أثار الخطاب الذي ألقاه الأمين العام لحزب الله، حسن نصر الله، الجمعة، بشأن الموقف من الحرب الدائرة بين إسرائيل وحركة حماس، تساؤلات بشأن تداعيات ذلك خلال الأيام المقبلة، بعد التحذير الأمريكي بألا يحاول حزب استغلال الصراع الدائر.
كان حسن نصر الله قد ألقى خطابا مساء الجمعة كان يتوقع الكثيرون أن يحدد بوصلة الحرب الحالية بين إسرائيل وحركة حماس التي تقترب من إكمال شهرها الأول.
لكنه لم يذهب إلى إعلان الحرب على إسرائيل وتوسيع نطاق العمليات المحدودة بين لبنان وإسرائيل منذ أسابيع.
تطور العمليات
وقال نصر الله إن "تطور الأمور في الجبهة الشمالية مرتبط بمسار وتطور الأحداث في غزة وسلوك العدو الصهيوني تجاه لبنان وأحذره من بعض التمادي الذي طال بعض المدنيين وهذا سيعيدنا إلى قاعدة المدني مقابل المدني".
وأشار إلى أن "المقاومة في لبنان تقوم بمعركة حقيقية منذ 8 أكتوبر الماضي، مختلفة عن كل المعارك التي خاضتها المقاومة في لبنان سواء في 2000 أو 2006".
واعتبر الأمين العام لحزب الله أن "الجبهة اللبنانية خففت جزءا كبيرا من القوات الإسرائيلية التي كانت ستسخر للهجوم على غزة، إذ أن ثلث قوات إسرائيل البرية متواجد عند الحدود اللبنانية ونصف القوات البحرية وربع القوات الجوية وما يقارب نصف الدفاع الصاروخي والقريب من الثلث من القوات اللوجستية موجه باتجاه جبهة لبنان".
وأوضح أن "التصعيد على الجبهة اللبنانية مغامرة ضمن الحسابات الصحيحة".
وعلق على التحذيرات الأمريكية من تدخله في الصراع قائلًا: "وصلتنا رسائل بأن أمريكا ستقصف إيران إذا واصلنا عملياتنا في الجنوب، وأقول لهم إن هذه التهديدات لن تخيفنا ونقول لكم إن أساطيلكم التي تهددونا بها نحن مستعدون لها".
موقف واشنطن
وقال البيت الأبيض في تعليقه على خطاب نصر الله إنه "على حزب الله ألا يحاول استغلال الصراع، إذ أن الولايات المتحدة لا تريد أن ترى هذا الصراع يمتد إلى لبنان".
وبدا من التعليق الأميركي أن واشنطن وصلتها الرسالة بأن حزب الله لا يرغب حاليا في التصعيد.
ومن واشنطن، يرى الباحث الأميركي المتخصص في شؤون الأمن القومي سكوت مورغان، في حديث لموقع "سكاي نيوز عربية"، أن الولايات المتحدة ركزت جهودها خلال الأسابيع الماضية، وكذلك في جولات وزير الخارجية أنتوني بلينكن، على منع التصعيد في المنطقة وخاصة على الجبهة اللبنانية.
وأوضح "مورغان" أن إدارة بايدن قد تبدو "مطمئنة ومسرورة" الآن لعدم دخول حزب الله في المعركة بشكل مباشر؛ استنادًا إلى خطاب نصر الله الذي لم يُعلن الحرب على إسرائيل، أو رغبته في توسيع نطاق الاشتباك عما يجري الآن من عمل محدود على الحدود.
وأشار الباحث الأميركي إلى دلالة مهمة في خطاب نصر الله، بتأكيده على أن حزب الله أو إيران لم يكن لديهما علم أو مشاركة في هجوم حماس في 7 أكتوبر الماضي؛ تأكيدًا لتقارير أمريكية تطرقت إلى ذلك.
التمركز الأميركي
وعن تداعيات موقف حزب الله من الصراع الراهن، قال نائب مساعد وزير الدفاع الأميركي السابق لشؤون الشرق الأوسط مايك ملروي، في حديث لموقع "سكاي نيوز عربية"، إنه "إذا دخل حزب الله الحرب ضد إسرائيل، وقام بفتح جبهة أخرى للحرب، فعليه أن يُدرك أن الولايات المتحدة لم ترسل اثنين من مجموعات حاملة الطائرات الضاربة إلى شرق البحر المتوسط، للعرض فقط، إذ تتواجد هناك لدعم إسرائيل إذا لزم الأمر، وما يقوم به حزب الله حالياً سيساهم في تشغيل تلك الآليات لصد تهديداته".
وعززت الولايات المتحدة قواتها البحرية في شرق البحر الأبيض المتوسط في خطوة أظهرت الدعم لإسرائيل، إذ انضمت حاملة الطائرات "يو اس اس أيزنهاور" ومجموعة السفن الحربية التابعة لها إلى الحاملة "جيرالد فورد" التي سبق وأن تم نشرها في المنطقة في أعقاب هجوم حماس يوم 7 أكتوبر الماضي، كما أعلن "البنتاغون"، إرسال أنظمة دفاع جوي إضافية في الشرق الأوسط.
وأوضح "ملروي" الذي سبق أن عمل في وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية (سي آي إيه)، أن واشنطن ستتخذ خطوات إضافية بنشر المزيد من القوات في الشرق الأوسط "لكنهم لن يتخذوا أي إجراءات ما لم يشن حزب الله الهجوم الكامل على إسرائيل، وإعلان إسرائيل أنها بحاجة إلى المساعدة".
ولفت إلى أن "الجيش الإسرائيلي وضع قواته للقتال على الجبهتين، سواء في غزة أو على الحدود اللبنانية، ولا أعتقد أن الجيش الإسرائيلي سيعدل عملياته في غزة على أساس بدء حزب الله جبهة أخرى في الشمال".
وبشأن عواقب تفاقم الصراع الراهن، أشار المسؤول العسكري الأمريكي السابق، إلى أن "الصراع الإقليمي الحالي من شأنه أن يزعزع استقرار المنطقة، ويضر بالاقتصادات، ويؤدي إلى سقوط الكثير من الضحايا بين المدنيين، ومن المرجح ألا يحل أيا من القضايا الأساسية".