تتوالى التحذيرات حول العالم من مغبة انفلات الأوضاع في منطقة الشرق الأوسط، واندلاع حرب إقليمية وربما دولية على وقع المواجهة المتواصلة التي دخلت أسبوعها الرابع بين إسرائيل وحماس، إثر الهجوم الواسع الذي نفذته الحركة في 7 أكتوبر الجاري.
وفي أخطرها جاء تحذير الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، الأخير من أن الصراع بين إسرائيل والفلسطينيين قد يتخطى حدود منطقة الشرق الأوسط.
تفاصيل التحذير
وأدلى بوتين بهذه التصريحات في اجتماع في الكرملين مع زعماء دينيين روس من عقائد مختلفة، قال فيها :"إن من الخطأ معاقبة نساء وأطفال وشيوخ أبرياء في غزة بسبب جرائم اقترفها أشخاص آخرون".
وشدد على أن "إراقة الدماء في المنطقة لا بد أن تتوقف"، مضيفا أنه "أبلغ زعماء العالم في مكالمات هاتفية بأنه إذا لم يحدث ذلك، فقد يندلع صراع أوسع نطاقا بكثير".
وتابع بوتين: "مهمتنا اليوم، مهمتنا الرئيسية، هي وقف إراقة الدماء والعنف، وإلا سيكون مزيد من تصعيد الأزمة محفوفا بعواقب وخيمة وشديدة الخطورة والدمار، ليس فقط لمنطقة الشرق الأوسط. بل قد يمتد الأمر ليتخطى حدود تلك المنطقة".
تهويل أم تشخيص واقع ؟
ويرى مراقبون أن تحذير سيد الكرملين في محله تماما، ويعبر عن مدى خطورة ما يحصل، وما قد يجره من حرب تتورط فيها قوى إقليمية وعالمية كبرى.
في المقابل، يرى آخرون أن الصراع في حقيقة الأمر محصور في نطاق عملياتي جغرافي ضيق، وأن فرص اتساع رقعة الحرب لبقية دول المنطقة والعالم تبدو ضئيلة للغاية.
ويعتقدون أن ما يبرز من تباين في الموقفين الروسي والأميركي من الأزمة هو انعكاس مفهوم وطبيعي للصراع المحتدم بين الجانبين ولا سيما بعد اندلاع حرب أوكرانيا في 24 فبراير 2022، وما خلفته من عقوبات غربية على موسكو وتدهور خطير في العلاقات الروسية الأميركية والغربية عامة.
يقول الباحث والخبير الروسي في العلاقات الدولية، تيمور دويدار، في حديث لموقع "سكاي نيوز عربية":
- في موسكو لا يتم النظر لما يحصل على أنه صراع ثنائي بين إسرائيل وحماس فقط، بل هو صراع معقد وخطير مرشح للاتساع والانفجار والتحول لحرب إقليمية كبرى، تشترك فيها دول الجوار الإسرائيلي العربية وخصوصا لبنان وسوريا فضلا عن إيران.
- لهذا فروسيا اتخذت إجراءات عسكرية واستخباراتية تحسبا، وهي تعكف على دراسة الوضع ومراقبته عن كثب، والتحوط لكافة الاحتمالات المفتوحة والتي تنذر بصراع متشعب وطويل الأمد وقابل للتمدد شرقا وغربا.
- لا ننسى أيضا مصالح الصين الحيوية في المنطقة واستثماراتها الطائلة فيها، ولهذا ففي حال تطور الصراع وتفجره على نطاق واسع، فإن بكين وموسكو معنيتان تماما به، ولن تقفا مكتوفتي اليدين حيال حريق مدمر على تخومهما، وفي عقر فضاءهما الحيوي والاستراتيجي.
- وفي هذا السياق يجب قراءة تحذير بوتين، فنحن بالفعل على حافة هاوية خطيرة لا تقل عن خطورة أزمة أوكرانيا والصدام الروسي الغربي حولها، ولهذا فالأمر يؤخذ على محمل الجد في موسكو وفي إطار زاوية أوسع بكثير مما تعتقده العواصم الغربية .
بدوره، يقول الكاتب والمحلل السياسي، جمال آريز، في حديث لموقع "سكاي نيوز عربية":
- رغم كونه في محله لكن هذا التحذير ينطوي كذلك على بعض المبالغة، حيث صحيح أن الشرق الأوسط هي منطقة استراتيجية بالغة الأهمية في المعادلات الدولية، لكن الصراع الدائر حاليا هو في نطاقه الإقليمي حصرا، رغم الدعم الغربي لإسرائيل، والمواقف الأقرب للفلسطينيين كما هي حال موقفي الصين وروسيا مثلا.
- والواضح أن خلاف موسكو وبكين حول حرب غزة مع عواصم الغرب، هو جزء من التنافس والتزاحم المعهود بين الطرفين على وقع الخلافات التقليدية بينهما، في سياق الصراع على النفوذ والسيطرة حول العالم، والذي احتدم أكثر على خلفية حرب أوكرانيا والدعم الغربي لكييف.
- ولهذا فالتهويل النسبي هنا ينطوي على رسائل توجهها موسكو لواشنطن وهي بمثابة رد على ما تعتبره تهويلا غربيا لأزمة أوكرانيا وصبا للزيت على نارها من قبل الغرب وحلف الناتو.