وسط جهود بغداد لحشد دعم دولي لتطهير البلاد من مخلّفات الحروب والألغام بحلول عام 2028، يتعرّض العراق لتهديدات قد تعرقل هذه الخطة، منها استهداف القواعد والمصالح الأميركية هناك.
يقيّم باحث بيئي عراقي لموقع "سكاي نيوز عربية"، الجهود التي بذلتها الحكومة حتى الآن في هذا الملف، وكيف يمكن أن تؤثّر عليه الأحداث المحلية والإقليمية المتوترة نتيجة الحرب الدائرة في غزة.
مِن أحدث خطوات الحكومة لحشد دعم دولي لتطهير البلاد من مخلفات الحروب والألغام، شارَك وفد عراقي في مؤتمر الأمم المتحدة الخاص بمعالجة المخلّفات الحربية والمواد المتفجّرة، وفق ما ذكرته وكالة الأنباء العراقية (واع) في 8 نوفمبر.
وضع العراق خطة ليكون خاليًا من الألغام والمخلفات الحربية الناتجة عن سنوات طويلة من الحروب وأعمال العنف والإرهاب بحلول عام 2028.
عقبات في الطريق
الباحث البيئي العراقي، عمر عبداللطيف، عضو مرصد العراق الأخضر، يستبعد أن تكفي المدة حتى عام 2028 للتخلّص من المخلفات الحربية، معدّدًا الأسباب التي يراها، ومنها:
- العراق به كمية كبيرة، تصل إلى 3 ملايين متر مكعب ملوّث بالألغام والمخلفات الحربية، منتشرة في مساحات شاسعة تشمل معظم محافظات الدولة.
- الملف ضخم، يحتاج إلى مساعدة دولية، لكن الأحداث التي يشهدها العراق ودول المنطقة، وتتجدّد كل فترة، تؤثّر على الحصول على هذه المساعدة.
- مؤخرًا، باتت المصالح الأميركية تحت الاستهداف، وهذا يؤثّر على ملف تطهير البلاد من الألغام، فواشنطن من أكبر الداعمين لبغداد سواء بالخبرات أو التمويل.
تتعرّض القواعد العسكرية الأميركية في العراق وسوريا لهجمات منذ 17 أكتوبر الماضي، ألقت واشنطن باللوم فيه على فصائل تدعمها إيران، بعضها موجود في العراق؛ نتيجة الدعم الأميركي لإسرائيل في الحرب على قطاع غزة.
استهدفت هذه الهجمات قاعدتَي عين الأسد في الأنبار غرب العراق، وحرير في أربيل شمال العراق، فضلًا عن القواعد في محيط مطارَي بغداد وأربيل الدوليين؛ وهو ما يسبّب إحراجًا كبيرًا للحكومة العراقية إذ تتحرّك هذه الفصائل دون التنسيق معها، وفق متخصّصين.
في نفس الوقت، يثمّن عبداللطيف مشاركة وفد عراقي في مؤتمر الأمم المتحدة الخاص بمعالجة المخلفات الحربية والمواد المتفجّرة مؤخرًا، معتبرها مؤشّرًا لاهتمام الحكومة لإنهاء هذا الملف الذي يهدِّد حياة وسلامة العراقيين.
كيف تفاقَمت الأزمة؟
وفق الباحث العراقي، بدأت معاناة بلاده مِن مخلّفات الحروب المتفجّرة خلال حرب الخليج الأولى بين إيران والعراق؛ ولذا ظهرت أولًا في المحافظات المحاذية للحدود مع إيران، مثل واسط وميسان والبصرة.
زاد انتشار هذه المخلّفات مع الحروب التالية، والعمليات الإرهابية، خاصة بعد ظهور تنظيم داعش الإرهابي؛ فظهرت في محافظات احتلها التنظيم بعد عام 2014، مثل الأنبار والموصل وصلاح الدين.
وبجانب تسبّبها في قتل وإصابة كثير من الأبرياء، فإن هذه المخلّفات أثَّرت على الأراضي الزراعية، وبدأت تتسرَّب للمياه الجوفية؛ ولهذا تدير هذا الملف 4 جهات، هي وزارات البيئة والدفاع والداخلية وصندوق المناطق المحرّرة، كما يوضّح عبداللطيف.
إنجازات سابقة
في يونيو الماضي، أعلنت دائرة شؤون الألغام عن مساحة الأراضي التي نجحت في تطهيرها من الذخائر الحربية خلال عام ونصف العام.
جاء في بيان الدائرة أنه تم تطهير أكثر من 2500 كم مربع من الأرض الملوّثة بهذه الذخائر، وشملت أعمال التطهير تنفيذ مشاريع اقتصادية وإنسانية على الأراضي بعد تطهيرها.
وفيما يخص مساعدة ضحايا الألغام وباقي المخلّفات الحربية، أشار البيان إلى أن الدائرة أسهمت في توفير جميع المستلزمات والمتطلبات الصحية والخدمية التي يحتاج إليها مَن تعرضوا للإصابات بهذه المخلّفات.