مع معاناة سكان غزة من تداعيات الحرب المدمرة التي تشنها إسرائيل على القطاع المحاصر منذ أسابيع، حذر تقرير لصحيفة "واشنطن بوست" الأميركية من خطر قد يجعل الحياة هناك مستحيلة لفترة طويلة، حتى بعد انتهاء الحرب.
وقال خبير إزالة المتفجرات في دائرة الأمم المتحدة للأعمال المتعلقة بالألغام (UNMAS) تشارلز بيرش للصحيفة، إن "هناك مئات، إن لم يكن الآلاف، من الذخائر غير المنفجرة في غزة"، مشيرا إلى "الذخائر عالية التقنية التي قدمتها الولايات المتحدة لإسرائيل".
وتقول دائرة الأمم المتحدة للأعمال المتعلقة بالألغام وخبراء آخرون، إنه بشكل عام فإن واحدة من كل 10 ذخائر مستخدمة في الحروب لا تنفجر، رغم أن الرقم يختلف بشكل كبير حسب نوع السلاح، ويتأثر بعوامل تشمل طول وظروف التخزين والطقس والهدف.
وقدر بيرش أن "الأمر سيكلف عشرات الملايين من الدولارات وسيستغرق سنوات، لجعل المنطقة بأكملها آمنة".
وحتى في أوقات الهدوء النسبي في غزة، فإن القنابل المتبقية من جولات القتال السابقة تقتل وتشوه أشخاصا بانتظام، لكن الأزمة الآن أصبحت أسوأ بشكل كبير.
وقال خبير إزالة الألغام في منظمة "الإنسانية والشمول" غير الربحية سايمون إلمونت، الذي عمل في الموصل ومدن عراقية أخرى نشط بها تنظيم "داعش"، إن غزة ستكون "غير صالحة للسكن إلى حد كبير".
وحسب "واشنطن بوست"، فإن العديد من القنابل التي يعتقد أنها استخدمت في غزة مصممة بحيث لا تنفجر عند ملامستها، لكن بها فتيل يسمح لها بالانفجار تحت الأرض أو داخل المباني، وقد يكون من الصعب تحديد موقع مثل هذه الذخائر.
ولم تنشر إسرائيل أرقاما دقيقة بشأن الذخائر التي استخدمتها في الحرب الدائرة منذ 7 أكتوبر الماضي، لكن في بداية نوفمبر الماضي قال وزير الدفاع يوآف غالانت إن إسرائيل أسقطت 10 آلاف قنبلة على مدينة غزة وحدها.
ويقول خبراء إن تدمير البنية التحتية الثقيلة يشير إلى استخدام قنابل ضخمة، مثل "مارك 84" التي يبلغ وزنها 900 كيلوغرام، وهي "قنبلة غبية" غير موجهة، تم تحديثها باستخدام نظام أميركي لتصبح سلاحا دقيقا.
وشردت الحرب ما يقدر بنحو 80 بالمئة من سكان غزة، إلى جانب مقتل أو إصابة 3 بالمئة من أهل القطاع، وكانت غالبية الضحايا من النساء والأطفال، وفق وزارة الصحة في غزة.
وأشارت "واشنطن بوست" إلى أن إعادة هؤلاء النازحين إلى أحيائهم ستكون مهمة شديدة الصعوبة، إذ تمت تسوية المباني بالأرض أو جعلها غير سليمة من الناحية الهيكلية، كما دمرت البنية التحتية، بما في ذلك موارد المياه ومنشآت الصرف الصحي.
وحذرت من أن "العديد من الأسلحة التي يقول المحللون إنها استخدمت في غزة، بما في ذلك الفسفور الأبيض، يمكن أن تتسرب إلى إمدادات المياه".