سي"، والتايوانية "إيفرغرين".
ويرصد خبيران عسكريان لموقع "سكاي نيوز عربية"، تأثيرات الهجمات الحوثية على الأرض في غزة، ودورها المحتمل في تحديد حجم دور إيران، ومصير المنطقة أمنيا.
ومنذ بدأوا استهداف السفن في 19 نوفمبر الماضي، يقول الحوثيون إنهم يسعون للضغط على إسرائيل وحلفائها اقتصاديا وأمنيا للكف عن العدوان على غزة.
من المستفيد؟
عن تأثير هجمات الحوثي، التي تدخل شهرها الثاني، في تحقيق هذا الهدف المعلن، يقول الخبير العسكري، مالك الكردي:
- حتى الآن لم يظهر لهذه الهجمات أي تأثير في سير العمليات العسكرية في غزة، ولم تحدِث فارقا ميدانيا، ولم تشكل ضغطا لوقف التصعيد.
- ما حدث أن التصعيد الحوثي تسبب في دفع المنطقة لمزيد من التوتر.
- هذا التوتر قد يدفع إيران لزيادة حضورها في اليمن لدعم حليفها (الحوثي) بالسلاح والخبرات، ما يجعلها لاعبا أقوى في هذه الساحة، ومتحكما في إدارة الصراع.
- تزايد النفوذ الإيراني سيجعل طهران تمسك بأطراف طوق بحري يمتد من الخليج العربي، مرورا ببحر العرب والبحر الأحمر، وصولا للبحر المتوسط، لتكمل حزاما حول المنطقة العربية مع سيطرتها على الجزء الشمالي منها (في إشارة لوجودها عبر وكلاء وحلفاء في سوريا والعراق ولبنان).
- قد تتجه طهران لنشر قطع بحرية بشكل أكبر، وهو ما تطمح إليه استراتيجيتها في تعزيز نفوذها.
- بذلك يمكن أن تكون أكثر قدرة على لعب دور أكبر في غزة، إلا إذا جدَّ أمر مفاجئ في السياسة الأميركية يغيّر قواعد اللعب.
عسكرة البحر الأحمر
يتفق الخبير العسكري، أحمد حمادة، مع الكردي في أن الهجمات الحوثية "لم تشكل أي فارق ميداني" في حرب غزة، لكن لها تأثيرات أمنية واقتصادية:
- الاقتصاد الإسرائيلي يتأثر سلبيا (تستهدف الهجمات سفنا تحمل السلع من وإلى إسرائيل).
- استمرار تهديد الحوثي للملاحة يدفع لتشكيل تحالف دولي بغرض تأمين سلامتها، ما يعني عسكرة البحر الأحمر.
- رغم أن واشنطن لا ترغب في توسيع رقعة المواجهات، وتكتفي حاليا بالدفاع ومنع وصول الصواريخ والمسيّرات الحوثية لأهدافها، فإن هذا لا يعني أنه لن يكون هناك رد.
تهديد بتوسيع الحرب
وفي مؤشر على عدم تأثير هجمات الحوثيين على وقف حرب غزة، أكد وزير الدفاع الأميركي، خلال مؤتمر صحفي في تل أبيب، الإثنين، مع نظيره الإسرائيلي: "نواصل تزويد إسرائيل بالمعدات التي تحتاج إليها للدفاع.. بما في ذلك الذخائر الحيوية والمركبات التكتيكية وأنظمة الدفاع الجوي"، خلال الحرب.
وأضاف أوستن: "قدمنا رسالة واضحة بأن دعمنا لإسرائيل مستمر".
وفيما يخص التهديد الحوثي، طالب إيران "بالكف عن دعم" الهجمات على السفن، قائلا إنه سيعقد اجتماعا افتراضيا، الثلاثاء، مع وزراء دفاع في الشرق الأوسط، لبحث الأمر.
بدوره، قال غالانت إن حماس وحزب الله وجماعة الحوثي "تمولها وتدعمها وتدربها إيران".
كما حذّر وزير الدفاع الإسرائيلي من أن هجمات الحوثيين "قد تؤدّي إلى دفع المنطقة نحو الحرب"، في إشارة لتوسيع نطاق الحرب الحالية في غزة.
من جانبه، اعتبر نتنياهو، خلال استقباله أوستن، أن ما يجري في البحر الأحمر هو تهديدٌ للملاحة في العالم بأسره، وتوجّه لأوستن بالقول: "سيدي، يسعدني أن أرحّب بك وبوفدك مرة أخرى. نحن نخوض حربا حضارية ضد الهمجية، وضد الإرهاب الإيراني الذي يهدّد الآن بإغلاق الممر البحري"، وفق ما نقله موقع هيئة البث الإسرائيلية "مكان".