أزال رجال إنقاذ فلسطينيون في وقت مبكر من صباح الأربعاء، الركام في موقع ضربة جوية نفذتها إسرائيل خلال الليل على غزة لتظهر أمامهم شيئا فشيئا رأس وذراع بلا حراك لشخص يمثل أحدث قتلى القصف الذي أودى بحياة أكثر من 8 آلاف فلسطيني منذ اندلاع الحرب.
وعندما أزال رجال الإنقاذ المزيد من الأنقاض، ظهر باقي الجثة التي تعود لرجل من عائلة نصر التي تعرض منزلها في مدينة خان يونس جنوبي قطاع غزة للقصف في وقت مبكر من يوم الأربعاء.
تقول وكالة "رويترز"، نقلا عن السكان، إن 9 أشخاص قتلوا في القصف.
وروى جار للعائلة يدعى إياد العتيلي: "مات جيراننا. في كل مكان تنظر إليه ترى شهيدا".
وأضاف أن الضربة أيقظته في الساعة الثانية صباحا قبل أن يتمكن من الفرار مع زوجته وطفله من المنزل وسط دخان كثيف.
وقالت السلطات الصحية في القطاع، الذي تسيطر عليه حركة حماس، إن هجوم إسرائيل المتصاعد أدى إلى مقتل نحو 8800 فلسطيني، بينهم أكثر من 3500 طفل، معظمهم بسبب الضربات الجوية والمدفعية مثل تلك التي أصابت منزل عائلة نصر.
الجيش الإسرائيلي من جانبه قال إنه على الرغم من أنه طلب من المدنيين الانتقال جنوبا، فإنه سيضرب أي هدف لحماس في جميع أنحاء القطاع مع اتخاذ الاحتياطات الممكنة للتخفيف من الضرر.
وجاء الهجوم ردا على هجوم شنه مقاتلو حماس في السابع من أكتوبر، تقول إسرائيل إنه أودى بحياة 1400 شخص وخُطف خلاله 240.
وأصبح الهجوم يشتمل الآن على اجتياح بري من المتوقع أن يؤدي إلى مزيد من العنف.
وأصبحت المستشفيات المكتظة التي تفتقر إلى الكهرباء والأدوية ترفض استقبال الجرحى وأصبح حفارو القبور لا يجدون أماكن لدفن الموتى.
ويوم الثلاثاء، قتلت ضربة إسرائيلية في مخيم جباليا للاجئين في شمال غزة العشرات حسبما قالت السلطات الصحية.
صمت وبكاء في عائلة نصر
وفي المشرحة بخان يونس، حيث نُقلت جثث عائلة نصر التي قتلت في مكان آخر من المدينة، وقفت مجموعة من الرجال والأطفال يتطلعون للمشهد بينما كانت سيارات الإسعاف تحضر المزيد من القتلى.
رُفعت الجثث على المحفات ونُقلت إلى المشرحة.
وكان صبي صغير واقفا في صمت ينظر من خلال قضبان سور.
وفي الداخل، أزال العمال ما على الجثث من أتربة ودماء قبل وضعها في أكفان بيضاء لنقلها للدفن.
وكان هناك أربعة أطفال من بين 15 جثة في الداخل صباح الأربعاء.
وقال طبيب رفض نشر اسمه: "كل يوم هناك قتلى، وفي كل يوم بينهم أطفال أو نساء".
عربات بدائية سيارات إسعاف
وقطعت إسرائيل الكهرباء والمياه والوقود عن غزة، ولا تصل سوى كميات ضئيلة للغاية من الغذاء والدواء عبر معبر رفح مع مصر.
وبسبب نقص البنزين، يستخدم الكثير من الناس عربات تجرها الدواب كسيارات إسعاف مؤقتة.
وفي خان يونس، كانت فريدة أبو عزم تأخذ زوجها إلى المستشفى لتلقي العلاج من السرطان.
وقالت: "هذه هي وسيلة النقل الوحيدة لدينا الآن".
وعلى جانب الطريق وقفت السيارات وسيارات الأجرة يغطي سطحها الغبار.
وقال صاحب عربة تجرها الدواب يدعى، أكرم القرا، إنه يسير في طريق منتظم من وسط مدينة خان يونس إلى المستشفى.
وأضاف أنه يتقاضى شيقلا واحدا عن كل راكب.
المستشفيات كاملة العدد
لا يستطيع كثير من المصابين العثور على مكان في المستشفيات.
ويتعين على المحظوظين الذين يجدون سريرا المغادرة قبل شفائهم.
وقال مدير مستشفى الصداقة التركي في شمال غزة، والذي يعالج في الغالب مرضى السرطان، الأربعاء، إن المستشفى خرج من الخدمة بسبب نقص الوقود.
قصة ماجد وأخيه
وفي ملجأ للنازحين في مدرسة تابعة للأمم المتحدة بخان يونس، وقفت سلوى النجار بجانب سرير ابنها ماجد، تمسح وجهه.
وقالت إنه لا يمكنه تحريك رأسه بعد إصابته في القصف الإسرائيلي عندما ذهب مع شقيقه لرعي قطيع العائلة الصغير من الأغنام.
وقتل شقيق ماجد، وصرخت عندما أتاها الخبر.
كان ابن عمهما قد نقلهما إلى مستشفى الهلال الأحمر في خان يونس، كبرى مدن الجزء الجنوبي من قطاع غزة.
لكن أبلغها القائمون على المستشفى بعدم توفر مكان.
وقالت سلوى النجار التي انتفخ وجهها من شدة البكاء "أين يذهب الناس؟".
وفي الفصل الدراسي الذي يرقد فيه ماجد والذي تحول إلى جناح مستشفى مؤقت لاستقبال الجرحى، يرقد المرضى على أسرة، ولكن ندون مساعدة طبية مناسبة.
وفي مستشفى ناصر، قال المدير ناهض أبو طعيمة إنهم يرفضون استقبال المصابين حتى الذين يحتاجون إلى تدخل طبي عاجل.
وأضاف: "مستشفيات غزة مكتظة بالمصابين الذين يملأون أسرة المستشفى".
ومضى قائلا إن المصابين الذين يحتاجون إلى إجراء عمليات جراحية متقدمة "لا يمكن مساعدتهم هنا".