بعد مرور 20 يوما على القصف الجوي المتواصل الذي يشنه الجيش الإسرائيلي على قطاع غزة، كشفت تقارير إسرائيلية ومراكز بحثية أميركية عن الخطوط العريضة لأهداف الحرب الإسرائيلية، والتي يأتي على رأسها تدمير القدرات العسكرية لحركة حماس وإنهاء سيطرتها على القطاع، في حين كانت التساؤلات عن شكل إدارة القطاع في مرحلة ما بعد انتهاء الحرب الراهنة.
ووضع معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى، في تقرير أصدره عن الصراع الراهن، ما وصفه لـ"المبادئ العامة" التي تنتهجها إسرائيل في حربها الحالية، حيث تسعى إلى إنهاء سيطرة "حماس" على غزة بشكل قاطع، باعتبار أن هذه هي النتيجة الوحيدة التي ستمنع نهوض قادة الحركة من تحت أنقاض الحرب لإعلان النصر بمجرد صمودهم في وجه قوة إسرائيل.
وتتضمن تلك المبادئ الإسرائيلية 3 محاور رئيسية، تشمل:
- ضمان عدم قدرة "حماس" على شن هجمات في المستقبل.
- استعادة ثقة الإسرائيليين بقدرة حكومتهم وجيشهم على توفير الأمن لهم.
- إعادة تأسيس قوة الردع الإسرائيلية بنظر الأصدقاء والخصوم في جميع أنحاء الشرق الأوسط.
وتطرق التقرير إلى ملامح الإدارة المؤقتة للقطاع المكتظ بالسكان الذين يبلغ عددهم قرابة 2.5 مليون شخص، ويعاني من أزمة إنسانية فادحة الآن، إذ ذكر معهد واشنطن أن "الإدارة المؤقتة المقترحة في غزة" يجب أن تقوم على ثلاث ركائز أساسية، تتضمن:
- إدارة مدنية للقطاع.
- وجهاز للسلامة العامة وإنفاذ القانون.
- وتحالف دولي لإعادة الإعمار والتنمية.
وبحسب وزارة الأشغال والإسكان في غزة، فإن القصف الجوي الإسرائيلي تسبب في تدمير نحو 200 ألف وحدة سكنية ما بين تدمير كلي وجزئي، وهو ما يمثل أكثر من 25 بالمئة من المناطق المأهولة في القطاع.
سياسات إسرائيلية
من جانبه، نشر معهد "الحرب الحديثة" الأميركي المتخصص في الشؤون العسكرية، تحليلا للسياسات الإسرائيلية لمرحلة ما بعد انتهاء الحرب في قطاع غزة، قائلا إنه "بالنظر إلى الهدف المعلن المتمثل في تدمير حماس، يجب على كل من الحكومة والجيش الإسرائيلي النظر في كيفية انتهاء الحرب وكذلك كيفية إدارتها".
وحدد الأهداف الاستراتيجية للعمليات في غزة في عدد من النقاط، تشمل:
- غزة مستقرة، مع حكومة واسعة تنبذ استخدام القوة لتهديد إسرائيل أو الشعب الإسرائيلي.
- حماية إسرائيل من التهديدات والهجمات في غزة مستقبلا، مع جمع المعلومات الاستخباراتية حول الإرهاب الإقليمي والعالمي.
- النتائج التي ستتحقق في غزة يمكن الاستفادة منها لإقناع دول أخرى في المنطقة على وقف الدعم للجماعات المسلحة.
- استعادة التواصل إلى التطبيع مع دول مجاورة، وتوسيع اتفاقات السلام.
- في نهاية العمليات في غزة، يجب أن تكون جهود إعادة الإعمار تحت سيطرة الأمم المتحدة، من خلال ممثل مدني خاص للأمين العام.
- إجراء انتخابات على مستوى غزة لتشكيل حكومة تمثل حقا شعب غزة ومصالحه.
وشدد معهد "الحرب الحديثة" الأميركي، على أن القيام بهذه الحرب على أنها مجرد "حملة عقابية"، وتدمير حماس ثم مغادرة غزة لاحقًا، لن يخدم سياسة الولايات المتحدة أو الحكومات الإسرائيلية، بل يجب أن تهيئ النتيجة النهائية لهذه العمليات الظروف اللازمة لإحلال سلام أفضل في المنطقة.
بنك أهداف
داخلياً في تل أبيب، ووفق صحيفة "يديعوت أحرونوت"، فإن مجلس الحرب الإسرائيلي وضع 5 أهداف استراتيجية تسعى الحكومة لتحقيقها على المدى المتوسط في إنهاء القتال في غزة، وتشمل:
أولا: تجريد القطاع بأكمله من السلاح، ووضع ترتيبات وآليات لضمان ذلك.
ثانيا: العمل على أن تكون الحكومة في غزة "مدنية وليست أيديولوجية قائمة على أساس ديني"، في حين يحصل القطاع على ميناء بمياه عميقة سيتم تشغيله تحت إشراف أمني.
ثالثا: إنشاء نظام متكامل للإنذار والحماية على الحدود يوفر الأمن لمواطنيها في حال عدم استيفاء الشروط المطلوبة في قطاع غزة أو انتهاكها، كما تشمل الترتيبات الأمنية محيطا أمنيا يتراوح عرضه بين كيلومتر وثلاثة كيلومترات، ولن يسمح لسكان غزة بالدخول إليه من دون إذن خاص.
رابعا: لن يبقى الجيش الإسرائيلي في غزة لفترة طويلة تتجاوز ما هو ضروري لتحقيق الأهداف الفورية للقتال، وتمكين تشكيل حكومة بديلة في قطاع غزة.
خامسا: تأخذ إسرائيل في الاعتبار المصالح والاعتبارات الاستراتيجية العالمية للولايات المتحدة والاعتبارات السياسية الداخلية، والمصالح الاستراتيجية للدول التي تربطها بها اتفاقيات سلام وعلاقات دبلوماسية.
هل تنجح تل أبيب؟
بدوره، يقول نائب مساعد وزير الدفاع الأميركي السابق لشؤون الشرق الأوسط مايك ملروي، في حديث خاص لموقع "سكاي نيوز عربية"، إن مجلس الحرب الإسرائيلي يرغب على الأرجح في تدمير حماس سياسيا وعسكريا، وإعادة السلطة الفلسطينية مرة أخرى للسلطة في القطاع.
وأضاف: "أعتقد أيضا أن إسرائيل تريد الوصول المباشر والمستمر كما تفعل في الضفة الغربية"، بيد أن الولايات المتحدة ستحافظ على سياستها بشأن حل الدولتين.
وبشأن إمكانية تحقيق الحكومة الإسرائيلي لخططها، قال ملروي إنه "إذا كانت الحكومة الإسرائيلية مستعدة لإبقاء الجيش الإسرائيلي في غزة لعدة أشهر، وربما لمدة عام مع تكبد خسائر كبيرة، فيمكنها تدمير حماس عسكريا".
لكنه عاد للتأكيد أن "الأمر لن يكون سهلا على الإطلاق"، ضاربا المثل بالعراق الذي نجح في استعادة الموصل من داعش في عام 2016، بعد أشهر طويلة من القتال.