أنهت الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة المحاصر شهرها الأول، من دون أن يتحقق أي من الأهداف المعلنة التي وضعتها حكومة رئيس الوزراء، بنيامين نتنياهو، وفقما يرى خبراء في الشؤون الإسرائيلية.
وقال هؤلاء الخبراء إن شهرا من تصاعد القتال في قطاع غزة بين الجيش الإسرائيلي من جهة، وحركة حماس والفصائل الفلسطينية من جهة أخرى، لم يشهد تحقيق الأهداف التي أعلنت عنها إسرائيل، مثل القضاء على حكم حماس وتقويض قدراتها العسكرية واستعادة الأسرى من غزة.
وأوضح الخبراء أن كل فشل عسكري واستخباراتي لإسرائيل في حربها المستمرة بقطاع غزة ينعكس من جهة بشكل سلبي على الحكومة الاسرائيلية، ويصب في صالح حركة حماس من جهة أخرى.
"تراجع في أهداف إسرائيل"
ونقلت صحيفة "وول ستريت جورنال" عن مسؤول أمني إسرائيلي كبير أخيرا قوله إن هدف الجيش الإسرائيلي الرئيسي هو تدمير هيكل قيادة حماس في غزة، وبمجرد تحقيق ذلك فإن أفراد الحركة سيشكلون تهديدا أقل ويمكن هزيمتهم مع تطور الصراع من مرحلة القتال العنيف إلى مرحلة أقل حدة.
وأضافت الصحيفة أن بعض المسؤولين الإسرائيليين يعتقدون أن هزيمة حماس قد تستغرق ما يصل إلى عام.
لكن مسؤولا أمنيا كبيرا قال إن هناك قلقا في الجيش من أن تواجه حكومة نتنياهو ضغوطا متزايدة حتى من واشنطن للحد من القتال قبل تحقيق أهدافها الحربية.
"إسرائيل لم تحقق أهدافها"
ويقول الدكتور محمد صالح، أستاذ الدراسات العبرية والإسرائيلية ومدير مركز الدراسات الشرقية بجامعة القاهرة، إنه في بداية الهجوم الإسرائيلي على غزة، لم تعلن تل أبيب أي أهداف سياسية أو استراتيجية لعملية "لسيوف الحديدية" في القطاع.
ويضيف صالح في حديث خاص لموقع "سكاي نيوز عربية" أن إسرائيل "مارست القوة النارية والغطرسة المنفلتة بجنون لتضرب يمينا ويسارا دون تحقيق هدف محدد".
ويوضح أستاذ الدراسات العبرية وجهة نظره لتسلسل الأحداث في عدة نقاط:
- الهدف المحدد لإسرائيل هو القضاء على حماس، ثم أعلنت عن هدف آخر هو تغيير السلطة الحاكمة في غزة، وإبعاد حماس عنها.
- ظهرت بعد ذلك آراء حول تولي قوى دولية أو إقليمية أو السلطة الفلسطينية إدارة غزة.
- طالما ظلت الصواريخ تنطلق من غزة باتجاه إسرائيل، لا نستطيع أن نقول إن إسرائيل حققت أهدافها.
- ما فعلته إسرائيل هو هدم المنازل وضرب الأطفال والشيوخ والنساء، وهذا هو حيلة العاجز المنتقم.
- إسرائيل لديها جيش نظامي حاصل على تصنيف عالمي وعندما يقصف مدنيين ويقصف مناطق سكنية فإنه لا يحقق أهداف عسكرية على الاطلاق.
- إسرائيل تمارس سياسة "الحقل المهجور". تحرق وتقتل وتبيد دون تمييز بين مدني ومسلح، والهدف هنا أن تكون غزة غير صالح للمعيشة مستقبلا، مما يعني تهجير قسري للفلسطينيين.
تأثير عامل الوقت
"الوقت ليس في صالح إسرائيل نهائيا" هذا ما يؤكده الدكتور محمد صالح، موضحا أن الفلسطينيين في المقابل لن يخسروا أكثر مما خسروه في المواجهات، بعد تجاوز عدد الضحايا 10 آلاف نصفهم من الأطفال والنساء.
ويتابع الخبير في الشؤون الاسرائيلية أن الدعاية الإعلامية بأميركا وإسرائيل والغرب نجحت في البداية، إذ صوّرت أن إسرائيل "ضحية لممارسات دواعش حماس" وفق تصويرهم، ووصل ذلك إلى "دعاية حول ذبح الأطفال ورددها جو بايدن وشبكات إخبارية أخرى هذا الكلام، وتم نفي ذلك كله وتكذيبه".
ولفت إلى أن أثر هذه الدعاية تراجع مع مرور الوقت.
مستويات الفشل الإسرائيلي
من جهته، يقول خالد سعيد الكاتب والباحث في الشؤون الإسرائيلية إنه رغم مرور شهر على الحرب في غزة، إلا أن إسرائيل لم تحقق أيا مما اعتبرته أهدافها، المعلنة على لسان نتنياهو أو غالانت، وهي "إسقاط حماس واستعادة الرهائن".
وبحسب تقدير الخبير في الشؤون الإسرائيلية في حديثه لموقع "سكاي نيوز عربية"، فإن عدم تحقيق إسرائيل أهدافها المعلنة حتى الآن لا يعني سوى نجاح الفصائل الفلسطينية وعلى رأسها حماس.
ويحدد الباحث أكثر من مستوى لفشل إسرائيل في الحرب حتى الآن، وهي:
- فشل استخباري: تحقق عنصر المفاجأة بعملية طوفان الاقصى.
- فشل عسكري: الاستهتار بقدرات الفصائل الفلسطينية وقدرتها على المواجهة لفترة طويلة وصلت إلى شهر حتى الآن
- سقوط أسطورة صواريخ المنظومة الدفاعية الإسرائيلية مثل "حيتس" للمدى الطويل أو "المقلاع ديفيد" للمدى المتوسط أو "القبة الحديدية" للمدى القصير وأسطورة حاملة الجند "نمر" وأسطورة "الميركافا 4".
- فشل سياسي: عدم تقدير نتنياهو للموقف بشكل صحيح، فقبل 6 شهور، خلال إجراء التعديلات القضائية داخل إسرائيل اطلع على تقرير يفيد بأن حماس تعزز من قدراتها، لكنه استهان بذلك ولم يرتب أي إجراءات.
- فشل اقتصادي واجتماعي: لا توجد خطة لاستيعاب المستوطنين سواء من الشمال الإسرائيلي أو الجنوب من مستوطنات غلاف غزة.
عامل الوقت لصالح حماس، هذا ما يراه الخبير في الشؤون الاسرائيلية، موضحا أن تصاعد الحرب في غزة، ودخولها مرحلة حرب العصابات والشوارع التي تجيدها فصائل المقاومة سيكون في صالحها بشكل كبير.
ويضيف أن إسرائيل خرجت من غزة في 2005 ومن جنوب لبنان في 2000 دون تحقيق أي نجاح في حرب المدن التي تعتبر "مقبرة الجيوش النظامية".
ويلفت سعيد النظر إلى أنه لا يمكن توقع المدى الزمني لتوقف المواجهات، لكن عامل الوقت وتواصل المواجهات وثبات حماس والفصائل الفلسطينية سيضغط على إسرائيل ويدفعها لوقف إطلاق النار من جانبها.