بينما تصل الحرب في غزة شهرها الثالث، مع توسيع القتال من جانب الجيش الإسرائيلي ليشمل شمال ووسط وجنوب القطاع، وسط تنامي التحذيرات الدولية والإقليمية من مغبة استمرار التصعيد، تبدو الأهداف الإسرائيلية المعلن عنها منذ 7 أكتوبر، حتى اللحظة الراهنة بعيدة المنال، فيما تتواصل الضغوط من جانب الولايات المتحدة لوضع حد زمني لإنهاء القتال في أقرب وقت.
ويتفق خبراء تحدثوا لموقع "سكاي نيوز عربية" من واشنطن وغزة وألمانيا على فشل العملية الإسرائيلية حتى اليوم في تحقيق أهدافها المعلنة مطلع أكتوبر، وعبروا عن اعتقادهم بنهاية وشيكة للحرب في ضوء ازدياد الضغوط الدولية من جانب حلفاء تل أبيب وفي مقدمتهم أميركا، فضلا عن الضغوط الداخلية على حكومة نتنياهو، وتنامي حالة الانقسام السياسي داخل البلاد.
4 أهداف لم تتحقّق
يُعلّق أستاذ العلوم السياسية عزام شعث بأنَّ حكومة الحرب الإسرائيلية "وضعت 4 أهداف لعدوانها على غزة"، بعد عمليَّة "طوفان الأقصى"، وهي القضاء على قيادة حركة حماس وإنهاء حُكمها لقطاع غزة، وتدمير البنية التحتية للفصائل الفلسطينية، وتحرير الرهائن الإسرائيليين، وتهجير سكّان غزة إلى سيناء.
لكن النتائج حتى الآن بالنسبة إلى إسرائيل، بعد شهرين مِن عمليّاتها المكثّفة ضد القطاع، هي:
- انقسام الرَّأي العام الداخلي بعد إخفاق إسرائيل في تحقيق أهدافها إلى موقفين، أحدهما يُطالِب بتكثيف الضربات ضد القطاع برا وجوا وبحرا، والآخر يدعو لخيار التفاوض مع "حماس" لإطلاق سراح الرهائن.
- الدبلوماسية المصرية أفشلت مخطط تهجير سكان غزة.
- قتل بعض قيادات الجهازين السياسي والعسكري لحماس، إلا أنه لم يتم القضاء على الحركة؛ فما زالت تشنّ هجمات باتجاه إسرائيل.
- قتل 10 آلاف شخص وتدمير جانب كبير مِن البنية التحتية في غزة.
- كما تسبب توسيع دائرة القتال مؤخرا لزيادة الضغوط الدولية والإقليمية على إسرائيل لوضع مخطط زمني قصير المدى للحرب، فيما تبدو الحكومة الإسرائيلية مختبطة مع زيادة الانقسامات في الداخل الإسرائيلي.
دوافع الضغط الأميركي
أفاد مسؤولون أميركيون، الخميس، بأن وزير الخارجية أنتوني بلينكن قال لمسؤولين في حكومة الحرب الإسرائيلية، الأسبوع الماضي، إن إدارة بايدن تعتقد أن الصراع يجب أن ينتهي خلال أسابيع لا أشهر.
ويرجع عضو الحزب الديمقراطي الأميركي مهدي عفيفي أسباب الضغوط الأميركية على تل أبيب إلى تصاعد الغضب الشعبي في الداخل نتيجة الدعم المطلق للحكومة الإسرائيلية منذ بداية حربها على قطاع غزة.
وبحسب عفيفي تشعر إدارة بايدن أيضا بالاستياء جراء فشل حكومة الحرب الإسرائيلية في تحقيق أهدافها، فينا يتزايد أعداد القتلى من المدنين يوما تلو الآخر، مسجلا أعلى عدد ضحايا في تاريخ الصراع.
ينوه السياسي الأميركي أيضا إلى حالة الغضب تجاه الآلية التي تتعامل بها إدارة بايدن مع المطالب الخاصة بوقف إطلاق النار، وهي لم تمارس ضغوطا على اسرائيل بهذا الصدد بل تشجعها على سفك المزيد من الدماء.
لذلك ربما تسعى إدارة بايدن في الوقت الراهن لتعديل سلوكها والضغط على تل أبيب من أجل وقف الجرائم بحق الشعب الفلسطيني.
لكن فيما يتعلق بالجانب الإسرائيلي يرى عفيفي أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو وحكومته المتشددة لا ترغب في إقرار وقف إطلاق النار بغزة، لأن ذلك لا يتفق مع مصالحه، بالعكس من ذلك هو يرغب بتمديد عمر الصراع لتحقيق مكاسب سياسية خاصة أنه يمر بوضع متأزم.
وفي حال نجحت الجهود الدولية والإقليمية في التوصل لوقف إطلاق النار، من المتوقع أن تمارس إسرائيل مزيد من عمليات الاغتيال لجميع عناصر المقاومة وذويهم، بحسب عفيفي.
ما أسباب فشل إسرائيل؟
من جهته، يرى رئيس المركز الأوروبي لدراسات مكافحة الإرهاب والاستخبارات جاسم محمد أن بعد المرحلة الأولى والثانية مِن العمليات الإسرائيلية، يمكن القول إنها "لم تنجح حتى اللحظة الراهنة".
يُرجِع ذلك إلى أن حماس لا تزال تشنّ ضرباتها، ولم يتم تحرير الأسرى إلا في ضوء هدنة الأيام السبعة ولايزال هناك محتجزين بقبضة حماس، أو تدمير الأنفاق نتيجة اتباع الحركة السِّرية الشديدة بشأن الأنفاق والكثافة السكانية داخل القطاع والركام الضخم للقصف الإسرائيلي الذي يعيق تحرّك القوات الإسرائيلية على الأرض.
وتخوض إسرائيل الآن ما وصفه مستشار الأمن القومي الإسرائيلي، تساحي هنجبي، في 31 أكتوبر، بـ"المرحلة الثالثة" في حرب غزة، وتشمل تكثيف العمليات البرية في شمال قطاع غزة.
وتوقّع هنجبي بدوره أن يطول أمد الحرب، قائلا: "إنها حملة صعبة، وتتطلّب قتالا مكثّفا.. لا يوجد قتال دون ثمن موجع. نحن نحارب كأُمَّة، رغم الألم، نحن عازمون على الفوز رغم الألم".