رغم استمرار الحرب لشهرها الثاني، وسط رفض عربي وإسلامي قاطع للانتهاكات، دفعت إسرائيل بآلاف الجنود داخل عمق قطاع غزة، مع استمرار القصف المدفعي والغارات الجوية.
التغلغل الإسرائيلي داخل القطاع، تزامن مع محاولات غربية وأميركية لفرض هدنة إنسانية في القطاع المحاصر، حيث أعلن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، أن إسرائيل لن توافق على "هدنة مؤقتة" في حربها ضد حماس دون إطلاق سراح الرهائن الذين تحتجزهم الحركة في غزة.
تظل أزمة الرهائن معلقة وصداعًا مزمنًا في رأس "اليمين" المهيمن على الحكومة الإسرائيلية برئاسة بنيامين نتنياهو، كونها أحد أهم أوراق الضغط بيد الفصائل الفلسطينية وحماس، في حين تمارس إسرائيل نوعا من الفوقية في التعامل مع حماس واشتراطاتها بإطلاق سراح الرهائن قبل أي حديث عن هدنة لن تجدي نفعًا في هذه المرحلة، فهل سينجح الضغط بالوصل إلى معادلة مرضية في لعبة الاشتراطات بين إسرائيل وحماس التي تحتفظ وحدها بأكثر من 200 رهينة؟
الفشل المطلق
يقول الباحث التركي المتخصص في الشأن الدولي، فراس رضوان أوغلو، إن حكومة إسرائيل اليمينية خسرت مستقبلها السياسي بالكامل وفق استطلاعات الرأي ومؤشرات الأحداث الجارية، لا سيما، أنها جزء من منظومة دعائية "جيش لا يقهر" وبالتالي نتنياهو يعاني فشلًا مطلقًا في إحراز نصر مبين على حركة حماس والفصائل الفلسطينية، يقابل ذلك رغبة أكيدة في إحراز ما قد يطلق عليه "النصر التام" ممثلًا في "اللا تنازلات" واستعادة الرهائن أولًا قبل الهدنة، والقضاء على حماس والفصائل المسلحة وتهجير الفلسطينيين نحو الجنوب.
وأضاف فراس رضوان أوغلو، في تصريحات خاصة لـ"سكاي نيوز عربية"، أن الرهائن هي قضية الساعة في إسرائيل خاصة وأن أهالي الأسرى الإسرائيليين لدى حركة حماس أخذوا يصدرون لهم جوازات سفر أجنبية سعيا لدفع جهود الإفراج عنهم، بحسب ما أعلنت هيئة البث الإسرائيلية.
وفند أوغلو عددًا من المؤشرات التي تدل على فشل لعبة الاشتراطات الإسرائيلية لصالح حماس في مسألة الرهائن والهدنة.
- يتبنى المفاوض الإسرائيلي نظرية فاشلة تاريخيًا طوال عقود ضد العرب وهي"اغتنام الفطيرة دون منحك شطيرة".
- تبين للرأي العام الإسرائيلي فشل حكومة نتنياهو في الوصول إلى حل لأزمة الرهائن رغم مرور شهر.
- تداركت حركة حماس الخطأ الأول بالإعلان عن تعرضها لحياة بعض الرهائن مع استمرار القصف الإسرائيلي على غزة.
- أطلقت حماس سراح أسرى لدواع إنسانية وآخرين دون اشتراطات، ما أظهرها في موقف أقوى وأكسبها المزيد من التأييد.
إسرائيل لن تستجيب
رغم الاشتراطات الإسرائيلية أنه لا هدنة أو مساعدات إلا بالإفراج عن الرهائن، ذكرت مصادر فلسطينية ومصرية لصحيفة "هآرتس"، الأربعاء الماضي، أن مصر "تقترب" من الإعلان عن هدنة إنسانية في قطاع غزة مقابل الإفراج عن بعض الرهائن المحتجزين لدى حماس.
في سياق ذي صلة، يرى الباحث المتخصص في الشأن الدولي، أحمد سلطان، أن الجانب الإسرائيلي لن يستجيب للضغوط الدولية، لا سيما الأميركية، ولن يلتفت إلى الجهود العربية المبذولة لوقف إطلاق النار، لأنه يرى أن هذا بمثابة هزيمة استراتيجية وانتصار كبير لحركة حماس، وسيستمر في الحرب بدلالة تصريحات نتنياهو، وقادة الجيش، التي تؤكد أن الهدنة لن تتم قبل القضاء على حماس.
وقال أحمد سلطان في تصريحات خاصة لموقع "سكاي نيوز عربية"، إن هناك عقبات كبيرة تفرضها تل أبيب في سبيل الهدنة من بينها اشتراطات وضعتها على "رقبة" الجيش الإسرائيلي نفسه بالقضاء على حماس قضاءً مبرمًا؛ وهو أمر لن يتم. فالحركة لديها مواقع استراتيجية ومنصات عديدة وأغلبها سرية وسيستغرق الأمر شهورًا وربما سنوات، وهو ما ستعجز تل أبيب عن الاستمرار به نتيجة المقاومة والضغوط الدولية وأزمة الاقتصاد، فضلًا عن أصوات الضغط الداخلي الرافضة للحرب.
وأضاف سلطان، أن إسرائيل لديها استراتيجية خاصة للتعامل مع أزمة الرهائن في مقابل الهدنة:
- تنحية حكومة تل أبيب ورقة الرهائن جانبًا منذ 7 أكتوبر 2023.
- استعادة قوة الردع من جديد تظل الرغبة الأولى لدى قادة إسرائيل بدعم أميركي.
- تعتبر إسرائيل الاستسلام لضغوط حماس في مسألة الهدنة مقابل الرهائن أمرًا "مرفوضًا".
- تشير تقارير إلى أن الضوء الأخضر الأميركي والدعم الغربي الواسع لإسرائيل منذ أكثر من شهر، هو ما يمنحها الرفض للمبادلة السياسية "الرهائن مقابل الهدنة".
وفي وقت سابق أكد موقع "بوليتكو" الأميركي أن المسؤولين الإسرائيليين يبدون تفاؤلا حذرا بشأن الوصول إلى صفقة تبادل أسرى مع حركة حماس، رغم استمرار القتال بين الطرفين منذ نحو 36 يوما.